سألني صديق عراقي لطيف المعشر تعرفت عليه قبل أسبوع: ماذا تفعل لو كنت رئيسا للوزراء؟ ضحكت وقلت له عمري ما فكرت ولن أفكر بهذا. ألحّ علي بطيبة عراقية أعرف سرّها. ولكون عود علاقتنا مازال طرياً إذ لم يمر على عمره سوى أسبوع واحد، أجبته بأنني سأبدأ بقلب النظام التربوي لأخلصه من دودة الطائفية التي مر عليها أكثر من ألف عام وهي تنخر بالعقول والضمائر.
كل طائفي به دودة إما في عقله او في مكان آخر تضغط عليه فيتصرف وفقا لمقتضياتها. ودودات الطائفية أشكال وأنواع. فيها ناعمة تجعل صاحبها مثل الحيّة يكرص ويضم رأسه. وفيها شرسة جداً تجعل المبتلى بها مفضوحا ينهش وينبح على مدار الساعة.
من أين أتت تلك الدودة؟ كانت البداية من كتب الطائفية التراثية التي همّها الأول والأخير ذم أبناء الطائفة الأخرى وتسفيه مذهبهم. ربما أكون على حق لو قلت ان كل كتب التنظير المذهبي لا تجد فيها كاتبا واحدا من مذهب أشاد او مدح ابن المذهب الآخر. ولأن دودة الطائفية حشرها اصحابها بالسياسة، لذا صار من النادر ان تجد سياسيا عراقيا قد سلِم منها.
اذهبوا للبرلمان واحسبوا كم دودة ستجدون. شوفوا المنابش بالحجي. ان قال السنّي هذا ابيض يرد عليه الشيعي انه أسود، والعكس بالعكس. وهكذا تجدون دودة الطائفية انتقلت للسياسة ومنها الى جسد الدولة. الكل شغله الشاغل ان يطلّع المقابل عميلاً وهو وطني، او اعوجاً وهو عدل. لا يتفقون جميعا الا على النهب والشفط والكومشينات والرشاوى بحسب اعترافهم واعترافهن.
أي داء تريد الخلاص منه لا بد من استئصاله من الجذر. لذا لا بديل عن اتلاف وحرق كل الكتب التي تخصصت لتصفيط عيوب المذهب الآخر من دون ذكر حسناته من زمن (دقناووس) الى اليوم. ثم تأتي مهمة البحث عن "مسهل" تربوي جديد لغسل العقول والبطون من دودة الطائفية.
أما اذا ظلت الحال من دون علاج فسيظل تحالف القوى السنّي يرى تسوير بغداد أمنيا خطراً ماحقاً مادام لم يقترحه النجيفي. وبالمقابل يبقى ائتلاف دولة القانون، صاحب دودة "ما ننطيها" الشهيرة، يرى في زيارة سليم الجبوري للخنجر عاراً بينما زيارة الفتلاوي له في بيته فخراً عظيماً.
مقالات اخرى للكاتب