نود ان نذكر وقد وصلنا الى المحور السابع في الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة كان الغرض من هذه الاضاءات هو استكمال ما شاب قانون المحاماة النافذ من نقص وقصور مع ضبط بعض أحكام ما ورد في مشروع قانون المحاماة الجديد واستحداث ما سكت عنه القانون القديم والجديد وإعادة صياغتها في مزيد من الدقة على هدي الأحكام التي تضمنتها القوانين الحديثة المماثلة في هذا الشأن والمبادئ التي أقرتها الجمعيات والمنظمات والمجالس المتخصصة في مجال المحاماة، ووصلتني العديد من الاراء لكن غالبها غير مدعم بنصوص قانونية مما يضعفه، ومحورنا اليوم، هو:
مكاتب المحامين
المحامي يؤدي رسالته في ظروف غير مواتية، ما بين خصم يناوئه، ورول مزحوم بمنغصات مهنية واجتماعية وقانونية قد يدفع إلى العجلة أو ضيق الصدر، ومتلقي نادرًا ما يجب سماعه وغالبًا ما يضيق به؛ لذلك كانت المحاماة رسالة الكلمة والحجة أداتها، والفروسية خلقها وسجيتها، ومن مستلزمات ديمومتها ورصانتها وهيبتها؛ ان يكون للمحامي مكتب يباشر اعماله من خلاله، وبسبب الفوضى المهنية التي تعتري مكاتب المحامين لخلوها من الرقابة المهنية المطلوبة، مما جعل كثير منها يعمل بطريقة غير مهنية وذات ابعاد متعددة الاشكال بخاصة البعد التجاري، وجلها لا تمت للمحاماة بصلة وبعض المكاتب اصبح مكان لعقد الصفقات المريبة ومكان لتلقي الرشاوى وتسليمها للمقصودين باستلامها، وبعض الاخر بات وكرا لتواجد مجرمين وارهابين، وأخرى أصبحت ملاجئ لفاسدين ومخابئ لأدلة الإثبات، ومكاتب أخرى بدت وكأنها مقر لممارسة العمل السياسي وعقد صفقات غير مشروعة، ومنها امسى محل لممارسة اعمال غير قانونية؛ قد يكون بعضها غير أخلاقي، جعلت من مهنة المحاماة خاضعة للتأويل والتفسيرات الخاطئة، والكلام الذي ينسج في هذا المجال اخذ يتشعب عاموديا ويمتد افقيا لينال من شخص المحامي ووقار وكرامة المهنة بطريقة مؤذية باتت تحتاج الى رقابة وتنظيم واشراف من نقابة المحامين، غير متناسين هناك مكاتب يديرها محامين مهنيين مرموقين ولهم سمعتهم وهم الغالبية، وقانون المحاماة النافذ قد خلا من تلك الرقابة والتنظيم؛ فقط ورد موضوع مكتب المحامي في المادتين(31و40) وضمن أمور تنظيمية بعيدة عن الرقابة والاشراف والمحاسبة، ونحتاج الى مراعاة ذلك في قانون المحاماة الجديد وما يتفق مع أخلاقيات وسمو مهنة المحاماة، ووفق المعايير الاتية:
الرقابة على مكاتب المحامين وتنظيم كيفية إعلان المحامي عن نفسه:
الف- يجب أن يكون للمحامي مكتب لائق لممارسة أعمال المحاماة، الا انه لا يجوز للمحامي أن يفتح مكتباً باسمه الا بعد قيده بجدول المحامين، وان يكون من ذوي الصلاحية المطلقة.
باء- لا يجوز فتح مكتب للمحامي بدون الحصول على تصريح من النقابة بفتح المكتب ووفقاً للإجراءات والشروط التي يصدر بها قرار من مجلس النقابة العامة، وتنشئ لجنة تكون مهمتها منح التصاريح ومعاينة المكاتب القديمة من حيث التزامها بقواعد وسلوك المهنة وإغلاق المكاتب المخالفة لشروط المهنة وبدون تصريح.
جيم- يجب ان يكون نشاط مكتب المحامي لتقديم الخدمات القانونية اللازمة، ولا يجوز للمحامي أن ينتقل إلى منزل الخصم أو إلى مقر عمله للتوكل عنه وإنما يجب أن يجري ذلك في مكتبه عدا حالات الأشخاص المعنوية التي تستدعي أعمالها ذلك أو الحالات الاستثنائية، وعلى المحام تقديم المساعدة القانونية لغير القادرين.
دال- يصرح المحامي بالإعلان عن مكتبه بالصحف اليومية أو عن طريق اللافتة أو بأي طريقة؛ شريطة أن يكون محتوى هذا الإعلان لا ينسجم مع أصول المهنة وتقاليدها، وشريطة حصوله على موافقة النقابة مسبقا.
هاء- على المحامي أن يخطر نقابة المحامين بعنوان مكتبه، وبأي تغيير يطرأ عليه.
واو- لا يجوز للمحامي ان يتخذ من غرف المحامين أو أبنية المحاكم أو أي مكان آخر عدا مكتبه مكاناً للتوكل عن الاشخاص.
زاء- لا يجوز للمحامي أن يلحق بمكتبه، لمزاولة المهنة، إلا من كان مقيداً بجدول المحامين، كما لا يجوز له أن يلحق بمكتبه محامياً شطب اسمه، أو أوقف عن مزاولة المهنة.
حاء- الالتزام بالإشراف على المحامين العاملين بمكتبه وان يراقب سلوكهم، وأن يتحقق من أنهم يؤدون ما يكلفون به بأمانة وصدق.
طاء- لا يجوز للمحامي الذي صدر قرار تأديبي بوقفه عن مزاولة المهنة خلال مدة ثلاثة اشهر فما فوق، أن يفتح مكتباً للمحاماة طوال هذه المدة، ويحرم من جميع حقوق المحامين، ومع ذلك يبقى خاضعاً لأحكام هذا القانون، فإذا زاول المهنة في فترة الإيقاف، يجازى تأديبياً بشطب اسمه نهائياً من الجدول.
ياء- متابعة ومساعدة المحامي الذي لا يستطيع فتح مكتب من خلال سلف تقدم له لأجل تعزيز مهنة المحاماة وهيبة المحامي، في مكتبة وجلوسه على كرسي وراء المكتب .
ان مشكله المحامين راغبي المكتب تنحصر في أنهم يخافون ألا يوفون بالقيمة الإيجارية؛ لذا اقترح أن تتحمل النقابة جزء من القيمة الايجاريه لفترة ستة اشهر، بشرط أن يكون مستأجري المكتب محاميان شريكان ومزاولان فعليا للمحاماة؛ علي أن يقدما صوره عقد الإيجار مثبت التاريخ وإيصال كهرباء وإقرار بأنهما لا يستأجران مكتب آخر مجتمعين أو منفردين، وان الغرض من الشريكان لتجنب النقابة الإنفاق في هذا الغرض لكل محام علي حده ولكن لمحاميان؛ فحينما نشترط الشراكة فحينئذ سيكونون خمسين ألف فقط، وتخصص النقابة العامة لكل هيئات الفروع في المحافظات احتياجاتها المالية لهذا الغرض.
والمشاركة أو التعاون في مكتب واحد بين المحامين لمزاولة المهنة يتطلب مراعاة ما يلي:
1-عدم مخالفة أي القوانين المختصة أو الأعراف المهنية السائدة.
2-لا يجوز أن يكون اسم المكتب مما ينطوي على التضليل.
3-لا يجوز أن يكون أحد الشركاء من غير المحامين.
4-يجب حذف اسم المحامي من اسم المكتب حال عدم ممارسته للمهنة.
5-لا يجوز للشركاء التوكل عن الاشخاص الطبيعيين أو المعنويين أو تقديم الخدمات القانونية لهم حال وجود المصالح المتعارضة.
وللاعتبارات التي سقناه في أعلاه، نقترح إضافة النص الاتي لمشروع قانون المحاماة الجديد:
النص المقترح ((أولا -للمحامي من ذوي الصلاحية المطلقة فقط، فتح مكتب خاص بالمحاماة في مركز عمله مرخص من نقابة المحامين، ولا يجوز للمحامي العمل بالمشاركة في أكثر من مكتب، ولا يسوغ له أن يتوجه إلى مقر موكله في نطاق نشاطه المهني إلا إذا حتمت ذلك ظروف استثنائية شريطة أشعار النقيب مسبقا بالأمر. ثانياً -يجب على المحامي أن يخطر النقابة بعنوان مكتبه وتغيير محل إقامته وبعكسه يعتبر محل إقامته المسجل أصلا في النقابة محلاً للتبليغ في كل ما يتعلق بأحكام هذا القانون0))
من الأمور التي تؤثر على استقلال المحامين، تفتيش مكتبه وحجز ما فيه من كتب ورسائل متبادلة بين المحامي وموكله، أو بينه وبين باقي زملائه لأمور تتعلق بالمهنة، ولاحظنا في السنوات الاخيرة هناك تجاوز كبير على مكاتب المحامين من خلال مداهمتها، وهذه المداهمات أدت الى اسقاط هيبة المحامي في المجتمع وتنذر بخطر كبير إذا لم يتم وقفها وتقنينها بالقانون الجديد بالطريقة التي تضمن احترام كرامة وهيبة مهنة المحاماة.
وتقييد تفتيش مكتب المحامي هو فرع على ما يجب توفيره له من ظروف وضمانات لتوفير الحماية الواجبة له في مشروع قانون المحاماة الجديد، ليستطيع المحام أن ينهض بمهامه ويؤدي رسالته في حرية وطمأنينة وأمان، وللتذكير، أن المحامي عرضه بالأدوار التي يؤديها في الخصومات، أن يكون هدفًا لانتقام هذا أو ذاك من أطراف الخصومة ببلاغ كيدي، فضلاً عما يجب أن يتوفر للمكتب وأوراقه ومستنداته من سياج تأمن به من أي عبث أو تهديد قد يتستر شكلاً بشكاوى وإجراءات ظاهرها برئ وباطنها الرغبة في الكيد للمحامي أو الوصول إلى النيل منه أو مما لديه من مستندات وأوراق تتعلق بها أسرار ومصالح الخصوم الذين يتولى قضاياهم.
إن القول المعقول بالنسبة لمكاتب المحامين هو جواز تفتيشها بأطر قانونية، أما الضبط فلا يجوز بالنسبة للمستندات والمراسلات التي تمس أسرار الموكل احتراما لسر المهنة، وهناك ضرورة بإبلاغ مجلس النقابة ليحضر أو ليوفد من ينتدبه من أعضاء المجلس، ونرى ان يكون النص في مشروع قانون المحاماة الجديد، في هذا المجال، كما يلي:
(لا يجوز إجراء أي تفتيش أو حجز في مكتب المحامي بدون حضور النقيب أو ممثله لذلك قانونا).
مقالات اخرى للكاتب