مقدمة:
إنّ الانبياء والرسل هم بشر توهموا بأنهم يتلقون وحيا من السماء وتشريعاتهم سببت وتسبب وستسبب في نشوب الصراعات والحروب بين منتسبي الاديان المختلفة وبين الطوائف المختلفة للدين الواحد.
إن فكرة الثواب والعقاب في يوم القيامة ساهمت وتساهم وستساهم في بعض الحالات في ردع شريحة من النّاس وخاصة الجهلاء منهم من ارتكاب الجرائم والتجاوز على حقوق الآخرين، لكنّ بعض تعاليم الاديان السماوية لا تواكب تطوّر العقل الانساني وتطوّر المجتمعات الانسانية وحضارته، لذا يثار سؤال ملح وهو:
- إذا كان العقل الانساني وحاجاته في تطوّر مستمر عبر العصور وانّ هناك حاجة لتشريعات مستجدّة تواكب هذا التطوّر، هل اخطأ الأنبياء بحق الإنسانية بإدعائهم النبوة؟
- اليس من الافضل اعتماد دستور يشارك في وضعه عقلاء القوم المنتخبين من قبل الاكثرية لتنظيم العلاقات في المجتمع بدلا من اعتماد تشريعات تمّ وضعها من قبل شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص وفي مكان وزمان لا هي مكاننا ولا هي زماننا؟
- أليس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أفضل من التشريعات ألتي وردت في القرءان؟
للإجابة على الإستفسار الأخير سنتناول في هذه المقالة تشريعات العقوبات في الإسلام ومقارنتها بما ورد في المادة - 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهي :
- لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.
العقوبات في الإسلام عدة مراحل، أولها مرحلة العقوبات في الحياة الدنيا تليها العقوبات في القبر، أي عذاب القبر وأخيرا مرحلة العقوبات في الآخرة اي في يوم الحساب.
في هذه المقالة سوف لن نتناول تفاصيل العقوبات في القبر وكذلك عقوبات يوم الحساب في الحياة الآخرة لعدم منطقية مقارنتها مع مباديء حقوق الإنسان التي تعتني بحياة الإنسان في دنيانا.
ألآيات التي وردت في القرءان حول تشريعات العقوبات:
· " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [النور: 4].
· " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ " [النور: 2].
·
· " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [المائدة: 38].
· " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَى بِالْأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة:178].
· " إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " [المائدة: 33].
· " وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [المائدة: 45].
ألخلاصة:
- أن العقوبات الشرعية قديمة وجامدة وقد عفّى عليها الزمان ، وتجاوزتها الحضارة ، ولم تعد ملائمة لهذا العصر، عصر التقدم والمدنية ، والتحضر التقني والصناعي . فالأخذ بها تقهقر بالإنسانية الراقية ، ورجعة بها إلى عهود ا لظلام الدامس ، والقرون الوسطى.
- أن العقوبات الشرعية تتسم بالقسوة والهمجية التي تبعث على الاشمئزاز ولا تتناسب وروح هذا العصر ، وإنسانيته ، وحمايته لحقوق الإنسان وكرامته.
- أن العقوبات الشرعية تهمل شخصية المجرم وتأثير البيئة فيه، فهي لا تتفق مع النظرية الحديثة في تحليل نفسية المجرم ، وأنه مريض النفس ، منحرف المزاج ، متأثر بما حوله ، بل هو ضحية من ضحايا المجتمع ، والذي يعدّ مشتركاً معه لسبب أو لآخر فيما أقدم عليه ، فكان من العدالة أن يتقاسم معه المسؤولية ، وأن يعمل على علاجه لا عقابه.
- إن العقوبة بتقطيع الأطراف فيها إضرار بالمجتمع ، وذلك بإشاعة البطالة فيه ، وتعطيل بعض الطاقات البشرية التي كانت تسهم في العمل والإنتاج ، وتكثير المشوهين والمقطعين الذين أصبحوا عالة على المجتمع بسبب عجزهم عن الكسب والإنفاق ، فيجب أن يستعاض عن هذه العقوبة بالحبس مع التربية والتوجيه.
- إن القصاص عقوبة قاسية لا تراعي شخصية المجرم وظروفه ودوافعه ، كما أن جعل القصاص حقاً لأولياء القتيل ؛ فيه تغليب لجانب الانتقام ، واعتباره أساساً للعقاب ، وهذا من الهمجية الأولى ، ولا يتفق مع التحضر والمدنية ، واعتبار العقاب تهذيباً واستصلاحاً.
- أن تنفيذ حد السكر فيه انتهاك صارخ لحرية الإنسان الشخصية، وتدخّل في خصوصياته، فضلاً عن ما فيه من الغلظة والقسوة التي يأباها عالمنا المتحضر اليوم.
- أن حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة شديد وقاسي ولا يصلح لزماننا هذا.
لو تم تطبيق الحدود الشرعية الواردة في ألقرءان ستكون النتيجة مجتمع مليء بالمعقدين نفسيا والمشوهين والمعوقين والعاطلين عن العمل.
نلتقيكم في مدارات تنويرية أخرى.
للبحث صلة
مصادر البحث:
- القرءان.
- موقع الامم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
مقالات اخرى للكاتب