ما يسمى باصلاحات العبادي لم ينفذ منها شيء لحد الآن كما توقعنا ، الفرق بين اعلان حزم الإصلاحات والواقع كالفرق بين الحلم الجميل واليقظة الحافلة بالاحزان ، بعض القنوات تكتب على شاشاتها عبارة (إصلاحات العبادي) وتعني البراءة من الرجل وتركه لوحده . لا يمكن تنفيذ الإصلاحات لسبب جوهري يعرفه الحاكم والمحكوم لكنهم يتجاهلونه دفعا للبلاء ، السبب هو ان النظام العراقي الحالي له هدف محدد يجب ان نفهمه بروح الصراحة والانفتاح والشفافية وبدون عقد نفسية واحكام مسبقة ، فهو نظام تم تأسيسه من أجل جمع الأموال وتوزيعها بين الشركاء الوطنيين من شخصيات وأحزاب وتجمعات مع تخصيص نسبة منها للقوى الدولية الحامية والراعية ، فأصل المشروع ليس مشروع دولة وحكومة وتنمية وخدمة شعب ، ربما الصحفيون بخيالهم الهزيل هم الذين يتصورون ذلك ، انه مشروع ذكي من نوع آخر وقد حقق نجاحا كبيرا واسس تجربة رائدة يمكن ان تدرس في الجامعات خاصة وان التجربة استمرت 12 سنة بدون أي عوائق . وهذا يعني أيضا ان المشروع أصلا لا يحتاج الى أصحاب الكفاءة ولا اصحاب النزاهة ولا التكنوقراط . بل يحتاج الى رجال بارعين في العاب السحر والخفة والجمع والضرب والتقسيم ، وعندما يقولون في الاعلام : حفظ التوازن السياسي فهم يقصدون التوازن في كمية الأموال الموزعة على الشركاء ، اما النزاهة فيقصدون بها التوزيع العادل للاموال بينهم ، أما شرط الكفاءة فيقصدون به الكفاءة في اقتلاع مليارات هائلة متراكمة بدون ترك فراغ يثير الشك ، أما خدمة الشعب فيقصدون بها نساء وأطفال واصهار واقرباء السياسيين فهم شعب مختار، ساسة العراق يؤمنون بصلة الرحم لانها تدر الارزاق وتطيل الاعمار وبالفعل فقد انفقوا أموالا هائلة على اقرباءهم فتحقق لهم تراكم هائل في الثروة مع طول العمر والصحة خاصة وان علاجهم يجري في ارقى مستشفيات اوربا . هناك مرجعية تسمع وترى وتدرك وتنصح وتحذر ، وهناك ساسة شرفاء عرفوا اللعبة منذ البداية فأنذروا قومهم ، أما الآن فان العبادي خرج من السرب ويريد القيام بانقلاب خطير ، يريد تغيير هوية النظام السياسي ووظيفته ورؤيته ومشروعه ، تغييره من نظام مهمته الجمع والتقسيم الى نظام دولة ! وهذه خيانة كبرى لرفاق الدرب والأصدقاء الدوليين ، كيف يسمح لنفسه بمخالفة المواثيق وهو مجاهد قديم ؟ اين الاخلاق ؟ ما هذا الغدر؟ انه اعلان الحرب على الجميع . لذا فان القوى السياسية المشاركة في بناء دولة الجمع والتقسيم قررت مواجهة مشروع انقلاب العبادي بسياسة التمييع والتأخير وصرف الأنظار وتحويل الحزم الإصلاحية الى كرزات سياسية او أحلام وردية ، كل ذلك يجري قبل اختلاق ملفات للعبادي ونشرها ثم محاكته واعدامه او اغتياله ووضع خطة مؤثرة للتشييع . هل سيقف الشعب مع العبادي ام ان انظاره متجهة الى شواطئ المانيا ؟ كلما نظرت الى الرجل تذكرت مسلم بن عقيل امام باب السيدة طوعة يطلب شربة ماء وقد امتلأت ازقة الكوفة المظلمة بانصاره الهاربين .
مقالات اخرى للكاتب