بعد طول عناء مِن البَحث وجدتُ مسكن أبو حسين، وكان كما وصفهُ في الجزءِ الأول مِن هذهِ المقالة، ولي إضافة عليه في ما بعد، وبدوره ابدى لي الشكر بحفاوة على تلبية الاستضافة، وكأنه لم يزوره أحد، وأثناء ما ذهب ليجلب الشاي، إذ وقع نظري على مَجلة جَميلة المنظر، فدنوت لأتصفحها، لكن سُرعان ما عادَ صديقي قائلاً دعكَ مِنها، قلت لماذا، قال: هذا لأنها سوف توقع بيننا، فأجبته: لا عليك، عندها ناولها لي بابتسامة عريضة، فقلبتها بشكل سريع فتبين إنها لطيفة وجميلة جداً فأين المشكلة يا ترى، فأجابني: اقرأها بتمعن وسوف تعرف الحقيقة بنفسك، فبدأت بقراءتها رويداً رويداً حتى وكأني سأمتحن بكالوريا في اليوم التالي على أية حال سأقف عند هذا التصريح، نظراً لضيق المكان وانقطاع التيار الكهربائي وسط زخم عائلة أخينا الموظف بوزارة النقل في الدولة العراقية الجديدة!!! وهو كالتالي: "ويلتحق في سياق الانجازات الطفرة الكبرى في إيرادات النقل البري والمسافرين والوفود وبحافلاتها ذات الطابقين التي تطرز شوارع بغداد زهوا وازدهارا وهو ما يمكن ان يكون متميزا هذه الأعوام عن بقية الأعوام الأخرى" (صفحة الافتتاحية، من مجلة النقل والمواطن ذات العدد (17)- نيسان-2013) أنه كلام جميل جداً بل وشاعري أيضاً وعملي ومنطقي في نفس الوقت.. إلا انه لا يتناسب ودخل موظف وزارة النقل، كما هو حالهم بشكل عام، ومساكنهم التي تثير الشجون بشكل خاص، مما يدل على إنهم لا يشكلون رقماً في سجلات وزارتهم ومن يقف ورائها، فضلاً عن عدم وجود مثل هكذا مطبوعات ومنجزات عملاقة إلى حد كبير على حد علمي لأي وزارة بما في ذلك النفط والكهرباء، بمعنى أصح يجب أن يكون موظفي النقل اليوم بناءً على هذا الخبر الصحفي في المراتب الأولى لتصنيف الوزارات والدوائر المترفة أليس كذلك؟ أنا أشكرك كثيراً واثني على تشخيصك الرائع هذا، لكن دعني أخبرك شيئاً.. في بادي الأمر أن هذه المجلة وهذا الخبر بحد ذاته مدعاة سرور وفخر لنا جميعاً، طبعاً إذا انعكس ذلك بالإيجاب على كوادر الوزارة بشكل عام، وبالخصوص الذين يعملون في الدوائر الإنتاجية منها.. وعلى هذا الأساس سأطلعك بما يجري خلف الكواليس، عائداً بك قليلاً إلى ما قبل عام- 2003- حيث كانت رواتبنا ضعيفة جداً واقع حال عموم العراق تقريباً آنذاك، وبما أن وزارتنا تقدم خدمة للمواطن مقابل أجور أي أن هناك واردات مادية، لذا يتم توزيع تلك الأموال كحوافز ومخصصات شهرية تصل إلى حد مقبول، يضاف له الإرباح السنوية، وكانت بنسب جيدة، بالاظافة إلى انسيابية السلم الوظيفي بشكل عام، وعدم تأخر الترقيات، ناهيكم عن المجمعات السكنية الخاصة بالمنتسبين، هذا كان يحصل في زمن الظلم والاضطهاد لنظام البعث المستبد.. أما ألان وللأسف الشديد فلا وجود إلى شيء من هذا القبيل بالرغم من التطور الذي يشهده قطاع النقل، وانفتاحه على العالم الخارجي، ويعزى السبب في ذلك لأسباب عدة،، أبرزها سوء الإدارة والتخطيط وغياب المتابعة والرقابة النزيهة،، مما يفسح المجال أمام حيتان المافيا لتسرح وتمرح بنهبها قوت هؤلاء المساكين دون رادع حقيقي لهم، وسأطلعك على ما هو أعظم وموسوم بالأرقام والأسماء ان لزم الأمر، قلت له حسناً يكفي هذا المقدار على أمل أن تشرفني بمنزلي في المرة القادمة
مقالات اخرى للكاتب