بهذا العنوان تناولت صحيفة عربية قرار مجلس النواب العراقي يوم الاثنين الماضي في مقالها الرئيسي ، وترى بأنه ( قد اغلق الباب أمام تمرير أي اصلاحات مستفلية دون أن يقرها ) ..
فهل كان انقلابا برلمانيا حقيقة ، كما فسرته تلك الصحيفة ، لأنه (شطب بجرة قلم على اصلاحات العبادي ) على حد تعبيرها ، أم يشير القرار الى ضعف المجلس ، وحصول تجاوز على صلاحياته ، وعدم معرفة السلطات لحدود واجباتها ، كما فسره متابعون ..؟.. بينما كان هناك من لا يعد تلك الاجراءات أصلاحات بل هي اجراءات تقشفية فرضتها الظروف المالية ..
هناك تكهنات واراء وتوضحيات كثيرة أعقبت ذلك القرار ، زادته غموضا ، وأغلبها جردت المجلس من دوره ومسؤوليته ، وظهر وكأنه لا (يعرف ) تخصصاته وواجباته ، وأن الدولة تسير( بقدرة قادر ) ، ما دامت سلطاتها الثلاث الى الان لا تعرف حدود صلاحياتها ، ولا تعرف مواد الدستور ، وتحتاج الى قرار للتذكير بها ، وتأكيدها والعمل بها ..
ويتوضح هذا الغموض في التفسيرات .. فبعضها ترى أنه دعم للاصلاحات واخرى ترى أنه قيد حركة رئيس مجلس الوزراء الاصلاحية لسحبه تفويضه باستخدام صلاحياته في الاصلاحات ، فيما نفت اخرى أن يكون المجلس قد منح في الاساس صلاحياته لاي جهة كانت .. فلماذا اذن صدر هذا القرار…؟!..
فيما شدد أخرون من النواب على حق المجلس في التشريع ، والتأكيد على العمل بمبدأ فصل السلطات ، وكأن المجلس يريد بهذا القرار أن (يمنع السلطتين الاخريتين التجاوز على صلاحياته ) على حد قول من يرى ذلك .. أو أن هناك تداخلا بين السلطات ، أو أن هناك مجلسا أخر يتازعه على صلاحياته ، ويشاركه في التشريع ، وبالتالي ظهر و كأنه الحلقة الاضعف في الدولة ، ولم يكن النظام برلمانيا ، ومنه تنبثق الرئاستان ( الجمهورية والوزراء ) !!..
وقس على ذلك ما يشابهها من التصريحات التي ( تفسر الماء بعد الجهد بالماء ) .. وتشطب على تاريخ العراق وكأنه دولة تأسست حديثا ، وليس لها تاريخ وباع طويل في القانون يمتد الى شريعة حمورابي ، أو أن هناك جهلا بحدود الادوار والواجبات لكل سلطة ، وتجري الامور خارج أطر الدستور والقوانين ، وعندها لم يكن مستغربا أن يحصل هذا التراجع والتدهور في البلاد في مجالات مختلفة ..
وخارج إطار تلك التصريحات هناك سؤال يتبادر الى ذهن المراقبين وهو : لماذا تذكر مجلس النواب الأن هذه ( الثوابت الدستورية ) ، وبعد مضي أكثر من شهرين على الاصلاحات التي وافق عليها وقدم الدعم لها .. ؟..
واذا ما كانت تلك القرارات ( – وهي صدرت باسم الشعب لانه فوض بها رئيس الوزراء – قد أحرجت البرلمان لانها لم تكن بالمستوى المطلوب ، وقد حصل في بعضها تجاوز على الدستور ) على حد ما ذهب اليه احد النواب .. فهل تشهد الايام القليلة المقبلة اصلاحات حقيقية أكثر استجابة لمطالب ، وتطلعات الجماهير وحاجة البلاد ، وتبدأ بإس البلاء ، وهو المحاصصة ، التي جعلت من مجلس النواب نفسه واجهة سياسية للاحزاب والكتل ، و هي من ( يحكم ويتحكم بالبلاد ، وتطبخ القرارات خارج قبته وتصدر باسم الشعب بتوقيعه ) ، وهي ( من يفشل ويعطل اي قرار اذا كان يتعارض مع مصالحها ) على حد تعبير المراقبين …
والبداية الصحيحة للاصلاحات تكون من المحاصصة التي جرى بموجبها تقسيم السلطات بين ( الشركاء ) .. وعندها تعرف السلطات حدودها وصلاحياتها ..
وليس هناك أدل من التظاهرات الجماهيرية على عجز مجلس النواب في تمثيل الشعب بالجانب الرقابي ، وفي متابعة الاداء الحكومي فيما يتعلق بتوفير حاجات الشعب المختلفة ، وتراجع الخدمات ، واستشراء الفساد ، وتطوير البلاد نحو الاحسن ، وحفظ أمنها وسيادتها وثرواتها من أيدي العابثين والسراق ..
والاصلاح يبدأ من هنا .. من المحاصصة ..
فماذا انت فاعل يا مجلس النواب ..؟..
{{{{{{
كلام مفيد :
فائدة لغوية اخرى انقلها بنص كاتبها ايضا ..
ما هو الفرق بين الكآبة والحزن ..؟..
الكآبة : تظهر على الوجه ..
الحزن : يكون مضمرا بالقلب ..
اعاذنا الله واياكم منهما ..
مقالات اخرى للكاتب