المراقب اليوم للأحداث على الساحة العالمية لمواقف مختلف الدول سواء المتقدمة او المتخلفة يشعر بنفاق وتناقض في المواقف في مواجهة الأرهاب الذي اصبح سمة لازمة لعصرنا مع شديد الأسف ،رغم ما يحمله من فضائع و آلام ومآسي لجنسنا البشري .
الواضح اليوم ان هذه الدول لايعنيها أمر الأرهاب من قريب او بعيد وهي مستعدة حتى للمشاركة في صيرورته وتقوية دعائمة ورفده بالمقاتلين تحت مختلف المسميات مادام ضرره بعيدا ً عن ساحتها ،وخصوصا ً اذا كان على المدى البعيد يحقق لها بعضا ً من المصالح الأنانية الضيقة ولتذهب كل القيم والمثل الى الجحيم .
ولكن من المعروف ان الشر يعم ،وان من يشارك في إعداد كأس الأرهاب ايا ً كانت درجته ورتبته ،لابد وان يتذوق منه ان عاجلا ً أم آجلا ً ،وهذا ما أكدته الوقائع ببراهين ودلائل عملية لاغبار عليها ،فالغرب الذي بلغ من التقدم التكنلوجي والرقي العلمي الدرجة المشهود له بها والذي يمارس مبادئ وقيم خاصة في داخل دوله ولشعوبه تعتمد أهمية وكرامة الأنسان ،لايعتمد تلك المبادئ والمثل للشعوب الأخرى وهو يعقد الأتفاقات بين دوله لأقتسام دول العالم الآخر التي لاتزال تعيش التخلف والمشاكل والأقتتال الداخلي ،ولابأس ان تنتهك كل المثل ،التي يؤمن بها في بلدانه، في دول الغنائم هذه فهو يصوت ويوافق على استخدام القوة العسكرية مستخدما ً أحدث تكنلوجيا السلاح المحرم استخدامه من قبل اولئك المتخلفين ، في احتلال دولهم وقتل شعوبهم واذلالهم ،اذ ان الأمر حلال بالنسبة له فهو عالم يمثل القوة والتجبر في أعتى صورها .
ولادة الأرهاب :
نشأ الأرهاب وترعرع وشب عوده برعاية فائقة من دول الغرب ، ولكن بمسميات واوهام يؤمن بها العالم المتخلف وبما يخدم مصالح الغرب ،فتنظيم القاعدة وشيخها اسامة بن لادن كانت مستولدات غربية وكانت اهدافها الأولى مواجهة السوفيت الذي احتل افغانستان وخوفا ً من توسعه أكثر بأتجاه حقول البترول والخطوط الحمر الغربية ، وقد استغل الغرب تطرف وتخلف طريقة تفسيرنا لمعتقداتنا ليظهر السوفيت كفرة وانه اي الغرب يمثل قمة الأيمان الذي نلجأ اليه لمحاربة الكفر!
وبعد انتهاء موضوع السوفيت بقي غول القاعدة ينمو ويكبر ويتوسع ما استطاع الى ذلك من سبيل حتى اجبر الغرب على الشرب من كأس الأرهاب الذي أعده لغيره وفي أكثر من مناسبة وابرزها أحداث انهيار برجي التجارة في نييورك في 11 سبتمبر 2001 ،ولكنه كان يتمسك دائما ّ بالزهو بأنه يملك الفكر المتطور الذي يتمكن بواسطته من تحويل نكساته الى انتصارات على ارضنا ،وهكذا اصبحت بنظره ،دول بسيطة لاتمتلك الأمكانيات الكبيرة التي تمتلكها دول الغرب ،هي الداعمة والمؤسسة للأرهاب والتي يتوجب على السيد الغربي احتلالها ومن ثم تسليمها لعصابات الأرهاب وتركها لمشاكلها وانه اي الغرب سيجني صافي موارد هذه الدول لأنها متخلفة لاتتمكن من استغلالها بمفردها .
مفارقة الأرهاب :
في وقت عانى بلد مثل العراق ومنذ العام 2003 ،من ارهاب مستمر لمختلف الجماعات الداخلية والخارجية والتي جندت وارسلت من بلاد الغرب وغيرها مثل عصابات داعش وغيرها ،قتل خلاله الآلاف من ابناءه ودمرت بناه التحتية وأوقفت عجلة البناء فيه وأثيرت الفتن الطائفية والمذهبية بداخله تمهيدا ً لتقسيمه الى دويلات وهجرت الآلاف من شعبه وسبيت نساءه وأطفاله وسرقت ثرواته ،ولكن لاصوت شريف ينادي بأيقاف كل هذا، أويستنكر هذا بل هناك دعوات الى المزيد من المصائب ولكن عندما يقتل فرد او بضعة افراد محسوبين على هذا الغرب المتجبر فأن الدنيا يجب ان تقوم ولاتقعد وان جموع المنافقين يجب ان تدين وتتضامن،وتهرول الى عواصم الغرب مندده ،رغم ان المسبب هو كأس الأرهاب الذي أعده الغرب ومستمر بأعداده لفرائسه من المتخلفين .
مقالات اخرى للكاتب