Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
انتفاضة العراق في ذكراها الخامسة ( الحلقة الأولى ) قصة الشرارة الأولى.. بقلم/ النائب فائق الشيخ علي
الأحد, آذار 5, 2017

 

 

 

العراق تايمز: كتب النائب فائق الشيخ علي

من صحيفة " الحياة " اللندنية ، عدد 12080 الصادر في الجمعة 22 آذار ( مارس) 19966 م

ما ان شنت طائرات التحالف الدولي غاراتها الجوية على العراق فجر الخميس السابع عشر من كانون الثاني ( يناير ) 1991 م ، حتى أصبح العراقيون في حال انتظار لما ستتمخض عنه تلك الحرب الجديدة .
 لم يكن العراقيون متأكدين أيا من الطرفين المتحاربين سينتصر في المعركة . فمع أن الحلفاء يمتلكون جيوشا جرارة وأسلحة مدمرة وأجهزة ألكترونية متطورة .. إلى أقمار صناعية زرعت في سماء العراق ، فإن صدام حسين كان هو الآخر يمتلك أسلحة دمار شامل ، وكان هدد باستخدام " الكيماوي المزدوج " في حال تعرض العراق لضربة عسكرية إسرائيلية ، وزعم بأن لديه القدرة على إحراق نصف إسرائيل .
 كما هدد الحلفاء وادعى بأن النصر سيكون حليفه ، وأن جثث قتلاهم ستتقاطر على دولهم ملفوفة في نعوش حزينة .
 لم يكتف صدام بهذه التهديدات ، وإنما زاد العراقيين حيرة يوم حذرهم في الثالث عشر من كانون الثاني ( يناير ) 1991 م من أن يصدقوا لو استمعوا إلى صوته يدعوهم إلى الإنسحاب من الكويت .
 لهذا لم يكن هناك ما يدعو إلى القطع بأن النصر سيكون حليف هذا الطرف أو ذاك . وعلى هذا الأساس لم يتحرك العراقيون ضد السلطة طوال فترة الحرب الجوية التي شنها الحلفاء على العراق - باستثناء تحركات محدودة تمت هنا وهناك - لكن ما إن أصدر الجنرال الأميركي نورمان شوارتزكوف أوامره بشن الحرب البرية على القوات العراقية ، وبدأ العد العكسي لحرب " المئة ساعة " حتى اضطرب العراقيون اضطرابا لم يشهد تاريخهم له مثيلا ، وساد الهياج والتململ صفوفهم وهم يستمعون إلى الإذاعات تتلو أخبار أبشع هزيمة تلحق بجيش على مر التاريخ .
 عشرات الألوف من الضباط والجنود يستسلمون لجيوش التحالف الدولي ، ومثلهم يوأدون في مقابر جماعية ، وآخرون يفرون من الكويت باتجاه " طريق الموت " وأسلحة تدمر ، قوات تبعثر ، آليات تعطل ، فيما جيوش الحلفاء تدخل أرض الكويت ، وأخرى تطوق القوات العراقية داخل العراق .
وهنا بدأ العراقيون يتساءلون والحرب في طريقها إلى الانتهاء :
 أين الكيماوي المزدوج ؟ وأين إحراق نصف إسرائيل ؟ أين الانتصار المزعوم ؟ بل لماذا صدام ممتنع عن استخدام السلاح الفتاك ؟ وماذا ينتظر ؟ وأين هو الآن وقد ترك الجيش فريسة في يد الحلفاء ؟ وإذا كان يعرف نتيجة المعركة فعلام هذه التضحيات والخسائر ؟
 بهذه الأسئلة وغيرها تعالت أصوات العراقيين منددة ومتوعدة النظام ، فأخذوا يسبون صدام ويلعنونه بشكل علني ، من دون خوف أو تردد . وللمرة الأولى يعبر العراقيون بهذا الحجم الكبير عن استيائهم وبغضهم للنظام ، وما من أحد يتعرض إليهم !
 ووسط ذلك الضجيج والجو الملتهب أذاعت " الإذاعة العراقية السرية المتنقلة " فجر السادس والعشرين من شهر شباط ( فبراير ) 1991 م أمر صدام حسين بانسحاب القوات العراقية من الكويت .
 وما إن سمعه العراقيون وتأكدوا من حقيقة الأمر ، حتى بادروا إلى طرح سؤالهم الأخير قبل أن يعلنوا ثورتهم على النظام :
 إلى متى نبقى ساكتين على مهازل هذا الطاغية ، الذي لم يجلب لنا في سياساته سوى الويلات والمحن ؟!
وما هي إلا ساعات تمر على وقف النار بين العراق والحلفاء في 28 شباط ( فبراير ) 19911 م وإذا بالعراقيين ينقضون على النظام فجر الأول من آذار ( مارس ) 1991 م ، وهو الشهر الذي يطلقون عليه " شهر آذار شهر الهزايز والأمطار " ليهتز العراق من الفاو في أدنى جنوبه إلى زاخو في أقصى شماله ، في واحدة من أعظم الانتفاضات العراقية في القرن العشرين .

بداية الانتفاضة :

بدأت الانتفاضة في أهوار جنوب العراق قبل أن تعلن أية مدينة عراقية انتفاضتها ضد النظام ، حين تحركت مجموعات من الثوار الهاربين من الخدمة العسكرية ، واللاجئين إلى هذه المناطق ، فشهروا أسلحتهم في وجه عناصر السلطة ومقراتها ، وراحوا يحررون المناطق واحدة تلو الأخرى ، ولم يواجهوا في كثير من الأحيان مقاومة تذكر ، ووصلوا خلال 24 ساعة إلى حافات المدن المطلة على الأهوار ، ووصلت أخبارهم عبر المسافرين إلى المدن الأخرى ، في الوقت الذي كان رجالها يستعدون ويخططون للتحرك ضد النظام .
 وفي اليوم التالي ، الثاني من آذار تحركت مدينة البصرة ، التي انطلقت انتفاضتها من منطقة " الحيانية " ومعها الناصرية والعمارة ، ثم مدينة النجف الأشرف في الثالث من آذار ، لتتبعها بقية المحافظات .. وهكذا انتشر لهيب الانتفاضة إلى مدن العراق ، لتعم الجنوب ، ولتنتقل في ما بعد إلى الشمال . وكلما كانت مدينة تحقق انتصارا على السلطة تدفع مدينة أخرى إلى الإسراع في إعلان انتفاضتها .
 وككل حدث تاريخي مهم له بداياته ، يحلو لمن أرخوا الانتفاضة أن يجعلوا لها شرارة أولى ، مصورين الأمر وكأن الانتفاضة ما كانت لتقوم لولا شرارتها الأولى ، التي ينسبون إشعالها إلى ضابط في الجيش العراقي رجع مهزوما من حرب الكويت ، فوقف أمام جدارية ضخمة لصدام حسين في البصرة ، وبعد أن عاتبه على تسببه في الهزيمة المنكرة التي ألحقها بالجيش وجه سلاحه إلى الجدارية فأحتلها إلى ركام وسط جمهور غاضب .. معلنا بدء الانتفاضة العراقية !

شرارة الانتفاضة :

ففي أول تصريح يدلي به معارض عراقي ، روى السيد حسين محمد بحر العلوم ل " الحياة " في 11 آذار 1991 م :
 " أن ضابطا عراقيا مسؤولا عن كتيبة دبابات وصل إلى ساحة العشار في البصرة ، وهو يحمل ذل الهزيمة ، ووقف يخاطب تمثالا لصدام ويحمله مسؤولية هذه الهزيمة ، ودفع به الحماس إلى توجيه فوهة مدفع دبابته إلى التمثال وإطلاق قذيفة عليه ، فتفجر ساقطا . وعندها انطلقت الجماهير المحتشدة في الساحة تهتف له وبسقوط صدام . ثم امتدت التظاهرات إلى أطراف البصرة ، ومنها إلى العمارة والناصرية والسماوة والكوت وبقية مناطق العراق " .
 هذه القصة تتكرر - مع بعض الفوارق - لدى السيد محمد العباسي في كتابه " من زاخو إلى كربلاء " في الصفحة 16 منه ، لكنه لا يشير إلى مصدر الرواية ، تماما كما فعل السيد حسين بحر العلوم في تصريحه للحياة .
أما الدكتور كنعان مكية ، فيروي القصة في كتابه " القسوة والصمت " صفحة 49 - 500 نقلا عن مصدرين . الأول : " كرونولوجية الانتفاضة التي وضعتها مؤسسة الخوئي القائمة في لندن " . والثاني : من تقرير باتريك بيشوب في صحيفة " الدايلي تلغراف " في 2 آذار ( مارس ) 1991 م .
 وعلى رغم اعتراف مكية بفشله في العثور على شاهد عيان يؤكد له ما حدث من أن " الشرارة الأولى في ساحة سعد " أو يكشف له " اسم القائد الذي قفز فوق الدبابة وأطلق النار على صورة صدام حسين " فإنه يؤكد على أن " رجلا كهذا وجد حقا ، وما حدث في البصرة في الساعات الأولى من 28 شباط ( فبراير ) 1991 م تحول إلى أسطورة عراقية بالفعل " .
 ليخلص في نهاية بحثه عن الشرارة الأولى إلى القول : " ذلك الزمن مضى الآن ، وكل العراقيين مدينون لضابط مجهول الاسم ، هو بطل انتفاضتهم ، بحقيقة انهم صاروا يملكون احتمال المستقبل " .
 ولم يترك إبراهيم نوار ( وهو كاتب مصري محايد ) كنعان مكية حائرا يبحث عن اسم الضابط الذي هشم جدارية صدام ، فذكر له اسمه في كتابه " المعارضة العراقية والصراع لإسقاط صدام " في صفحة 71 بأنه يدعى " حسين السامرائي " ، لكنه لم يوضح مصدر روايته مثلما حدد تاريخها في الثاني من شهر آذار ، وليس في الثامن والعشرين من شباط .
 وقد ذهب الدكتور وليد الحلي إلى أبعد من هذا في الخصوصيات حين حدد مذهب الضابط الذي فجر الانتفاضة ، من خلال تفجيره صورة صدام ، فقال في كتابه " العراق .. الواقع وآفاق المستقبل " صفحة 156 ما نصه : 
 " وقد ذكرت لنا مصادر سنية عراقية مطلعة ، من أن بعض الضباط العراقيين الذين وجهوا قذائفهم صوب صورة صدام حسين في البصرة كانوا من المسلمين السنة " .
 ولم يفعل الدكتور عبد الحسين شعبان أكثر من أن ينسب تفجير الانتفاضة إلى الجيش العراقي ، من دون أن يحدد شخصا معينا فيه . فقد ذكر في كتابه " عاصفة على بلاد الشمس " صفحة 96 منه ما يأتي :
 " انفجرت الانتفاضة بعودة الجيش العراقي المنهزم ومصادفته صورة كبيرة لصدام حسين في البصرة بإطلاق رشقات رصاص من دبابة حولت وجهتها ، ثم امتدت وانتشرت الهبة الشعبية في المدينة ، وأخذت ملامح وبوادر انتفاضة شعبية بالبروز عند انتقالها إلى العديد من المحافظات العراقية في الوسط والجنوب ووصولها إلى كردستان " .
 وورد مثل هذه المعاني في التقرير الذي أصدرته منظمة " مراقبة الشرق الأوسط " في حزيران ( يونيو ) 1992 م وترجمه وراجعه الدكتور صاحب الحكيم ، وطبع عام 1993 م بعنوان " عذاب بلا نهاية " إذ جاء فيه :
 " بدأ الجنود الغاضبون العائدون من الجبهة بالثورة على النظام " . ويؤرخ انتفاضة البصرة في الأول من آذار ( مارس ) 1991 م استنادا إلى قصة الشرارة الأولى ، فيقول :
 " استنادا إلى معلومات من الناس ، التي لا يمكن التأكد منها ، فإن الانتفاضة بدأت عندما قام أحد قادة الدبابات برش زخات من مدفعية دبابته على صورة كبيرة لصدام حسين ، ويقال ان هذا قد أوقد شعلة الانتفاضة لدى الجنود والمدنيين والمعارضة الشيعية السرية " .
 وهكذا دخلت قصة الشرارة الأولى التاريخ ، مع ما تحمله من تناقضات وتضارب في الأقوال ، سواء في تحديد موقع حدوثها ، أو تاريخها ، أو أشخاصها ، ورددتها أدبيات المعارضة العراقية من دون أن تتحقق من صحتها . ولا تكاد تمر الذكرى السنوية للانتفاضة إلا ونجد ذكرا لهذه القصة في صحف المعارضة العراقية .
 وعلى رغم تشكيك بعض الرواة أنفسهم بصحتها نرى أرباب الصحف وكتابها يرسلونها إرسال المسلمات في كتاباتهم ، وإذا اعترض أحد قرائها عليهم لا يجد مكانا يوصل من خلاله صوته إلى الرأي العام !

شرارات الانتفاضة :

حقيقي إن المرء ليقف مذهولا أمام هذا التزييف الفاضح لحقائق التاريخ ، فإعلام الداخل في العراق يتكتم على ما جرى في آذار عام 1991 م ، وإذا أضطر إلى ذكر الأحداث ، فإنه يذكرها مرفقة بكل نعوت التشهير والتحقير والإساءة .. فمن جرائم " الغوغاء " في القتل والسلب والنهب وانتهاك الأعراض والحرمات ، إلى " صفحة الغدر والخيانة " . 
 ومثقفو الخارج يسلبون الانتفاضة من أهلها الحقيقيين وينسبونها إلى الجيش ، من خلال اعتمادهم حادث تهشيم صورة صدام كبداية لتوقيتها .. وبين هؤلاء وأولئك ضاعت الحقيقة .
 لهذا فإننا نكتب اليوم لنرى ما إذا كان لكل ما قيل شيء من الواقع ، أو التأثير في حقيقة ما جرى في الانتفاضة العراقية .
 وإذا كان لهذه " الشرارة الأولى " كل ذلك المقدار من الأهمية ، بحيث تناقلت حدوثها وسائل الإعلام العربية والعالمية ، فإن ثلاث شرارات - في أقل تقدير - سبقت الشرارة الأولى في الحدوث إذا ما اعتمدنا الثاني من آذار 1991 م تاريخا لانتفاضة البصرة .

حدثت الشرارة الأولى صباح الثالث عشر من شهر شباط 1991 م حين خرج آلاف العراقيين من مسجد الهندي في مدينة النجف الأشرف ، لتشييع جثمان السيد يوسف الحكيم ( النجل الأكبر للمرجع الشيعي الأعلى السيد محسن الحكيم ) الذي وافاه الأجل خلال مرحلة القصف الجوي لدول التحالف ضد العراق . وقد وجد المشيعون فرصتهم في هذه المناسبة لإعلان الانتفاضة ضد نظام صدام .
 وما إن نزل الموكب المهيب من سوق الحويش وأصبح قبالة مرقد الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وسط المدينة حتى علت أصوات " الله وأكبر " أجواء المدينة ، ورددت هتافات ، ورفعت شعارات تندد بصدام ونظامه ، مستذكرين المآسي التي تعرض لها العراقيون ولا يزالون ، ومنهم أسرة آل الحكيم .
 كان النظام قد استنفر أجهزته الأمنية والقمعية في النجف ذلك اليوم . فشن على أثر ذلك حملة اعتقالات واسعة النطاق في صفوف المشيعين ، طاولت العشرات منهم ، وسارع إلى إخماد الانتفاضة في مهدها .
 وفي مساء ذلك اليوم أرسل السيد أبو القاسم الخوئي ( المرجع الشيعي الأعلى يومذاك ) في طلب لقاء مدير أمن النجف ، فسارع الأخير للاجتماع به في دارته . ومن أسرار ذلك اللقاء أن السيد الخوئي خاطب مدير الأمن قائلا :
 " أنتم في وضع محرج ولا تعرفون مصيركم في هذه الحرب ، وإنكم في حاجة إلى أن تتوددوا للناس ، لا أن تستمروا في معاملتكم السابقة لهم . لقد قام اليوم أفراد جهازكم باعتقال الكثيرين خلال التشييع .. وعليه فإني أطلب منك إطلاق سراحهم " .
رد مدير الأمن : " إنهم ستة وثلاثون شخصا فقط ، سنطلق سراحهم بعد إكمال التحقيق معهم " .
 ونفذ مدير الأمن وعده ، فأطلق المعتقلين ، لكنه أبقى على واحد منهم قيد الإعتقال ( لأسباب لا مجال للحديث عنها الآن ) .
 في اليوم التالي انتشر خبر خبر شرارة النجف في العراق انتشار النار في الهشيم .. فكانت تلك بحق الشرارة الأولى التي سبقت بقية الشرارات قبل إعلان الانتفاضة ، وقد أشارت إليها الكاتبة البريطانية جولي فلنت في اوبزرف بتاريخ 24 شباط 1991 م ، أي قبل الانتفاضة بخمسة أيام .

أما الشرارة الثانية التي اشتعلت ، فكانت شرارة كربلاء حين زارها السيد الخوئي عصر الخميس الثامن والعشرين من شهر شباط في مناسبة دينية يحتفل بها الشيعة كل عام ، ليلة منتصف شهر شعبان . وكان ألوف العراقيين يزورون المدينة المقدسة ، وما أن رأوا موكب السيد الخوئي وسط المدينة قرب مرقدي الحسين بن علي وأخيه العباس ( عليهما السلام ) حتى دوت أصواتهم هاتفة بالصلوات .
 وعم الصياح المدينة ، وسمعت شعارات منددة بالنظام ، فاضطرت أجهزة السلطة إلى إطلاق النار على المتظاهرين ، وأغلقت أبواب المرقدين ، وخشي السيد الخوئي أن تتفاقم الأمور وتتطور إلى ما لا تحمد عقباه ، فأمر ولده بالإستدارة والعودة به إلى النجف الأشرف .
 وعلى المرء أن يتصور بأية صورة انتقل خبر شرارة كربلاء إلى سائر مدن العراق ، بعد إطلاق الرصاص وأثناء زيارة مرجع الشيعة للمدينة المقدسة ؟!

أما الشرارة الثالثة فهي تلك التي توهجت في أهوار الجنوب فجر الأول من آذار ، حين تحرك الثوار يحررون الأهوار من سلطة النظام كما ذكرنا من قبل .
ثلاث شرارات لم نسمع أحدا ( من عراقيي الخارج ) يحدثنا عنها ، كما حدثونا عن شرارة الضابط العراقي في البصرة . والسبب هو أن في هذه الأخيرة قصة تحطيم صورة لطاغية مستبد أذاق العراقيين الأمرين .
لكن البطولة تفقد معناها حين يصبح تحطيم الصور ملهاة يلهو بها الكبار والصغار على حد سواء !
لقد حطم ملايين العراقيين أكثر من مليون صورة وجدارية ونصب وتمثال وساعة ( فيها صورة صدام ) وكتاب لصدام حسين ، قبل أن يقدم الضابط المهزوم على تهشيم صورة صدام في البصرة . وكانت المهمة الوحيدة التي كلفت بها أجهزة السلطة والحزب قبل " أم المعارك " وخلالها هي حراسة جداريات صدام ونصب وتماثيل ، لأن معضمها كان تعرض للتلف والمهانة .. فضلا عما آل إليه مصير المتبقي منها في الانتفاضة ، ولهذا كان من أشد الأمور وطأة على العراقيين أن يعثروا على صورة لصدام ، يوم استعادت السلطة سيطرتها على المدن المنتفضة ، إذ دخلت بيوت الناس ومحلاتهم ولم تجد صورة صدام معلقة على الجدران .
ظروف ودوافع وأسباب كثيرة مهدت للانتفاضة العراقية وأشعلتها ، لذلك لا يصح القول أن العراقيين " مدينون جميعا لضابط مجهول الاسم هو بطل انتفاضتهم " .

اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.3922
Total : 100