العراق تايمز: كتب حسين علوان الفرطوسي
كنا نظن اننا كلما اتجهنا صوب الشرق الاوسط سنشعر بلفح الحر وحرارة ارتفعت دراجتها حتى في عز ايام الشتاء التي كانت تعد باقي القارات بالزمهرير، لكن ترى من اين جاء هذا الصقيع.
درجات البرودة هنا تدنت تحت الصفر نتيجة قلوب متحجرة وضمائر باردة سكنت هذا الشرق الاوسخ الذي ما عدنا نطيق نتانته ونحن نتسائل كيف لكرسي باربعة ارجل ان يحدث كل هذه اللعنة؟؟.
لا ينكر احد اننا في خضم هذه الأيام العجاف نعيش حالة من الذهول والصدمة حيال ما يقع في العالم، تحديدا بسوريا والعراق هذه الصدمة التي بدأت تسري في جثة الرأي العام الهامدة منذ سقوط الانظمة العربية في اطار ما سمي بالربيع العربي، واخرها انهيار سوريا واستحواذ داعش عليها وعلى اراض مترامية الاطراف من العراق.
الآن ربما حان الوقت ولو متأخرا لفهم هذه الاحداث التي تدور رحاها في العراق وهو ما جعلني غير متباطئ في النبش في ارشيف كتابات خطها اصحابها بمداد من دم وغيرة، كانت تدق ناقوس الخطر قبل ان تحل الكارثة لكنها قوبلت بكثير من الاستخفاف واللامبالاة، كتابات كانت تصف لنا ما سيحدث من مصائب ستقع على رأس هذه الأمة النائمة لكن لا احد كلف نفسه عناء الاصغاء.
قبل خمسة سنوات من اليوم وجه رئيس المجموعة الدولية للإعلام اسماعيل مصبح الوائلي رسالة لاهبة الى التيار الصدري معاتبا ومحذرا من خطر داهم يسعى لخراب شامل سيأتي على العراق بنفطه وشعبه ونهريه وذلك بتواطئ من بعض ابنائه غير الشرعيين الذين خرجوا من صلب الصهيونية واعلنوا الولاء الكامل لها ولا احد سواها بمعية اللواء الخاص التابع للحرس الثوري الايراني المتكون من عرب ايران ـ الذين تم منحهم الجنسية العراقية ابان مجلس الحكم بقيادة اليهودي الصهيوني ”بول بريمر” في مشروع كان يحمل عنوان (دمج المليشيات في الاجهزة الامنية) ـ بعد الاحتلال واثناء عمليات (صولة الفرسان) ايضا في محافظة البصرة وباقي المحافظات من قتل وتدمير لانصار واتباع الشهيد الصدر الثاني وتمزيق صوره وقيام المالكي بتدنيس صورة الشهيد الصدر الثاني بقدميه أمام قياديي الحركات والتنظيمات السياسية وشيوخ العشائر، وأمر اتباعه ان يدنسوا الصورة باقدامهم أمام انظار عامة الناس.
لقد قالها اسماعيل الوائلي وكيل الصدر الثاني وبملئ الفم انه من هوان الدنيا وسخرية الاقدار ان يستلم مقالد الحكم رجال من حزب الدعوة الذين لم يتورعوا في بيع العراق بالجملة في السوق الإسرائيلية وتنفيذ مخططات شيطانية متكالبة تسعى للنيل من هذا الوطن ارضا وشعبا.
فبعد ان تحدث الوائلي عن معاداة مدرسة الشهيد الصدر بوسائل خبيثة كانت حريصة على تسقيطه والطعن في أعلميته ومصادرة نهضته التصحيحية للفكر في تحامل خبيث تؤكده وثائق وحجج دامغة رغم افضال الشهيد الصدر عليهم فيما وصلوا اليه، هي عملية تكشف بكل وضوح عن خيانته وعدم حفظه للوعد والعهد سواء كان لاتباع او انصار.
لقد تحدث الوائلي عن المؤامرة الخبيثة سنة ٢٠١٠ وقال ان من بين الخطط الساعية لذبح العراق هو دعم الحوزة البريطانية بقيادة السيستاني والقضاء على معارضيها بالاضافة الى القضاء على كل وطني ومعارض للإحتلال والحوزة البريطانية وكل من يقف بوجه او يعيق المخطط الصهيوني على العراق بواسطة قانون المخبر السري الذي اقره مؤتمر لندن سيء الصيت.
تحدث ايضا عن عدم التقرب لأموال اضرحة الأئمة من اهل بيت النبوة والعتبات المقدسة. حتى تبقى تحت تصرف محمد رضا السيستاني ـ بواسطة عبد المهدي الكربلائي واحمد الصافي اذرعة السيستاني في الاشراف على جميع مؤسسات الدولة العراقية ـ لتصرف على اتباعهم من الفرس في ايران وباقي دول العالم وصرف باقيها في فيافي بني سعد كما عبر عنها الشهيد الصدر الثاني في احدى لقاءاته المسجلة والمعلنة.
الوائلي لم يغفل الحديث عن توقيع اتفاقية الاذعان والاحتلال الدائم. والتي سميت في حينها الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة الذراع الضاربة للكيان الصهيوني، واقتطاع جنوب العراق وضم المنطقة العربية في ايران التي اهدتها بريطانيا للفرس لتكملة مخطط تقسيم العراق عام 1924 وضم الكويت ومنطقة الشرقية السعودية تحت اسم (كونفيدرالي) وجعلها امارة تابعة بقيادة فارسية بحتة.
من بين التخطيطات ايضا التي جاءت في رسالة اسماعيل الوائلي هي اهداء ثروات العراق من نفط وغاز للشركات الاحتكارية التي يديرها الكيان الصهيوني ويتمثل بعقود جولة تراخيص النفط التي ابرمتها وزارة النفط التي تدار بالكامل من قبل المدعو محمد رضا السيستاني ابن رجل الدين المعروف علي السيستاني الذي يقود (ظاهريا) الحوزة البريطانية. والتي تم تسميتها بالحوزة غير الشريفة من قبل السيد العظيم الشهيد الصدر الثاني. ناهيك عن فضحه السكوت على الامراض الخبيثة القاتلة والأوبئة التي القتها ولا زالت تلقيها طائرات ومختبرات ابحاث الكيان الصهيوني للقضاء على عرب العراق وانقاص سكانه بعد تهجير من يستطيع ان يهرب ليصل عدده إلى خمسة أو ستة ملايين نسمة فقط.
واخيرا وليس آخرا تغيير مجرى نهر دجلة ليصب في اسرائيل واقتطاع ثلث العراق الشمالي بنفطه وغازه ومد انبوب للنفط وانبوب للغاز إلى اسرائيل. فهل تنبأ شخص غير الوائلي اسماعيل بهذه الاحداث التي نعيش ذروة ارهاصاتها ايامنا هذا.
استقراءات تتماشى مع العقل بالنظر لما يحدث اليوم في العراق، تحققت غالبيتها في غفلة من الناس واخرى لازلت في طور التحقق، ومع ذلك لم يجني اسماعيل الوائلي سوى السباب والشتم وقذف عرضه واتهامه بالسرقة في غياب للادلة فكانت تلك الاتهامات مصداقا للمثل القائل "اتغدى به قبل ان يتعشى بي".
اسماعيل يحاول جاهدا ايقاض ما تبقى من الضمائر العراقية على الرغم مما تلقاه ويتلقاه من هجوم أرعن من طرف اتباع علي السيستاني، وغيرهم ممن لاضمير لهم ولا شرف الكلمة الحرة الصادقة وماكان ليتحدث الوائلي لولا الامانة الملقاة على عاتقه، فلا هو من الطامحين بمناصب ولا كراسي، ان لديه من الإيمان والشجاعة والصبر والاخلاص والحكمة والعلم ما يغنيه عن كل مغريات المناصب، كما ان لديه من الضمير ما لا يهوى الرغد في بلاد تسبح في الدم.