واضح من خلال الزيارات المكثفة التي قام بها المسؤولون في العراق الى السعودية وتركيا والأردن والإمارات وقطر ان حكومة بغداد تريد ان تؤكد ان فترة مابعد المالكي قد تغيرت قولا وفعلاً وان العراق يتجه باستراتبجية جديدة نحو تصفير المشكلات مع محيطه الإقليمي ، وهي عبارة استعملها احمد داود اوغلو عندما كان. وزيراً لخارجية تركيا ،
من حق كل دولة تريد الاستقرار الامني وتسعى الى الرقي و النهوض باقتصادها ومؤسساتها ان تتبع هذه السياسة ، لكن بشرطها وشروطها وان تناقش الملفات المختلف عليها بشكل واضح لاغبار عليه وبمنطق القوة بعيداً عن سياسة الاذلال والاستجداء والهبات كما هو حاصل للأردن من الهبات النفطية العراقية عندما زار رئيس وزراء الاردن عبد الله النسور بغداد في زمن نوري المالكي ،
تحسين العلاقات مع الدول الجارة والإقليمية شيء مهم جداً ،لكن من جهة اخرى لانعتقد ان نجاح دولة كالعراق - ان استطعت ان اقول ان هناك دولة - العلاقات الخارجية تكفي وحدها لضمان نجاح مؤسساتها وجلبها الى بر الأمان .
العراق لايوجد فيه شيء يسير وفق المعايير المطلوبة حتى الجزئيات الصغيرة فيه تسير وفق اتجاه مقلوب وخاطئ ولم نتهم في هذه الفترة السيد العبادي في هذا الخراب المخيف الذي وصل اليه البلد .
لكن العراقيين يعتقدون انه على الحكومة العراقية قبل ان تتجه بوصلتها الى تغيير علاقاتها مع الدول الإقليمية عليها ان تصلح بيتها اولاً و ان تتصالح فيما بينها وتؤسس لبناء الثقة المتبادلة بينها وبين شعبها الذي فقد الثقة ويكاد ان يفقد الأمل في إصلاح هذا البلد،
نامل من السيد العبادي وهو يتجه نحو سياسة الاصلاح ان يكشف الفاسدين ويحيل للقضاء والمحاكم من هرب دولارات العراق وأفرغ خزينته و السيد العبادي يعرفهم جيداً ، ولاياخذه في الله لومة لائم مهما كان منصبه ومركزه ، كما نتمنى ان يؤسس موسسة قضائية بعيدة عن التسييس كما كان يحصل في حقبة السيد المالكي ،
العبادي حتى يبني دولة ذات موسسات قضائية محترمة عليه ان يطالب دول الجوار التي حج اليها سياسيوا العراق با استرجاع المليارات من الاموال العراقية ، وقد اتخمت بنوكهم منها ،
في هذه السطور لا اريد الخوض في موضوع الفساد الحاصل لان ذلك يحتاج الى مجلدات وقد يجف حبر معامل العراق كله ولم تنتهي قصص تهريب الاموال العراقية المهربة بطريقة مقززة ، اكثر من ثمانين بالمئة من مليارات الدولارات هربت خلال ثمان سنوات من حكم السيد المالكي الى الخارج ، حكومة السيد العبادي استلمت خزينة مصفرة لعام 2014 اضافة الى عجز في ميزانية عام 2015 بحدود 35% ، اما قصة الخمس فرق عسكرية بإعداد 50 الف منتسب عسكري وهمي يستلمون رواتب وهمية اكتشفها السيد العبادي مؤخراً في اول كشف يدوي بسيط للأوراق يجعل المواطن العراقي يقف شارد الذهن مذهولا ، هل هو يعيش في دولة ، ام في مساحة كبيرة من العصابات والمافيات
المالكي ارتكب اخطاء لن يغفر له التاريخ مهما طال الزمن في سياسته الداخلية من سوء الادارة والفساد وتهريب الملايين من الدولارات عبر مطار بغداد بصناديق وهمية معبئة لاتخضع للتفتيش ، هذه السياسة هي التي شجعت هذه الدول ان تتامر عليه وتبتزه في خيراته و ان تذل وتنتهك سيادة العراق وحولته الى بلد سهل المنال ليعشعش فيه الارهاب وتغتصب منه نصف أراضيه
اعود الى موضوع حجيج المسوولين العراقيين الى الدول الإقليمية واقول ان الشعب العراقي عانى من تركيا ومن الدول التي حاربته بعقيدته وأرزاقه وحولت حياته الى ساحات من الدماء ومأتم يومية تدار في كل البيوتات لاختلافات سياسبة وأحقاد طائفية .
وزير خارجية العراق السيد ابراهيم الجعفري لا ادري لماذا كان مجاملا جداً مع المسوولين الاتراك بملفات خطرة تخص امن الشارع العراقي عندما يقول ان تركيا غير متهمة بدعم الارهاب !!!!!!!!!! شيء غريب ان ينكر السيد الجعفري مسلسل طويل من السهام التي صوبتها حكومة انقرة في وجه حكومة بغداد ، ،
العراق كله وراء صفحة طَي الماضي والبدء في علاقات تحترم سيادة العراق ومعتقداته الفكرية ، وعلى يقين ان الذي يتقدم للعراق بحسن نية صادقة بخطوة واحدة سوف يتقدم له العراقيون بعشر خطوات كما يقول المثل المشاع ،
نعلم ان عالم السياسة لايتعامل مع الأبيض او الأسود ، فالسياسة لها تقلباتها الضرفية والضرورية أحياناً ، لكن في اعتقادنا وفي حالة العراق لاينطبق ذلك في مواقف الدول التي ذبحت الشعب العراقي وجندت كل طاقاتها المالية والإعلامية لتفتيت وتقطيع أوصال هذا الشعب ،
بخصوص دعم تركيا للارهاب نجادل السيد وزير خارجية العراق ونطرح عليه الاستفسار التالي وهو اذا كان جو بايدن الجمهوري الصهيوني المتشدد اتهم صراحة تركيا بدعمها للارهاب ، فكيف للسيد للجعفري ان ينكر على تركيا هذه التهم التي دمرت المواطن العراقي ، صحيح ان بايدن اعتذر لتركيا بعدها علناً لأسباب شخصية و نفعية لبلده ، لكن جو بايدن عندما يتهم دولة ومن على منصة جامعة هارفد الشهيرة كان على علم ويقين مما يقول ، وهو في كامل قواه العقلية ومن المؤكد ان لديه إثباتات وحجج قوية موثقة وليس اتهامات اعتباطية ، وقد نشر مركز أبحاث كندي تقريراً كشف فيه أن تركيا توفر الحماية لخطوط تموين داعش ولتدفق مقاتليه . ثم ان هناك الكثير من الارهابيين المتواجدين في سورية والعراق أخذت اعترافاتهم بان الاراضي التركية هي من دربت واستقبلت الارهابيين الأجانب وأنهم يشكلون ورقة ضغط على حكومة اوغلو ، كما نذكر السيد الجعفري عن صفقة إطلاق سراح الدبلوماسيين الاتراك الرهائن في الموصل مع عوائلهم كيف تمت بسرية كاملة مع عناصر داعش ، لولا التعاون الموجود بين حكومة اوردكان وتلك العناصر الإرهابية
الحقيقة ان تركيا تنظر الى خطر اكراد كوباني حزب العمال الكردستاني عليها اخطر من عناصر داعش .
ثم لماذا لم يصلنا من نتائج هذه الزيارات الا الخطوط الشكلية العريضة ،
ولم نر سوى بهرجة الاعلام وعدساته من هذه الزيارات البروتوكولية .لا اعتقد ان ذلك يكفي ان نطمأن لهذا التقارب في ليلة وضحاها،
سمعنا ان الاتفاقات بين الجانبين التركي والعراقي تناولت ثلاث محاور وهي تدريب عناصر الحرس الوطني العراقي والتعاون الامني وعدم تجاوز تركيا حكومة بغداد الاتحادية بضرورة احترام الدستور العراقي في حال عقد اتفاقيات نفطية تتم بين اربيل وأنقرة .
نجادل اولاً في مجال محور التعاون الامني كيف سيطمئن المواطن العراقي لهذا التعاون ونحن نعلم ان الارض التركية تحتضن اكثر من 2000 عنصر داعشي يتلقون تدريباتهم من على ساحاتها وتتسامح بمرور الأسلحة لهم ويتنقلون بكامل معداتهم مابين حلب والموصل والرقة ودير الزُّور القريبة من العراق ، اضافة الى ان تركيا لاتريد ان تنظم الى التحالف الخمسيني الدولي لمحاربة داعش الا بشروط ثلاث تخص الملف السوري ، هذه الشروط التي وضعتها تركيا تتقاطع تماماً في الرؤيا بينها وبين العراق في كيفية التعاطي للازمة السورية .
اما في محور إبرام اتفاقات نفطية تركية مع اربيل وضرورة اخذ موافقة بغداد واحترام الدستور ، الحقيقة لايمكننا ان نجزم في هذه المسالة ان تركيا او مسعود بارزاني سيلتزمان بهذا الشرط ، نامل ذلك لكن مسعود بارزاني حسب ماتردد انه لايتقيد بشروط تملى عليه ، كما ان الأسعار البخسة والمغرية للنفط العراقي المهرب بشاحنات من الإقليم عبر الاراضي التركية للمشتري التركي أوللاسواق العالمية مرورا عبر التراضي التركية تدر بالأرباح لكل من اربيل وحكومة انقرة ، هذا التهريب عن طريق المافيات لاتخضع الى سيطرة ورقابة حكومة بغداد ، وهذه الصفقات تتم خارج إطار الاتفاقات الرسمية ،
بعض المسوولين في اقليم كردستان يرفض عن ما جاء بالاتفاق بين انقرة وبغداد وصرح ان حكومة الإقليم ماضية في تصدير النفط الى تركيا عبر انبوب جديد وافقت حكومة بغداد على ذلك ام لم توافق ،
اما بالنسبة الى نفط كركوك المواطن العراقي من حقه ان يعلم ماهي الاتفاقيات التي جرت بخصوص نفط كركوك مع داود اوغلو ومن المسيطر على حقول كركوك النفطية ، نذكر بالزيارة التي قام بها الى اربيل ثم كركوك متجاوزا وجود حكومة في بغداد ، ماذا حصل في تلك الزيارة ، وماهي الاتفاقات التي دارت بين اوغلو ومسعود البارزاني في ذلك الوقت ، و بخصوص الكيفية التي يتم فيها استخراج نفط كركوك ، هل تستطيع الدبلوماسية العراقية الان ان توجه هذه الأسئلة الى احمد داود اغلو ، ليكون الشعب على علم ان ثرواته كيف تدار ولم يسرق ويهرب نفطه الى تركيا مرة عن طريق حكومة اقليم كردستان واخرى عن طريق داعش بأسعار زهيدة ،
في هذه السطور لابد من التذكير ايضاً لملف اخر طوته الحكومة العراقية القديمة وحكومة العبادي ايضاً وذلك ربما لكثرة المشاكل التي يعانيه البلد المنكوب ، مشاكل يشيب لها حتى راس الطفل العراقي ، وهو هل استطاع المفاوض العراقي الضغط على الجانب التركي في قضية حصص العراق من المياه ومطالبة انقرة الالتزام بالاتفاقيات المائية التي رفضت التوقيع عليها تمثلت في بناء تركيا لسدود ومشاريع على منابع نهري دجلة والفرات وداخل أراضيها، مما تسبب في نقص شديد في كميات المياه الداخلة إلى العراق ماادى الى ،زيادة مساحات التصحر والملوحة التي انعكست سلبا على الزراعة.
السياسة التركية يديرها دهاة ومعروف ان اوردكان وحكومته لاتخطو خطوة ان لم تحسب فيها العشرات من الخطوات التي تدر الأرباح اليها وزيارة اوغلو الى بغداد الاخيرة تدخل ضمن هذا المضمار ،
:::::::::::
الحكومة التركية وجدت في تقاربها من بغداد فرصة لاستعادة اقتصادها و استثماراتها التي خسرتها نتيجة سياساتها الخاطئة وعدم معاملة تركيا الأطراف العراقية بمسافة واحدة وعقد الاتفاقيات النفطية مع شركات تركية داخل اقليم كردستان تتجاوز الدستور العراقي بعيدة عن موافقة المركز ، ثم احتضان تركيا طارق الهاشمي المحكوم عليه غيابيا ، اضافة الى سماح حكومة اوردكان بعقد الموءتمرات التي كان ينضمها حارث الضاري وعدنان الدليمي مع عناصر بعثية اخرى نكاية بحكومة بغداد . هذه المواقف السلبية انعكست تداعياتها بشكل مؤثر على تقليص حجم التبادل التجاري بينها وبين بغداد الذي وصل عام 2011 الى 18 مليار دولار
البعض يرى ان ان الوضع السياسي الحالي يقرب انقرة من بغداد اكثر من أربيل لان الاخيرة انتقدت سياسة اوردكان ولو بشكل غير مباشر في الاشهر الماضية في قضية كوباني،
التعاون الكردي بين العراق وسورية اثار مخاوف حكومة تركيا من سعي الاكراد الى إقامة دولة تمتد داخل الاراضي التركية ،
مقالات اخرى للكاتب