المنطق يقول انه لا يحق لنا ان نطالب فريق كرة قدم زمبابوي أن يفوز بكأس العالم ،كما انه لا يحق لنا ان نطالب جيش اوزبكستان بالهجوم على الجيش الامريكي وربح المعركة-رغم ان اميركا تتوسل بأوزبكستان اليوم لتنضم الى التحالف العالمي ضد داعش لتصبح الدولة الحادية والستين في التحالف- كما لا يحق لنا ان نطالب القضاء العراقي ان يكون رائعا في بيئة سياسية فاشلة بدولة ينخر الفساد فيها حتى الجذور فنحن بهذا كمن يطالب مسلما في بيئة مسلمة ان يكون هندوسيا او هندوسيا في بيئة هندوسية ان يكون مسلما والمثل العامي يقول ((نعل ابو الشي المايشبه اهلة)).
عليه لا بد لنا ان نتوقع سلطة قضائية فاسدة في العراق ونتعامل مع هذا الواقع بهدوء ونعطي للقضاء الاعذار وليتخيل كل منا نفسه قاضيا ويريد ان يحكم مواطنا منتميا الى ميليشيا قوية قادرة على اخراج سجناء من سجن التاجي ووضع ضباط الشرطة محلهم :فكيف سنتصرف ؟؟
الفوضى التي هي نتاج ضعف الدولة وأجهزتها لم ولن تكن بيئة مناسبة لعمل اي قضاء في العالم وليس القضاء العراقي فقط.
كيف كان على السيد القاضي ان يتصرف في زمن الحكومة السابقة، وهل يشذ عن الجميع والمسؤول هيمن على السلطات الثلاث وعلى المال والنار في البلد وعزل السلطة التشريعية ومنعها بقوة القضاء من حتى واجباتها الدستورية في اقتراح مسودات القوانين وحصر الامر به .
لتوضيح المعضلة اذكر مثلا وهو ان احد ضباط كلية الدفاع الوطني وحاصل على دكتوراه في علم الادارة يلقي محاضرة عن الحافز والدافع في السلوك ..
دخلت القاعة وكنت رئيسا للهيئة التدريسية للكلية فقال لهم لاحظوا ان حضور رئيس الهيئة يعد حافزا ودافعا لي ..لماذا ؟ لانه يقيمني وبالتالي ينقلني او يرقيني. وهذا ما هو واقع بين المالكي والمحمود ومعه كل السلطات والهيئات (المستقلة).
كان السيد المالكي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في القضاء عدا عندما يتعلق الموضوع بأعفاء احد خصومه السياسيين فيقول الموضوع متروك للقضاء ..والامثلة كثيرة مع الخصوم كالسيدان رحيم العكيلي وصباح الساعدي والسيدة مها الدوري ناهيكم عن السيدان الهاشمي والعلواني وغيرهم .
هذا كله نضعه بكفة واحدة لننتقل الى الكفة الاهم وهي ان هناك طفيليات دستورية اركبناها على اكتاف القضاء فأثقلته وحددت حركته واعتاشت كطفيليات على جسده المريض وهما هيئة المساءلة والعدالة وهيئة النزاهة
ولعل من يطلع على واجباتهما يجد انهما هيئتان قضائيتان رغم التزويق اللفظي الذي ساد قوانينها الهزيلة كأنعاش الذاكرة العراقية على جرائم حزب البعث وغير ذلك اذ يبقى الواجب الحقيقي نظريا هو الكشف وهذا هو واجب المواطنين والادعاء العام خصوصا وانه والحمد لله لم يبق ما يحتاج الى كشف الا لبعض الجرائم البسيطة كجريمة ..عفوا كجنحة سقوط ثلث العراق ووجود 17 مليار دولار من اموال العراق داخل سرداب في العراق وسرقة كل معسكرات وقواعد الجيش الامريكي بدم بارد ولا من شاف ولا من درى.
الدليل على كلامي هو ان العراق يتفرد في هذا المجال وأن وجود هذين الطفيليين على جسد القضاء لم يؤد سوى ان نكون افسد البلدان في العالم وأقلها مساءلة ، فضلا عن انها كانتا ولا زالتا افسد الدوائر ضمن جمهورية الفساد ولو كنت اعمل في ديوان الرقابة لاعلنت الميزانيات الضخمة التي صرفت ..ولو كنت قارئ فنجان لاعلنت حجم الرشاوى التي سلمت لهاتين المؤسستين….واذكر القارئ الكريم ان كل ذلك هو جزء من عنوان المقال وهو تمهيد لاصلاح القضاء وليس الاصلاح نفسه ولن يكن الاصلاح سهلا او طريقا قصيرا نختصره باستقالة فلان او تعيين فلان …انه ثورة شاملة معقدة
مقالات اخرى للكاتب