عراق تايمز ــ البصرة:
هي مقالة تغني عن عشرات المقالات التي كتبت حتى اليوم عن الاوضاع الحقيقة التي تدور رحاها في الساحة العراقية ،حيث استطاع كاتبها الدكتور نبيل الامير التميمي، أحد اعيان ورموز البصرة البارزين أن ينزل بعدسته الفكرية الى حضيض المجتمع العراقي، ليقربنا اكثر من الصورة الواقعية التي يراد بالراي العام المحلي والدولي معرفتها، لأنه استطاع أن يشخص الخلل في التعامل مع معظم الملفات التي تخص الشان العراقي، بفضل اسلوبه السلس الذي استطاع ان ينضدد الافكار بشكل يسهل معه فهم واستيعاب كل ما يدور في دواليب السياسة والجمتع العراقي.
هذه المقالة كانت بمثابة بيان ورسالة وجهها التميمي الى الشعب العراقي و قد جاء فيها:
بسمه تعالى.
الى / شعبي . . أصدقائي . . أعزائي . . أهلي وعشيرتي
مرت بالعراق سنين عجاف وأمطار غزيرة غَرَقَتْ فيها مُدنه، وغَرق فيها شَعبه بطَوَفان طافَ فيه الفقر والجهل والمرض بالمحلّات والأزقة والفروع والدهاليز، والقرى والنجوع والأقضية والنواحي، غرق البلد بسبب تردّي الخدمات، وتردّي النوايا والنفوس، أمطار سبقت إعصار تجمّع في المحافظات الغربية والشمالية، ومؤمل وحسب نشرة الأحوال السياسية أن يتجمع في باقي المحافظات، إعصار حق يُراد به باطل، إعصار سيقتلع الأخضر واليابس، وكل من سيقف بطريقه.
لاغبار على مطالب الشعب عندما يُطالب بحقه وإستحقاقه، ولاغبار عندما يَصيح الشعب بأعلى صوته ضد الظلم والطغيان والتهميش، ولاغبار عندما يصرخ الشعب ثائراً لكرامته وشرفه وشرف حرائره.
لكننا نتوقف عندما نسمع أصواتا نشاز وهي تُطالب بالعفو عن المجرمين والإرهابيين تحت مظلّة الحقوق والإنسانية، نتوقف عندما يَصبح العملاء زعماء يهتفون بإسم الشعب والأمة والوطن، ويُتاجرون بعواطف الناس ومشاعرهم، تحت مسمى الوطنية.
فنحن لانقبل أن يُرتَهَن الوطن مقابل شخص مهما كان إسمه أو صفته أو فضله، ولانقبل أن يَحترق الوطن لخاطر شخصية سياسية مهما كان شأنها ومكانتها، فالوطن أغلى وأكبر من الجميع.
فكُلنا راحلون والوطن باقي، جملة تناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل، لكن من منّا سيذكره التاريخ بخير؟
ومن منّا سيسكن مزابل التاريخ؟، من منّا سَيُحبه الله وشعبه؟.
ومن سيلعنه الله وشعبه؟، من منّا سَيَدخل قلوب الناس قبل بيوتهم ومن سيدخل بطون الناس ويلفظونه مع فضلاتهم.
يقول أحد حُكَماء العرب ... ((بُلينا بقومٍ يظنّون أن الله لم يَهدي سواهم))، فكل منهم يرى نفسه مركز ثقل الارض وعلى الجميع الإنجذاب اليه وقبوله والتصفيق له والإشادة به لأنه العالم، الفاهم، المقتدر، الحكيم، المتفرّد، الشريف، النزيه ... الى آخر الصفات الإلهية، ولكن لم يَشعر أنه قد يكون الظالم، الديكتاتور، العنصري، الطائفي ... الى آخر صفات الطغيان والظلم..
إتّقوا الله بشعبكم، وإتّقوا الله بأنفسكم ، وإتّقوا الله بالوطن، فهو أمانة بأعناقكم يُحاسبكم الله عليها يوم لايَنْفَع مال ولا بنون، إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم.
مَرّ بصفحات الوطن الكثير، السياسي وسياسي الصدفة، والمتديّن والمُدّعي، والمحترف والمدّعي، والشريف النزيه والمدّعي .. لكن هل سأل أحدكم أين كل هؤلاء؟، أين ذهبوا؟.
لقد رحلوا وأصبحوا تاريخاً صفحات بعضه سوداء كوجوه أصحابها ، وصفحات بعضه بيضاء كقلوب أصحابها.
لاتتكابروا على شعبكم، فهو من صَنَعَكُم، وهو القادر على إزاحتكم.
تصالحوا، وتصافحوا، وتشاركوا بحسن نية، وقلب مفتوح ملئه المحبة والثقة، وإلّا فارقوا وإختفوا بلا رجعة ليتسنى لغيركم تقديم خدماته.
لقد حانت الساعة .. فبالإمتحان يُكْرَم المرءُ أو يُهانْ، وإمتحان اليوم عليكم إجتيازه وبسرعة قبل أن ينقلب الأمر عليكم، ويدخل الوطن في نفق لايعلم إلّا الله أين نهايته.
فالمؤمن القوي أحب الى الله من المؤمن الضعيف، كونوا أقوياء بشعبكم ودينكم وأخلاقكم، وإعلموا أنها لو دامت لغيركم ماوصلت لكم.
اللّهم إشهد أني بلغتكم . .
أللّهم إشهد.
والله من وراء القصد.
والسلام عليكم ورحمة الله.
د. نبيل أحمد الأمير التميمي
سفير الأمم المتحدة للنوايا الحسنة / للتربية والثقافة والفنون