شفنا ازاي الخزاعيين خلقوا سوق محلي في مكة، ودي كانت النقلة الأولى للقرية المقدسة. وازاي قصي عمل أساس لـ تجارة بره قريش، وخلق تجارة إقليمية في المناطق اللي حوالين قريش، ودي كانت النقلة التانية، النقلة التالتة بقى، اللي خلت مكة على الخريطة الدولية، وطرف في كافة التفاعلات عملها هاشم بن عبد مناف، بعد حسم الصراع مع ولاد عبد الدار.
هاشم راح الشام، وعمل هناك استعراض بـ قدراته وقدرات قومه المادية، وأخلاقهم وتحضرهم، وكانت النتيجة إنه توكيل تجارة الروم في المنطقة العربية كلها. ويقال إن اللي وقع معاه التوكيل هو القيصر ذات نفسه، بس بـ غض البصر القيصر ولا مندوب عنه، هاشم نجح في اللي جي علشانه.
طور هاشم طريقة قصي في التعامل مع القبائل المحيطة بـ مكة، وعممها على القبائل اللي بـ تمر بـ الطريق للشام. وهي إنه يديهم نسبة نتيجة مرور التجارة، وده يعني إن أسس لـ ما يمكن تسميته، ولو على سبيل المقاربة مش أكتر، إمبريالية صغرى في المنطقة.
طبعا الموضوع هنا مختلف شويتين، لأن القبائل دي مش زي القبائل اللي حوالين مكة، وهـ ييجي الكلام بـ التفصيل.
نجحت التجربة، فـ قرر هاشم وإخواته يعمموها على كافة مراكز التجارة العالمية. هاشم كان ليه أخ اسمه المطلب (مش عبد المطلب، لأن عبد المطلب ابنه) المطلب راح اليمن، فـ عمل جنوبا زي ما عمل هاشم مع القيصر شمالا، وخد توكيل التجارة اليمنية، اللي كانت متحالفة وقتها مع الروم، وطرف معاهم في الصراع ضد الفرس.
الأخ التالت لـ هاشم كان عبد شمس بن عبد مناف، اللي راح للحبشة ياخد التوكيل من النجاشي ملك الحبشة، وتمت مهمته هو كمان بـ نجاح، أما الأخر الرابع نوفل بن عبد مناف فـ راح خد التوكيل من كسرى في فارس.
طبعا انسى بقى بني عبد الدار بعد الحركة دي، ولاد عبد مناف بقوا هم الكل في الكل داخل مكة، والتجارة تضخمت، ورؤوس الأموال بقت زي الرز، ده غير إن الوارد من التجارة مكنش بس فلوس، فيه عبيد وجواري واختلاط بـ ثقافات مختلفة. بـ اختصار ولاد عبد مناف بقوا برنسات، ومكة بقت أم القرى.
العهود اللي خدها هاشم وإخواته هي المعروفة بـ اسم "الإيلاف" المذكور في القرآن: "لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف"، يعني: علشان خاطر قريش، وعلشان خاطر رحلة الشتاء ورحلة الصيف، اللي هي كانت الرحلات التجارية، اللي بـ تطلع في الأشهر الحرم.
فيه ناس بـ تطعن في إن الإيلاف هو العهود دي، وفيه ناس بـ تقول إن الإيلاف هو اللي عمله قصي من البداية، بس تسلسل الأمور بـ يقول إن هو ده الإيلاف، إضافة إلى إن الربط مش حديث، فيه كتب تراث بـ تذكر صراحة إن هو ده الإيلاف، وأبو هلال العسكري في كتاب الأوائل قايل نصا: "أول من أخذ الإيلاف لقـريش هاشـم بن عبد مناف، والإيلاف : كتاب أمان يؤمنهم بغير حلف".
على أية حال، وبـ غض النظر هل كان هاشم مسمي العهود التجارية مع القبائل العربية "إيلاف" ولا كان مسميها حاجة تانية، ولا أصلا مكنش لها اسم. فـ العهود دي هي اللي حطت مكة على الخريطة الدولية رسميا، وهي مختلفة، أو خلينا نقول متطورة، عن عهود قصي، وده يخلينا لازم نبص بصة على أوضاع أماكن مهمة في الفترة دي: الروم، الفرس، اليمن، الحبشة، دول أصحاب التوكيلات، ونبص كمان على المراكز التقيلة جوه الجزيرة، زي يثرب والطائف وغيرهم علشان نقدر نشوف الصورة من فوق شوية.
وده فـ الليالي الجاية
استنونا
مقالات اخرى للكاتب