رغم أن الرئيس التركي حدد الاول من نوفمبر القادم موعداً لاجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي يحلو له تسميتها “إعادة الانتخابات”،الا أن الكثير من الاطراف المحايدة والمعارضة له تتوقع ان لا تجري الانتخابات في هذا الموعد ، بل ربما يقوم أردوغان بتأجيلها الى عام آخر.
الدستور التركي يتيح له هذا الخيار ففي المادة ٧٨ ورد:” إذا كان عقد انتخابات جديدة يبدو مستحيلًا بسبب الحرب فإن المجلس القومي الأعلى لتركيا لديه الحق في تأجيل الانتخابات لمدة عام”. الحرب قرع أردوغان طبولها بعيد إعلان نتائج الانتخابات الاخيرة التي تبين فيها أنه فقد خيار التفرد بتشكيل الحكومة ومعها ضاع حلم تغيير الدستور لتحويل النظام الى رئاسي يحصل فيه على صلاحيات واسعة . تفجيرات مفاجئة واتهام أثار الاستغراب توجه صوب “داعش” رغم عدم اعلانه المسؤولية ، ورغم أنه يحظى برعاية أجهزة تركية بدليل وجوده اللوجستي العلني في بلد يتمتع بأجهزة أمن قوية ، وأيضا إمدا داعش باسلحة تركية كشفت إحدة شحناتها صحيفة بوجون التركية قبل أشهر والتي كانت بغطاء مساعدات إنسانية ، وأيضا باعتراف مسؤولين غربيين بان تركيا تشكل الممر الرئيسي لداعش باتجاه سوريا والعراق .
اللافت أن الرد على الرد التركي على التفجيرات لم يأت صوب “داعش” بل جاء على شكل تصعيد عسكري ضد حزب العمال الكردستاني التركي بما شكل انهياراً لعملية السلام التي استثمر أردوغان فيها كثيرا ، رغم معارضة الاحزاب القومية التركية له. عادت المناوشات بين الجيش التركي و”الكردستاني” وعادت هجمات الاخير ليخرج أردوغان باستنتاج يقول أنّ:”السلام مع الاكراد مستحيل “.لم يحدد حزب العمال خصما لا يمكن السلام معه بل عمّم الامر على كل الاكراد مما يعني انه عاد الى المربع الاول ، وانه أعلن إشارة البدء بحرب ربما تظل مفتوحة إلى حين تنتفي الحاجة اليها.
معارضو حزب العدالة والتنمية يتهمونه بتسويف تشكيل الحكومة الائتلافية وعناده في المفاوضات بهدف منع تشكيلها سعيا الى الانتخابات المبكرة التي قد تعيد لاردوغان ما خسره من المقاعد التي تؤهله لتشكل الحكومة منفردا ً. كثيرون قالوا إن الرئيس التركي قد يلجأ في هذه المرحلة الى ما يربك الوضع الاستقرار الداخلي إقتصاديا وأمنيا بما يدفع الناخبين الى التصويت لحزبه ، ليس حباً وإيماناً به بل حرصا على عودة الاستقرار .بالفعل جاء التصعيد ضد الاكراد وافتعال العداء مع داعش لكن النتيجة جاءت على غير ما أريد لها .فقد أظهرت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات تابعة للحزب أن الانتخابات المبكرة القادمة لن تحقق أكثر ما تحقق في السابقة التي حصل فيها الحزب على نسبة 40.7 بالمئة من الاصوات، فيما يذهب "مراد جيزيتسي" رئيس مؤسسة "جيزيتسي" للأبحاث أن الانتخابات المقبلة ستمثل انتحارًا لحزب أردوغان، متوقعًا ان يحصل دون 35% فقط من الأصوات، مشيرًا الى أن 68% ممن اجرى عليهم الاستطلاع اكدوا قلة السيولة لديهم وانحسار الاقتصاد، بينما أشار 74% منهم أنه لم يعد بإمكانهم تحمل أردوغان أكثر من ذلك.
كل هذا يرجح توقعات البعض من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يستعد لقرار تأجيل الانتخابات لعام كامل ، بتوفير أجواء الحرب تلبية للشرط الدستوري للتأجيل .
هل ستقتصر الحرب على الاكراد فقط؟
مقالات اخرى للكاتب