لمؤسسات التربوية في كل دول العالم تهتم بالتربية قبل التعليم لانه ( لا يوجد تعليم بدون تربية). واسم (وزارة التربية والتعليم) يدل على تقديم التربية على التعليم، خصوصا بالمدارس الابتدائية. وكلنا يعرف ان التسجيل في المدارس الابتدائية يتم بحسب الرقعة الجغرافية لتلك المناطق. حيث تكثرالفوارق الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية والتربوية.ويتفاوت الدخل المعيشي للتلاميذ. ان كل هذه الاسباب قد تخلق تلاميذ من المحرومين، يقومون بالتنفيس عن حرمانهم بمشاكسة باقي التلاميذ غير المحرومين، من خلال خلق مشاكل معهم وابتزازهم وضربهم وسرقة مصروفهم، وتمزيق كتبهم ودفاترهم، بل يتحكمون حتى بترتيب جلوسهم داخل الصف. وهؤلاء التلاميذ المشاكسون لا يتجاوزون العشرات في مدرسة يتجاوز تلاميذها 600 تلميذاً. وهنا نتساءل من الذي يقع عليه دور تربية هؤلاء التلاميذ المشاكسين وغيرهم ؟ هل هو المعلم أم المدير؟ ومن يستطيع رصد سلوك التلاميذ، هل هو المعلم أم المدير؟ ان كل النظريات التربوية الحديثة تعطي للمعلم دوراً تربوياً محوريًاً.
ولكن ماذا يفعل المعلم عندما يكون مدراء المدارس يستلمون أوامرهم من كراسيهم التي لاتحثهم إلاّ على الإستبداد بالرأي والتعالي على زملائهم، وتغييب دور المعلمين، فوزارة التربية يوميا تصدر بيانات واوامر ادارية وتوزعها على مدارس البلاد ويستلمها مدراء المدارس وأغلبهم مثل أجداث نخل خاويه. يستلمونها برجفه وخوف وبعد دقائق ينعقد اجتماع للهيئة التعليمية. ويبدأ المديركلامه بالصلاة على محمد. وهونفسة الذي كان يبدأ كلامه بــــعاش القائد. ويتلو تعليمات الوزارة: ممنوع الضرب / ممنوع التوبيخ، حيث يبدأ بالممنوع وينهي كلامه بالممنوع، ولا يسمح لاحد من المعلمين بغير التوقيع على التعليمات، لان السيد المديرالعام خوله ـ كما يدعي ـ بكل شيء. وهنا كلام مدراء المدارس صحيح لان أغلبهم قضى بمنصب مديرمدرسة لاكثر من ست أوسبع سنين وربما أكثر من ذلك، وصارت أغلب المدارس تسمى باسمائهم واسماء آبائهم، وللتأكيد على ذلك ميدانياً، لو سألنا أي تلميذ أو طالب عن إسم المدرسة التي يداوم بها لأجاب أنا أدرس في مدرسة (.......) أو مدرسة(....)، وهنا ارتبط مديرالمدرسة بكل مفاصل تربية بابل بعلاقات عائلية وواجبات أجتماعية، ,اصبحوا (دهن ودبس) كما يقال، ولكي يثبت مدراء المدارس كراسيهم ويواجهوا معارضيهم نراهم يحتفظون بتهم جاهزة ضد كل معلم لا يروق لهم.
ان من المدراء من يتباهى بحصولة على نسبة نجاح عالية وامتلاكه لسجلات مرتبة ملونة بطريقة الزرق ورق علماً ان كل هذا الانجاز المميز هو أنجاز المعلم أوالمعلمة. ولكن التقييم يتم من قبل الجهات التربوية العليا تأتي للمدير فقط، يعني( الزعيم الاوحد يثمن الزعيم)! مما جعل المدراء المتميزين حقيقة لايتجاوزون عدد اصابع اليد الواحدة، أما الزعماء وأقصد (مدراء كل الهله) فيتكاثرون مثل الطحالب.يعرف بعضهم بعضا وعلى طريقة حرامي الهوش يعرف حرامي الدواب! فاذا ماإحتاجت مدرسة ما إلى شيء ما فلايتمكن أغلب المدراء القديرين من الحصول على قرار يصدر من الزعيم الاوحد، ولكن بمجرد ما يتصل زعيم (موأوحد) بالزعيم الأوحد تلفونياً فان القرار يكون فورياً، وينفذ قبل وصول الكتاب. ورحم الله الشاعر...... الذي طلب منه الجمهور وعلى قاعة الشعراء الشعبيين أيام النظام السابق في بابل القاء قصيدة بحضور بعثيين بدرجات مختلفة.وكان الشاعر فقيراً جداً لدرجة الجوع لكنه غيرمشمول بأية مساعدة من الحكومة، فأستغل وجود ممثلي الحكومة ونقل معاناته بهذه القصة التي سأوردها لكم عن لسانه:
طال عمرالحصار حتى وصل الى الغابة وحاصرهم الجوع، هنا أجتمعت الحيوانات وطلبت من الاسد بصفته المديرأن يذهب لدائرة الرعاية الاجتماعية، ويجلب لهم طعاماً، وفي الصباح ذهب الاسد للدائرة فوجد الازدحام شديداً، فحاول (ضرب السره) فاشتغلت عليه الدفرات، فرجع الى الغابة شابع جلاليق، وهنا صاحت اللبوة غداً أنا سأذهب لدائرة الرعاية الاجتماعية، وفعلا مثلما ذهبت مثلما رجعت والدم منها يسيل، فأصبحت الحيوانات في حيرة من أمرها، ولكن القرد اقترح ان يذهب الحمار لهذه المهمة، وفي الصباح توجه الحمارالى دائرة الرعاية الاجتماعية، وبعد ساعات عاد الحمار ومعه سيارتان محملتان بكل مفردات البطاقة التموينية،ففرحت الحيوانات كثيراً لهذا الانجاز المتميز، فصدم الأسد لهذا الأمر، وهمس في إذن الحمار: (كيف حصلت على هذه الوجبة
الغذائية المحترمه)؟ أجاب الحمار(عندما دخلت على غرفة المدير وجدته من دورتي). ورحم الله الشيخ الدكتور أحمد الوئلي حينما قال:
فالمجد يحتقـر الجبان لانـه.... شرب الصدى وعلى يديه المنبع
ويصان ذاك لانه من معشر....ويضام ذاك لانـــه لا يركـــــــع
مقالات اخرى للكاتب