الأسحاقي , تصورت المكان حكراً على أبناء عمومتنا أتباع النبي أسحاق منشيء اليهودية وشقيق النبي أسماعيل الذي صار جدنا نحن الفرقة الناجية الوحيدة الذي أصطفانا الله لنكون شمس تنير دروب البشرية !
في الحقيقة سمعت بهذا المكان ولنا فيه أقرباء كما كل العوائل العراقية , لا أعرف عنه سوى أنه قضاء يتبع محافظة صلاح الدين شائت الصدف اليوم أن أعرفه بالتفاصيل حين أوصلت ضيوفاً كانوا عندي منذ الأمس قادمين من كركوك الى بيت أبي يوسف الذي يقرب لي من بعيد , وحين وصلت أقسم الأخير أن أبقى فلديه ضيوف آخرين من النازحين وأقام وليمة حاتمية , كانوا ثلاثة أسر يقربون له من شقيقته , تبين أنهم من الأسحاقي , أحدهم كان يعمل شرطي (عين باتت تحرس في سبيل الله !) تم تفجير بيته من قبل داعش (لأنه منتسب) وأجهش بالحسرات وهو يحدثنا عن سلبه سيارته وآثاثه و كيف أطيح ببيته الى الأساس وهو الذي أفنى حياته من أجل بنائه بمبلغ يناهز المائة والثمانين مليوناً , رجل آخر روى لنا كيف هرب بجلده مع أطفاله وهو الساكن في الأطراف بمنطقة ريفية فبعد خروجه أتصل بمن بقي هناك ليبيع (حلاله) من الماشية ويرسله له على الفور بسعر لايساوي ربع القيمة في الظروف العاديّة كونه لايملك فلساً واحداً فهو لم يحلم (على حد قوله) بتلك الأحداث الجهنمية!
آخر أخبرنا أن أحد البيوت هناك أطلقت منه النار مرة على طائرة بواسطة بندقية أحادية فكان مصير المدينة أن تقصف بالطائرات يومياً مما حدى بالغالبية للهروب الى الشاطيء كلما سمعوا صوتاً حتى ولو كانت نسمات خريفية !
خبر آخر نقله أحد الجالسين وكان حزيناً جداً , يقول لرفاقه من النازحين بأن المدرسين (فلان وعلّان) قتلا أثناء محاولتهما جلب غذاء لأسرتيهما , وبعد أن نقلا الى المستشفى أحتار ذويهم بمعرفة المسؤولين عن قتلهم وتبادلت الأطراف المتقاتلة الأتهامات , وبقي يؤكد أنهم من خيرة أبناء المدينة !
لو لم نكن في العيد لحدثتكم عما حصل في الموصل على لسان (الست منى) التي لها أبنة متزوجة هناك وكيف يقوم الصبيّة الدواعشيون بألغاء وثيقة التوبة من الرجال ومن ثم يحبسون أصحابها ليستولوا على أملاكهم المنقولة ولايطلقون سراحهم الا بعد دفع فدية أم الثلاثة (دفاتر) وأكثر , وكيف صارت أنبوبة الغاز معجزة صعبة المنال يحتكرها الصبية الموالون يمنحونها بستين ألف مع عبارات تملقيّة , حتى الماء صار مكرمة لا يحصل عليه الا الواغلون في أجادة التوسل والمحسوبية , شهادات مؤلمة تفضح جرائم لاتحصى تجري في مدن شتى على يد أطراف متطرفة عدة تجعلنا نتوقف عند عبارة (عيد سعيد) فلا عيد يتحقق الا بأعادة النازحين الى بيوتهم فحالهم عار علينا وعلى البشرية , وعاقبة الخذلان تدور كما المنايا فالدنيا مركب واحد لا يأمن أحدنا الغرق أو النزوح على حين غرّة إن أستمر التخاذل للأبد , اللهم أني بلغت اللهم فأشهد .