وزير خارجية البحرين خالد بن احمد ال خليفة الذي ربما لم نسمع له اي تصريح طيلة وظيفته الدبلوماسية نطق وصرح اخيراً قبل ايام بحق حزب الله اللبناني واعتبره اخطر من داعش وطبق المثل الشائع صام دهراً ونطق كفراً .
البحرين حالها حال اخواتها من دول الخليج تعيش هذه الأيام في ورطة لاتستطيع الخروج منها وتجد نفسها في حيرة من امرها امام ثلاث أزمات تطوقها
الاولى المعارضة الشيعية البحرينية وكيفية التعاطي معها والثانية خطر داعش الذي يزحف سريعاً ويطرق أبواب دول الخليج كلها بما فيها البحرين ، ثالثاً ضغوطات المشاركة في التحالف الدولي ضد داعش ، رابعاً وهو الأهم الازمة السورية التي طالت اربع سنين بعد ان راهنت تركيا ودول الخليج باستثناء عمان على رحيل بشار وإسقاط نظامه في غضون ثلاثة أسابيع وباتت رهانات بقاء بشار من الطرف الاخر هي الاقوى وتشكل عبئاً ثقيلاً على ميزانياتها ووضعها الامني ، اضافة الى مشاكل دول الخليج المعروفة فيما بينها ،
هذا الوضع الخليجي ينعكس بشكل مباشر على البحرين فهي تعتمد في حل مشاكلها الداخلية كلياً على المملكة العربية السعودية وقوات درع الجزيرة .
داعش تنمو وتتكاثر مثل الخلايا السرطانية وتطل براسها في البحرين، وهو ما سيضع البحرين على كف عفريت كما هو حال سوريا والعراق ،
ما يؤكد ذلك الانتشار هو شريط الفيديو الذي ظهر فيه اربعة مسلحين بحرينيين يقاتلون في تنظيم "داعش" يدعون الشعب البحريني لحمل السلاح والانضمام الى معركة ضد الشيعة ونظام الحكم ورموزه في البحرين .
تاكيدا لذلك الشريط ذكرت بعض المصادر ان تقارير استخباراتية أمريكية اكدت ان الخلايا النائمة ل”داعش” داخل البحرين قد بدأت بالتحرّك الفعليّ والنشاط العلنيّ في مختلف المناطق وأبرزها مدينة المحرّق شرق العاصمة المنامة، يقودها، عقيد المخابرات السابق المعروف لدى الغالبية العظمى من الشعب البحريني بالجلاد عادل فليفل، الذي اخذ يخرج في العلن وعبر شبكات التواصل الاجتماعي .
المعارضة البحرينة التي يحاربها نظام الخليفة كانت اول من حذرت من وجود خلايا نائمة ل”داعش” تتكون حتى من عناصر موالية للنظام وتحمل الافكار الوهابية التكفيرية التي تعتبر الشيعة العدو الاول في أدبياتها العقائدية
الشيخ علي سلمان زعيم المعارضة الشيعية في البحرين كان في مؤتمر صحافي رفض التدخل الايراني والسعودي في الشأن البحريني الداخلي وطالب السعودية بسحب قوات درع الجزيرة.
مملكة البحرين تعيش في مأزق وحالة لايحسد عليها بين قمعها للمعارضة والتي استنكرتها الكثير من الدول الأوربية وبين تهديدات داعش الزاحفة اليها و كلما تشتد عليها الأزمات تعول على الترنيمة نفسها باتهام حزب الله وراء المعارضة البحرينية وتدريب عناصرها وتحريضها باثارة المشاكل داخل البحرين ، حزب الله ينفي في كل مرة هذه الاتهامات البائسة .
حكومة المنامة بعد ان فشلت في تعاملها مع المعارضة الشيعية وتجد في هذه الاتهامات متنفساً ووسيلة لتخفيف معاناتها الكثيرة .
تصريح الخارجية البحرينية لا اعتقد اضاف شيءاً جديداً على مسامعنا مانعتقده ان المنامة تريد ان تسجل حضورا على انها ودبلوماسيتها تدور في نفس الفلك الذي يدور فيه التحالف الستيني ضد الارهاب وأنها دولة فاعلة في هذا التحالف ،
لكن السؤال هو : اذا كانت كل دول الخليج مجتمعة مع بعضها لاتمثل سوى دوراً هامشياً في هذا التحالف خاصة انها تخشى من بطش داعش من محاربتها او التدخل البري فما دور البحرين وحدها !!!!!،
قبل ايام كان تهديد داعش واضحاً لحكام وأمراء السعودية ووضعهم بالمرتبة الثانية بعد الشيعة باعتبار ان أمراءها وملوكها انحرفوا عن المذهب الوهابي وماتتاثر به السعودية من هذا التهديد ستنعكس تداعياته بشكل مباشر على باقي دول الخليج الأصغر .
بالامس شهدنا حادثة الأحساء وحادثة المرأة المنقبة في الريم في الامارات ، و اعتقال السلطات السعودية الى 127 عنصر ارهابي ، كلها اشارات من داعش ان ماهددت به المملكة السعودية قادم ، بالتالي اذا كانت السعودية وهي اكبر الدول الخليجية مهددة بان تصبح تحت مرمى الضربات الداعشية ، شيء طبيعي الدول الصغيرة الاخرى سوف لن تكون اوفر حظاً من الجارة الاكبر مساحة وباعتقاد البعض انه اذا اصاب المملكة السعودية عطاس بسيط فالبحرين وإخواتها الصغار الاخريات من المؤكد ستصاب بافلونزا وحمى شديدة ،
البحرين لم تنطق عن الهوى بارادة نفسها عن وصف حزب الله اخطر من داعش مالم يكن هناك دفع ودور اريد ان يعطى لها من قبل دول الخليج الكبرى وسط هذه الفوضى التي تعيشها المنطقة .
الوثائق التي يملكها مجلس الامن والمنظمات الحقوقية توكد عن حجم الممارسات والجرائم التي تقوم بها حكومة البحرين ضد مواطنيها من الطائفة الشيعية ، وأول هذه الاتهامات الحجج الواهية بانهم ليسوا من أصول بحرانية وإنما من أصول إيرانية ، يراد من تلك التصريحات تهجير الشيعة اصحاب الوطن الأصليين والنيل من حقوقهم ، أساليب القمع والقتل والتعذيب والتهجير استعملها صدام حسين ومارسها في الثمانينات والتسعينات ضد شيعة العراق ولم تنفعه كثيراً، بل تحولت هذه الادعاءات البائسة نقمة عليه ، عنما تحول شباب وحتى صغار العوائل التي هجرها صدام بحجة التبعية الايرانية في ذلك الوقت الى جنود حاربوا ضده في حروبه ضد ايران والكويت انتقاماً منه ، وكانت منظمة بدر او فيلق بدر احدى نتاجات هذه الممارسات القمعية ،
الغريب ان البحرين. تصنف حزب الله بانه اخطر من داعش في حين حتى الدول الأوربية تختلف في وجهات نظرها فالكثير منها تعتبر الحزب مسالة داخلية.
كما ان الامارات قبل ايام قلائل و في يوم 15 نوفمبر لهذا العام أدرجت اسماء 83 منظمة ارهابية على رأسها داعش والاخوان المسلمين ، من ضمن هذه الأسماء كان هناك 23 جماعة تقاتل في سورية،ولم يكن حزب الله من ضمن اللائحة المدرجة بالأسماء وعندما سئل اللواء غنيم مستشار الامن القومي في الامارات عن سبب عدم ادراج حزب الله اللبناني ضمن القائمة اجاب : ان القرار لايشمل حزب الله اللبناني لأن الحزب ليس له نشاط ارهابي في المنطقة .
السؤال اذا كان مستشار الامن القومي يقر بصريح العبارة ان حزب الله لم يذكر له عمل ارهابي في المنطقة في كل منطقة الخليج ، فكيف للبحرين ان تتهم الحزب بانه اخطر من داعش !!!!
يبدو ان مسالة ادراج قوائم الارهاب صارت مزاجية الذوق بحسب ماتشتهي كل دولة ،
منذ احتلال داعش للموصل وتهديده لحكام وملوك وأمراء السعودية ودول الخليج تعيش حالة الفوضى والرعب ، شعور يذكرنا بالرعب الي اصاب الخليج عندما احتل صدام الكويت وهروب امير الكويت الى السعودية ،
لكن لانبالغ اذا تصورنا ان دول الخليج تشعر الان ان خطر داعش عليها قد يوصف بالأخطر من احتلال صدام للكويت في ذلك الوقت ، لان صدام كانت هناك قوة عسكرية عالمية راهنت بصدق على إيقافه ومعاقبته اما في حالة داعش فهذه الجماعة لايقف أمامها اي قانون دولي ولاتمتلك جيش نظامي ، ولا يبدو ان التحالف الدولي الان جاد في مصداقيته للقضاء على داعش .
من حق الخليج كله مع البحرين ان يتخوف ويرتعد فهي في حيرة من امرها امام خطر داعش الذي نشا وترعرع في احضان هذه الدول والانظمام الى التحالف الدولي والتدخل المباشر ضده ربما يقابل بردود فعل تستهدف الامن والاستقرار الداخلي ، كما ان البحرين لاتمتلك مقومات جيش يستطيع ان يحارب امام اصغر الأعداء ولم تستطيع ان تؤسس مثل هذا الجيش ، والسبب يرجع الى اعتمادها الكلي على المملكة السعودية وقوات درع الجزيرة عن اي خطر خارجي او داخلي يداهمها ، واعتمادها الاخر على القواعد العسكرية الامريكية المتواجدة من على أراضيها ، وهي من اكثر الدول الخليجية التي تتعاون مع امريكا بهذا المجال .
حزب الله قدم للمقاومة الفلسطينية ولحماس مالم ينكر عليه ذلك حتى أعداءه وحزب الله بقواته وصواريخه ارعب المحتل الاسرائيلي ولقنه درس مالم تستطيع الجيوش العربية مجتمعة كلها تلقينه في 33 يوماً عام 2006 عندما حرر الجنوب وابهر العالم بثباته وصموده وانتصاراته مقابل ذلك ، ماذا قدمت البحرين للأمة العربية وللقضية الفلسطينية ،!!!!! سؤال اطرحه على وزير خارجية البحرين !!!!!! يمكن ان يكون الجواب بما يلي :::
البحرين عرضت أراضيها للاسطول الخامس البحري الامريكي المتواجد في الجفير التي تبعد خمسة اميال من المنامة ، وقاعدة الشيخ عيسى الجوية التي تستضيف طائرات الاستطلاع والمخابرات الامريكية ، البحرين من اكثر الدول الخليجية المتعاونة مع وزارة الدفاع والاجهزة الامنية والمخابراتية الامريكية ضد الدول العربية والإقليمية ،
كعادتها دول الخليج وللأسباب الطائفية لاتريد ان تقرء وتراجع التاريخ وان تتلقن منه العبر في تغيير مواقفها واستراتيجيتها ، وتبقى تعزف على الوتر الطائفي ، بالامس مدت يد العون وفتحت ثمان سنين كل خزائنها من المليارات امام صدام حسين وأصبح صدام صديقاً مطلقاً لها نكاية بالثورة الخمينية لكن النتيجة كانت كيف غدر بها في الكويت وكيف لدغت من الاصبع الذي مدت له يد العون ، صدام بهذا العطاء و الكرم الخليجي توسعت احلامه وكاد ان يصل الى السعودية بعد الكويت لولا التحالف الأربعيني ضده في عاصفة الصحراء.
بعدها تحول صدام الى عدوً مطلق وتحولت أراضي قطر والمملكة السعودية والكويت والبحرين وكراً للجاسوسية من القواعد الامريكية، وبقية القصة معروفة .
بعد صدام تغير المشهد باتجاه مجاميع القاعدة ومنظمات ارهابية تقتل وتذبح واعتبرت دول الخليج هذه المجاميع صديقاً مطلقاً لها ايضاً ، راهنت عليها بدمار العراق وبعدها سورية ، فتحت لها ارصدة مفتوحة من المليارات ،وجندت جيوشاً منهم في تدمير العراق ابتداءا من الزرقاوي وحتى دولة البغدادي المزعومة في سورية والعراق ولم تتخذ العبر من صدام حسين وما لحقها من غدر بعد انتهاء حربه على ايران ،
هذه المجاميع كبر حجمها الان ، تعتبر نفسها الان انها تمتلك مقومات دولة فهي تمتلك نصف مساحة العراق ومعظم الاراضي السورية وتملك ثروة مالية تقدر بثروة المملكة الاردنية وتسيطر على آبار نفط ولديها تجار في العراق وكردستان وتركيا وسورية تتعامل معهم في بيع النفط وتمتلك جيش قايم على الرعب وقطع الرؤوس ولم تقف امام آلته الإرهابية كل قوانين الكون وهي زاحفة نحو مساحات اكبر وتؤسس بحسب معتقداتها للخلافة الاسلامية ، وليست بحاجة الى من يسير خططها ، وبالتالي تعتقد ان دول الخليج انحرفت عن ماجاء في المذهب الوهابي ، ومبادىء ابن تيمية وواجبها ان تسقط هذه الأنظمة المنحرفة ولايهمها ان هذه الدول التي امدتها بالعون هي وراء تناميها وقوتها الان ،
اجتماع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل موغدونوف مع السيد نصر الله قبل ايام يؤكد مكانة حزب الله ويعتبره طرفاً مهماً في حل الازمة السورية وشؤون القضايا اللبنانية ،
هناك خطى حثيثة الى وجود بعض المؤشرات والتكهنات التي تشير الى حصول انفراج ولقاءات بين تيار المستقبل وحزب الله ، مايعكس ربما بتفاهمات إيجابية بين المملكة العربية السعودية وايران على باقي الملفات التي تخص سورية والعراق .
في ظل هذه التفاهمات هل ستستمر البحرين بادعاءاتها ان حزب الله اللبناني اخطر من داعش !!!!!!
نتمنى على دول الخليج بطاقاتها وثرواتها المالية إلهائلة ان تكون جامعة للأمة العربية في حل مشاكلها نحو البناء في مجال الاعمار والعلم والسلام . بدلاً من التشتت والتمزق ونشر الاحقاد والكراهية والفتن الطائفية .
مقالات اخرى للكاتب
