قد يسال احد , مَن هم هؤلاء الموظفون ؟! انهم اساتذة الجامعات واصحاب الشهادات العليا من اطباء اختصاص ومهندسون استشاريون وخبراء فنيون ومن يحمل عنوان مدير من مضت على تعينهم اكثر من 28 سنة , اما شهاداتهم فهي الدكتوراه والماجستير وقليل منهم من حملة البكالريوس , هذا بالنسبة للدرجة الاولى , اما الدرجة الثانية فهي بنفس المواصفات مضاف لهم حملة شهادة الدبلوم الفني او التربوي مَن امضوا في الخدمة اكثر من 35 سنة ...يبلغ اعداد هؤلاء في الدرجة الاولى بحدود 44000 وفي الدرجة الثانية لا يزيد عن 115000ومجموعهما يشكل نسبة 3% من اعداد كافة الموظفين .
لقد منحت هذه الدرجات لهذه الشريحة على اساس التدرج الوظيفي المستند الى الخدمة والشهادة بحيث يشترط للترفيع توافر الشروط التاية :
أ- وجود وظيفة شاغرة في الدرجة الأعلى ضمن الملاك الوظيفي للدائرة .ب- أكمال المدة المقررة للترفيع .ج – أن يكون الموظف مستوفيا للشروط والمؤهلات المطلوبة لأشغال الوظيفة المرشح للترفيع إليها .د – اشراك الموظف المراد ترفيعه في دورة تطويرية ووجوب خضوعه للاختبار والنجاح فيهه - ثبوت قدرة وكفاءة الموظف على أشغال الوظيفة المراد ترفيعه أليها بتوصية من رئيسه المباشر ومصادقة الرئيس الأعلى , ولهذا السبب فهؤلاء الموظفون يتمتعون بالخبرة والكفاءة ودقة العمل بدليل من يتقاعد منهم تضطر الدوائر الاستعانة به بصيغة عقدلقد اغفلت الحكومة ان موظفي الدرجة 1و2 يتناقصون سنويا بسبب بلوغ السن التقاعدي وحالة الوفاة نتيجة المرض وتقدم العمر , وكان الاولى ان يهتم بهم لانهم يمثلون ثروة اساسية في الموارد البشرية حيث من خلالهم تدار العملية الوظيفية في عموم مؤسسات الدولة بكفاءة وحرص منهم , ولكن بدلا ان ترعى هذه الشريحة التي افنت عمرها في خدمة البلد صدر قرار مجحف قبل عام بتخفيض الراتب الاسمي للدرجة الاولى ب 38000 دينار وللدرجة الثانية 35000 دينار وتبعها تخفيض في مخصصات الشهادة وفٌعل قانون الضرائب على الراتب الاسمي منذ عام 2015 , واليوم مجلس الوزراء اصدر قرارا باستقطاع 15% من مجموع ما يتقضاه الموظف من راتب كلي في هاتين الدرجتين .
ان هذا القرار مجحف ومتسرع ولم يخضع للدراسة والتقيم بدليل
- سيكون راتب موظف الدرجة الثالثة اكثر من راتب موظف الدرجة الثانية بعد الاستقطاع , هذا يعني ان الموظف في الدرجة الثانية سينزل للدرجة الثالثة والاولى الى الثانية , فهل يصح هذا ؟!
- قرار الاستقطاع صدر من مكتب المدير العام لهيئة الضرائب ولكن بتوقيع السيد وزير المالية , فهل الوزير مارس العمل من موقع ادنى ؟!
- لماذا القرار باثر رجعي اعتبارا من 1-6 في حين صدوره كان في 13-7- 2016 ؟!- ليعلم الجميع ان هذا القرار لم يشرع لسد النقص في عجز الموازنة وانما جاء بفرض والزام من صندوق النقد الدولي واجراءتهم التعسفية وهذا ما اوضحه د.مظهر محمد صالح مستشار ر. الوزراء للشؤون الاقتصادية بقوله «ان صندوق النقد الدولي اعترض على التفاوت الكبير بين رواتب الموظفين، مما حذا بالحكومة الى اخضاع جميع الموظفين من الدرجة الثانية وصعودا والنواب ومجالس المحافظات والوزراء وحتى رئيس الجمهورية الذين لا يشكلون سوى 10% من الموظفين الى التحاسب الضريبي وبمقدار 7 الى 15%» فهل اصبحنا اداة طيعة ومطيعة بيد صندوق النقد الدولي المؤشر عليه الف علامة استفهام وكثير من الدول تحجب بيانتها وقيمة مواردها الاقتصادية عنه بل ترفض التعامل معه لانه يعتمد صيغة اشبه بصيغة التعامل بين السيد والعبد ؟!
- تعميم السيد الوزير بشان الاستقطاع الضريبي لم يشمل اقليم كردستان , فهل استثنت كردستان من مبلغ قرض صندوق النقد الدولي ام ان لها حصة الاسد ؟! فاي عدالة وانصاف هذا , فالاقليم يتقاسم مع المركز بالمبلغ ويستثنى من الاجراءات والترشيد ؟!
- كيف يصح قانونا وشرعا ان يساوى بين موظف تدرج في وظيفته حتى وصلت خدمته الى اكثر من 30 سنة مع اصحاب الدرجات الخاصة الذين مدة خدمتهم لا تزيد عن 4 سنوات ؟! وكيف يصح ان يعتبروا الدرجة 1و2 تابعة للدرجات الخاصة ويتعاملون معها بالاستقطاع بنفس الصيغة ؟! فتقاعد اصحاب الدرجات الخاصة بغض النظر عن مدة خدمتهم 80% من الراتب الاسمي مع المخصصات البالغة من 100- 200% في حين موظف الدرجة ا و2 لا تحتسب لهم نسبة 80% من الراتب الاسمي ومن دون اي مخصصات لغرض التقاعد الا بعد خدمة وظيفية لا تقل عن 32 سنة , انها مفارقة غريبة ومثيرة للسخرية تجعل المساوة بين الاثنين بالالتزام والاختلاف في الحقوق .
واخيرا لو طبق قرار الاستقطاع فسيظطر اغلب موظفي هذه الدرجات ان يجتثوا انفسهم بالاحالة على التقاعد لانه سيكون استحقاقهم التقاعدي افضل من راتبهم الوظيفي, وسيتركون فراغا في مؤسسات الدولة لا يمكن تعويضه بسهولة
مقالات اخرى للكاتب