على الجدران الكونكريتية التي سوّرت مباني الحكومة ومجلس النواب وسط العاصمة بغداد، كتب ناشطون مجهولون بالخط الأحمر «نواب العراق هم أكبر مجموعة لصوص في العالم».لخص هذه العبارة التي صارت عنواناً للتظاهرات المناوئة لامتيازات البرلمان غير المسبوقة خلال العامين الماضيين، أزمة الثقة التي تعصف بين أعلى سلطة تشريعية ورقابية في العراق، وبين باقي طبقات المجتمع العراقي، والمفاجاة المذهلة فجرها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي حين اتهم رئيس البرلمان سليم الجبوري ومستشاره مثنى السامرائي وعدد من النواب الاخرين بالتورط في فضائح الفساد المتعلق بعقود التسليح ومساومة وزير الدفاع عليها ،ومحاولة ابتزازه.جاء ذلك يوم الاثنين 1 /آب في أثناء جلسة سرية لاستجواب وزير الدفاع العراقي في مجلس النواب حول ملفات فساد.،، وقبلها بايام رفضت قوى سياسية والخبير القانوني طارق حرب، قانون مجلس النواب معتبرين انه بعيد عن احكام الدستور وعن الواقع العراقي، مبينا ان القانون يمنح رئاسة البرلمان امتيازات تفوق امتيازات النظام السابق وتعاظم امتيازات النواب في ظل الظرف المالي للعراق.وقال حرب في تصريح صحفي له اليوم : إن “القراءة الاولى لمشروع قانون مجلس النواب الجديد اظهر لنا ابتعاد احكام هذا القانون عن قواعد الدستور اولا وعن الواقع العراقي ثانيا”.واضاف، ان “هذا القانون يتضمن منح رئاسة البرلمان امتيازات جديدة تفوق الامتيازات السابقة مبينا ان “مقارنة بما ورد في مشروع القانون الجديد بالقانون السابق نجد تعاظم وتكاثر الامتيازات للنواب وذلك يفارق الظرف المالي والحال الاقتصادي للدولة العراقية في هذه الايام لا سيما والبلاد في اتجاه تقليص النفقات وليس زيادتها كما ورد في قانون المشروع الحالي”.ولفت حرب الى، ان “مشروع القانون الجديد يرتب عليه التزامات مالية جديدة على موازنة الدولة وترتيب التزامات مالية جديدة يكون بمشروع قانون يعده مجلس الوزراء وليس اية جهة اخرى”، مشيرا الى ان “مشروع القانون يخالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الاتحادية العليا كشفت الوثائق والأرقام التي يحلّلها رجال مال مختصون، واعترافات برلمانيين ودفاعاتهم، أن كلفة وجود سلطة تشريعية ورقابية في العراق والبالغة نحو ملياري دولار لكل دورة برلمانية من اربع سنوات كانت السبب الرئيس في عجز البرلمان عن الحد من الفساد في البلاد، أو مساءلة حكومة تدير قرابة 400 مليار دولار هي مجموع موازنات الدولة العراقية كل اربع سنوات تقريباً. وقد سمعت بالفعل مثلما سمع الشعب تصريحات عضوات وأعضاء مجلس النواب تصف التحرك الأخير للمجلس ضد الفساد بأنه صحوة.والمشكلة أن هذه الصحوة جاءت في الهزيع الأخير وانقضى من عمر المجلس ثلاث ونيّف ولم يبقى أمامه غير بضعة أشهر وحصل خلال زمن ما قبل الصحوة الكثير وبات الفناء شبه خاوي وقد فنت معظم العناقيد وبات الشعب لا ماء ولا كلأ ولكن مع ذلك فإن القليل خير من لاشيء فان كانت صحوتكم حقيقية وخالصة من أجل الشعب فمباركة وتجبّ ما قبلها وان كانت هرولة انتخابية وتسابق لإعتلاء صهوة الشعب التي باتت تلامس وجه الأرض مما يثقلها من أحمال ليست من نوع ما خفّ وزنه وغلى ثمنه ..فاعلموا أني أرى وجه الشعب يتجه باتجاه نصب الحرية وهمهمته باتت صهيلاً وينهض على قائمتيه فتخر كل تلك الأحمال ..فهل أنتم عازمون حقا ومن أجل الشعب خالصه ؟باتت مواجهة الفساد قضية الشعب المركزية بلا منازع والكلمة السواء التي تجتمع عليها إرادة الشعب والمشترك الوحيد الذي يجتمع عنده العراقيون متجاوزين كل حواجز الطائفية السياسية والعرقية والمناطقية لأن المحنة المعاشية والحياتية الناجمة عن الفساد شملت الجميع ولم تنحصر في طائفة أو عرق أو منطقة فكانت مواجهة الفساد عامل توحيد للشعب العراقي في مواجهة عوامل الفرقة التي غرسها الساسة .ــ المطلوب أن يبادر مجلس النواب وعلى الفور برفع الحصانة عن النواب المتهمين بقضايا فساد أو إرهاب والأولوية لمن وردت اسماؤهم بكتب رسمية صادرة من مجلس القضاء أو الجهات القضائية لأن الإستمرار في ذلك يجعل من مجلس النواب غير مؤهل موضوعياً لمواجهة الفساد
مقالات اخرى للكاتب