ظاهرة الفساد الإداري في العراق أسبابها وطرق معالجتها
الثلاثاء, آب 4, 2015
راجي العوادي
المقدمة ورث العراق منذ زمن النظام السابق والى عهدنا هذا عدة أزمات كالبطالة والسكن والفساد الإداري الذي بات ينخر في جسم الدولة بعد ان نمى واستشرى واشتد عوده فيها بحيث أصبح معوقا للسياسات التنموية المطلوبة للنهوض بواقع الدولة وبناء مؤسساتها مما يتطلب من الكل مسئولين ومواطنين لمكافحة هذا السرطان الخطير ومواجهته بكل الوسائل والطرق . المفهوم هناك أراء عدة لمفهوم الفساد الإداري لنأخذ أبرزها : 1. فقدان السلطة وإضعاف فاعلية الأجهزة الحكومية حتى الانتهاء بأهداف منحرفة لا تتطابق مع القانون والعرف والدين (1). 2. الانحراف عن قواعد العمل الملتزمة لالحاق الضرر بالمصالح العامة والتاثيرالغيرمشروع في قرارات العامة للدولة (2) 3. السلوك المنحرف عن الواجبات الرسمية لاعتبارات خاصة كالإطماع المالية والمكاسب الاجتماعية وارتكاب مخالفات ضد القوانين المرعية بدفع (الرشوة) إلى الموظفين في الحكومة لتسهيل عقد الصفقات وتسهيل الأمور لرجال الأعمال والشركات المحلية والأجنبية. 4. استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق (المحسوبية والمنسوبية) أو سرقة أموال الدولة مباشرةً (وضع اليد على المال العام) والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصهار والأقارب في الجهاز الوظيفي. الأسباب ضروري ان نحصر أسباب الفساد الإداري لنتمكن بعد ذلك من وضع الحلول والمعالجات لمطلوبة وابرز الأسباب هي الأتي : · ضعف القيم والمبادئ والأخلاق والواعز الديني عند الكثير من الموظفين حيث بعضهم عاش هذا الموقف ومارس الفساد وتمهر في أداءه زمن النظام السابق وهناك موظفون جدد جاءت بهم الظروف الحالية بعضهم غير مؤهل للخدمة الوطنية فكرسوا جهودهم لخدمة مصالحهم الشخصية . · المحاصصة الطائفية والعرقية التي كرست في البلاد وانعكست أثارها على أجهزة ومؤسسات الدولة بحيث أصيح هؤلاء الفاسدون يحظون بتستر كياناتهم وأحزابهم لهم من سلطة القانون بما اضر بالمصلحة الوطنية . · الاضطراب الهيكلي في أجهزة الدولة وغياب العدالة في توزيع الثروة على المواطنين مما خلف تباين في طبقات المجتمع خاصة بمسالة الرواتب والأجور وهذه الحالة كانت سائدة في زمن النظام السابق بحيث يمنح عضو الفرع والدرجات القيادية بعده مكافئات مالية كبيرة ويتمتعون بسلع وخدمات مجانية . · ضعف الإجراءات والعقوبات الرادعة بحق المفسدين والتهاون من قبل القيادات الإدارية الفاسدة ساعد على انتشار مرض الفساد الإداري في الحلقات الدنيا عن طريق التقليد والمحاكاة للقيادات العليا ، وكلنا يعرف الفساد الذي نتج من وزراء وموظفين كبار كالشعلان والسامرائي وألان هم أحرار يتنعمون بمال السرقة في بلدان الغرب دون حتى مطالبة قضائية باستقدامهم للخضوع الى سلطة القانون والعدالة . · التضارب بين الصلاحيات في مؤسسات الدولة فعلى سبيل المثال تضارب الصلاحيات بين مجالس المحافظات والمجالس البلدية وبعض الوزارات، وهذا يتطلب إلى أعادة تسمية الصلاحيات وتقسيمها(3). · ان المؤسسات العراقية هي مؤسسات فتية تشكلت بعد الحرب الأخيرة وهي بذلك غير ناضجة بما فية الكفاية، الامر الذي ادى الى استشراء الفساد فيها (4). · الصلاحيات المطلقة الممنوحة الى مجالس المحافظات والمجالس البلدية. وهنا تطرح جملة من التسألات هي كالأتي ما هذة الصلاحيات المالية المطلقة ؟ وهل يجوز ذلك ؟ وهل هذا ما تتطلبه اللامركزية الإدارية ؟ وهل منح الصلاحيات المطلقة يتلاءم مع اللامركزية ؟ (5) · بروز حالات وعلاقات اجتماعية بين مجموعة من الموظفين الفاسدين والقطاع الخاص الذي اشترى ضمائر هؤلاء لمنفعته الشخصية على حساب المصلحة العامة . · ضعف أجهزة الرقابة الداخلية وارتباطها بنفس مؤسسة الدائرة المعنية فكيف موظف ان يحاسب مرؤوسه ؟ في حالة حصول انحراف وظيفي وحتى دوائر المفتش العام هي مرتبطة بنفس الوزارة وهذا يجعل من الصعوبة بمكان ان يحاسب المفتش بشكل مريح دائرته ومرؤوسيه . · التوسعات السريعة والكبيرة التي شملت أجهزة الدولة وخاصة المؤسسات العسكرية من الجيش والشرطة والتخصصات الكبيرة ساعدت بشكل وأخر ان تكون فرصة للمفسدين للعمل لكثرة المال ؟ · الجهل والتخلف والبطالة يشكل عامل حاسم في تفشي ظاهرة الفساد ذلك أن قلة الوعي الحضاري صفة ملازمة أو ملتزمة بالرشوة. كما أن ضعف الأجور والرواتب تتناسب طردياً مع ازدياد ظاهرة (6). · النظام الدكتاتوري السابق وضعف الممارسة الديمقراطية وحرية المشاركة أسهم في تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي سابقا وحاضرا حيث ان الاستبداد السياسي والدكتاتورية يسهم بشكل مباشر في تنامي هذه الظاهرة لان القرارات تصبح متسلطة بعيدة عن الشفافية فقد كانت المؤسسة العسكرية تعاني من الرشوة وانتقل هذا المرض الى الوضع الراهن كما كانت ظاهرة الفساد عملية منظمة آنذاك شملت مبيعات النفط مقابل الغذاء وما مسالة تهريب النفط عبر الموانئ ما هي الا ظاهرة لها جذورها المتأصلة سابقا · غياب دولة المؤسسات السياسية والقانونية والدستورية وعند هذا المستوى تظهر حالة غياب الحافز الذاتي لمحاربة الفساد في ظل غياب دولة المؤسسات وسلطة القانون والتشريعات تحت وطأة التهديد بالقتل والاختطاف والتهميش والإقصاء الوظيفي. · قلة الوعي وعدم معرفة الآليات والنظم الإدارية التي تتم من خلالها ممارسة السلطة وهو أمر يتعلق بعامل الخبرة والكفاءة لإدارة شؤون الدولة حيث هناك علاقة عكسية بين الوعي وظاهرة الفساد الإداري . · عدم استقلالية القضاء وهو أمرمرتبط أيضاً بمبدأ الفصل بين السلطات إذ يلاحظ في معظم البلدان المتقدمة والديمقراطية استقلالية القضاء عن عمل وأداء النظام السياسي وهو ما يعطي أبعاداً أوسع فعالية للحكومة أو النظام السياسي تتمثل بالحكم الصالح والرشيد، فاستقلالية القضاء مبدأ ضروري وهام يستمد أهميته من وجود سلطة قضائية مستقلة نزيهة تمارس عملها بشكل عادل وتمتلك سلطة رادعة تمارسها على عموم المجتمع دون تمييز. · غياب الفعالية الاقتصادية في الدولة ذلك أن اغلب العمليات الاقتصادية هي عبارة عن صفقات تجارية مشبوهة أو ناتجة عن عمليات سمسرة يحتل الفساد المالي فيها حيزاً واسعاً، وهو ما سينعكس بصورة أو بأخرى على مستوى وبنية الاقتصاد الوطني، إذ ستؤثر هذه العمليات على مدى سير عملية تنفيذ المشاريع (7) · ثقافة الفرهود التي أوجدها المحتل منذ اول يوم لاحتلاله العراق حيث سمح للسراق بنهب ممتلكات العامة للدولة عموما ما عدا وزارة النفط ثم تتابع الامر بتعين مشرفين أجانب على الوزارات كان لهم دور واضح في نشر الفساد بل قيام هؤلاء أنفسهم بسرقات كبيرة من الأموال العراقية . الاثارالاقتصادية للفساد الاداري يمكن رصد بعض الآثار الاقتصادية المتعلقة بتلك الظاهرة نوجز منها:- 1. يساهم الفساد في تدني كفاءة الاستثمار العام وأضعاف مستوى الجودة في البنية التحية العامة وذلك بسبب الرشاوى التي تحد من الموارد المخصصة للاستثمار وتسيء توجيهها أو تزيد من كلفتها خاصة في قطاع الأعمار حيث تؤخذ المقاولة بمبالغ خيالية ثم تتحول الى سلسلة لمقاولات ثانوية أخرها يكون بمبلغ زهيد وبتنفيذ رديء جدا وتقبل من قبل اللجان الفنية وبدافع الرشوة أيضا . 2. للفساد أثر مباشر في حجم ونوعية موارد الاستثمار الأجنبي، ففي الوقت الذي تسعى فيه البلدان النامية إلى استقطاب موارد الاستثمار الأجنبي لما تنطوي عليه هذه الاستثمارات من إمكانات نقل المهارات والتكنولوجيا، فقد أثبتت الدراسات أن الفساد يضعف هذه التدفقات الاستثمارية وقد يعطلها مما يمكن أن يسهم في تدني إنتاجية الضرائب وبالتالي تراجع مؤشرات التنمية البشرية خاصةً فيما يتعلق بمؤشرات التعليم والصحة وباقي الخدمات. 3. يرتبط الفساد بتردي حالة توزيع الدخل والثروة، من خلال استغلال أصحاب النفوذ لمواقعهم المميزة في المجتمع وفي النظام السياسي، مما يتيح لهم الاستئثار بالجانب الأكبر من المنافع الاقتصادية التي يقدمها النظام بالإضافة إلى قدرتهم على مراكمة الأصول بصفة مستمرة مما يؤدي إلى توسيع الفجوة بين هذه النخبة وبقية أفراد المجتمع. كما يمكن لظاهرة الفساد أن تنمو وتتزايد بفعل عوامل اجتماعية ضاربة في بنية وتكوين المجتمعات البشرية ونسق القيم السائدة، إذ تلعب العادات والتقاليد الاجتماعية وسريانها دوراً في نمو هذه الظاهرة أو اقتلاعها من جذورها وهذه العادات والتقاليد مرتبطة أيضاً بالعلاقات القبلية السائدة في المجتمع كما أن التنظيم الإداري والمؤسسي له دور بارز في تقويم ظاهرة الفساد من خلال العمل على تفعيل النظام الإداري ووضع ضوابط مناسبة لعمل هذا النظام وتقوية الإطار المؤسسي المرتبط بخلق تعاون وتفاعل ايجابي بين الفرد والمجتمع والفرد والدولة استناداً إلى علاقة جدلية تربط بينهما على أساس ايجابي بناء يسهم في تنمية وخدمة المجتمع. المعالجات ولمحاربة الفساد الإداري والمالي أو تحجيمه على اقل تقدير يتطلب من الحكومة اتخاذ الإجراءات التالية : · تشكيل لجاناً ذات خبرات فنية وإدارية ومالية لتوقيع عقود الأعمار لما تشكله هذه العقود من أهمية كبيرة لإعادة الأعمار وبناء العراق والحفاظ على ثرواته(8). · السيطرة على حالات الفساد الإداري من خلال تشكيل لجان تشارك فيها كل من اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء واللجان المختصة بإعادة الأعمار ، ووزارات المالية والتخطيط بالإضافة الى عضوية كل من مجالس المحافظات والمجالس البلدية فيها وحسب نوع العقد. · اكتشاف الأخطاء والممارسات المنحرفة حال وقوعها لمعالجتها فورا . · تقيم أداء العاملين في القطاع العام للوقوف على كفاءتهم ونزاهتهم في كافة المستويات الوظيفية (9). · تشجيع الرقابة الداخلية في مؤسسات الدولة وفك ارتباطها الإداري من الدائرة المعنية وربطها بهيئة ديوان الرقابة المالية . · تقديم التقارير لموازنات الصرف وإجراء التدقيق وإبداء الملاحظات حول ذلك . · تشجيع الرقابة الشعبية ورقابة التنظيمات السياسية والمنظمات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني . · تشجيع الرقابة من قبل الصحافة والإذاعة والأخذ بآرائهم المطروحة. · ان يقوم مجلس النواب ومجالس البلديات بفرض رقابة صارمة وتفقد سير مرافق الدولة وإبداء الملاحظات ورفع التقارير والتوصيات بشان ذلك . · الاهتمام بإجراء دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية لاي مشروع منوي إقامته . · الاعتماد على كوادر وظيفية لهم خبرة في القرارات الخاصة بالاستثمار بعد الاطلاع على سيرهم الذاتية . · كشف اللثام الى الشعب العراقي عن شخصيات وخلفيات الفساد الإداري ومن يقف خلفه وضرورة التشهير بهم كأبسط عقوبة لهم بعد أكمال التحقيقات الأولية والثانوية للمقبوض عليهم بتلك التهم وإدانتهم بذلك ، أننا نشهد عمليات فساد كبيرة ومنظمة كسرقة النفط الخام او الأسماء الوهمية لموظفين في أجهزة الدولة ولكن هذه الجرائم والتهم لازال الفاعلين لها في طي الكتمان . · امكانية أجراء تنقلات دورية بين الموظفين بحيث لا يؤثر هذا على منهج وخطط العمل. · اعداد نظام علمي تطبيقي لأداء الموظفين وتكثيف تفتيش دوري من قبل الوزارات للدوائر الادنى وأعداد التقارير تقيمية بذلك. · زيادة الرواتب وتحسين مستوى المعيشة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب بمؤسسات الدولة وهذا ما اتجهت إليه الدولة مؤخرا. الهوامش : (1) الاعرجي ،د. عاصم . الفساد الاداري . مجلة الاقتصادي 1985 (2) نفس المصدر السابق .. (3) التميمي ، د. رعد سامي . مقالة حول الفساد الإداري. صوت العراق 2008 (4) نفس المصدر. (5) نفس المصدر. (6) الوائلي ، ياسر خالد 2005 الفساد الإداري ، مفهومه ومظاهره وأسبابه.مركز المستقبل للدراسات (7) نفس المصدر السابق (8) الوحبلي ، طالب . مقالة حول الفساد الإداري. صوت العراق 2008 (9) منديل، د.عبد الجبار وحنان بشير الرقابة الشعبية الاقتصادية / الجامعة المستنصرية 1985
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
اخبار العراق اليوم تصلكم بكل وضوح بواسطة العراق تايمز