تشن عصابات داعش حربا نفسية على الشعب العراقي قبل واثناء وبعد الهجمات المسلحة ، يخططون لتلك الحرب وينفذون ويستثمرون المعطيات المتحققة ، وقد توفرت عناصر جعلت داعش تنجح نسبيا في حربها النفسية . استخدام عامل الرعب بقطع رؤوس الخصوم والتلويح بها والتصرف بطريقة مخالفة تماما للفطرة الطبيعية ، مثل لعب الكرة برؤوس الضحايا ، وهو منظر مرعب لمعظم الناس يؤكد انهم امام عدو متوحش ، واستخدام فرضية الصراع الطائفي واختلاق صورة مبالغ بها لذلك الصراع المفترض ، مما لا واقع له على الارض ، ثم تنظيم الاستعراضات العسكرية بمختلف الاسلحة والعجلات لتأكيد الحضور الميداني والهيمنة . والتمسك بمظهر غريب وزي محدد ولثام ولحى طويلة ولغة الجسد التي تعكس نوعا من التجبر والعناد والغطرسة كالتحدث بلهجة بدوية والاشارة باصبع السبابة الذي يعبر عن التسلط والروح العدوانية ، وهو ايضا تعبير عن وحدة التوجه ، ويستخدمون الدعاية والاكاذيب واختلاق القصص الخبرية وترويجها ، ويصورون للمتلقي بأنهم حاضرون في كل مكان ، فهم خلايا مقاتلة وخلايا ساندة وخلايا نائمة . ولكن على الأرض كشف العراقيون بشجاعتهم ادعاءات داعش واثبتوا انها شائعات واكاذيب ، فقد كسروا شوكتهم ، فالداعشيون في تلك المعارك قتلى واسرى وهاربون عشوائيا ، ومستغيثون في اجهزة الاتصال ، صورة بائسة ، ثبت عمليا ان وحشية داعش تعكس جبنا متأصلا في اعماقهم ، وقسوتهم تعكس نذالة لا مكان لها في اخلاق الفروسية العربية والاسلامية ، وتعصبهم الاعمى يعكس حمقا وجهلا لا علاج له . الا ان الانتصارات العراقية تفتقر للحرب النفسية التي تسند المقاتل وتحصن الشعب اعلاميا وتهدم معنويات العدو ، يحتاج العراق الى حرب نفسية تعتمد في معطياتها على نشر اخبار الانتصارات اليومية المتحققة وهزائم العدو ، وبيان معالم الضلال والانحراف في عقائد الداعشيين ، والتناقض بين ثقافتهم وثقافة الامة الاسلامية ، وازدواجيتهم ونفاقهم بين شعاراتهم الاسلامية والانحرافات الاخلاقية المذهلة التي يعانون منها . الحرب النفسية بحاجة الى مؤسسة متخصصة تقوم بصناعة الرسالة الاعلامية ، ومؤسسة مروجة توجه القنوات والمواقع ووسائل النشر والبث ، ومؤسسة تدرس وتتابع مدى تأثير تلك الرسالة وتسعى لتطويرها . في هذه الحرب توحدت الفصائل المسلحة العراقية بحشد شعبي ولم تتوحد وسائل اعلامها بالشكل المطلوب ، واذا بقيت الحرب مقتصرة على السلاح بلا حرب نفسية مناسبة فهذا يعني القتال بسلاح ناقص لتحقيق نصر صعب ، سيكون نصرا في الميدان وليس نصرا في الوجدان .