حينما نؤرخ لتأريخ الانسانيه وصراعها الطويل والمرير للوصول الى وقتنا هذا . لابد شئنا أم أبينا أن نبتدأ بالجزء المأساوي من تأريخها لانه الاكثر وضوحاً عن غيره . ومعرفه تأريخ الانسانيه وما كانت عليه تتم بمراجعه كتب التأريخ والملاحم والسير وكلها كتبت في عهد ديكتاتوريات متصله مع بعضها - فالتأريخ هو تأريخ السلطه لاتأريخ الشعوب " ومن هنا كثرت التناقضات بين مؤرخ لاخر حول قضيه بعينها ويعتمد الاختلاف في النص التأريخي هذا على مدى قبول المؤرّخ للسلطه في عهده أو أنسجامه معها من خلال المعتقد الديني والميول الفكري والنفسي حيال السلطه . كتابه التأريخ في عهد الديكتاتوريات محاولات لاسترضاء السلطه فتحال الحقائق التأريخيه الثابته من تعسف وظلم وقهر للشعب الى أنتصارات تسجل للسلطه بطريقه يسبغ عليها المهنيه والتجرد العلمي في توثيقه التأريخي كي يحضى بالقبول والاستحسان عند المعاصرين والاجيال التي ستقرأ تلك " التجميلات التأريخيه " . وفي منطقتنا الاسلاميه شقّان من التأريخ الانساني " ما قبل نزول الوحي وبدايه الدعوه الاسلاميه " والمرحله الثانيه ما تلت تلك المرحله من عمر التأريخ من حكومات <<أسلاميه >> من الدوله الامويه والدوله العباسيه والدوله العثمانيه \ السلطّانيه \ الى بدايه مرحله الوقوف لغربله التأريخ ورفع الغبار السياسي الذي وضع على نصوصه . التأريخ الانساني ما قبل نزول الوحي كانت مرحله بدائيه ليس لها تأثير على واقعنا الحالي من أي جهه " فالخوض فيها ترف فكري لاطائل منه ! ما يهمنا المرحله التي تلت 12 ربيع الأول عام 11للهجرة الوافق عام 632 ميلادي . لانها مرحله الانقسامات الدينيه التي أنتجت التناقضات التأريخيه والاخيره التي صنعت جزء كبير ومهم من الذهنيه عند بعض المذاهب الاسلاميه المعاصره .
في عمر الخلافه <<الاسلاميه >> حدثت الكثير من الصراعات الدمويه والاقتتال وسفك الدماء وتحطيم للعقل ولادواته " وكثرت المدارس الكلاميه والمذهبيه " وكان نزاعهم لايقتصر على الاختلافات الفكريه في فهم النصوص القرانيه وأحاديث نبي الاسلام للوصول الى المقصد من النص - كأي باحث عن الحقيقه " بل كانت محاولات متعمده ومتشدده لتصحيح الذات وتخطيأ الاخر " و تجاوزت القلم وكان السيف والنطع حاضراً بقوه في نقاشاتهم ومساجلاتهم المذهبيه " وتوالت شخصيات وحكومات شرعنت لتلك الحروب والقتل بين المدارس الاسلاميه الكلاميه وعدّتها من مخولات الحاكم >> فولدت من خضم المعترك أقلام لتكتب التأريخ المعاصر آنذاك ! فمن كان مع الدوله الامويه ألّف الكتب والاحاديث دعماً نظرياً للدوله من جهه ومن جهه أخرى لتخطيأ الطرف الاخر . وبين هذا وذاك فقدت الحقيقه التأريخيه . دوله الامويين لم تكن مسيطره على كل الارض الاسلاميه فكانت هناك جيوب يحتمي بها الغرماء للسلطه ولديهم مؤسستهم الفكريه وكتبوا التأريخ بأقلام مناهضه لنوع الحكم القائم فمن البديهي يكون السرد التأريخي يتعرض للدوله آنذاك بما تحمله من ميولات فكريه وآراء في الدين والسياسه والاجتماع والى كل ركائز الدوله " محاولات غير محايده وغير دقيقه من الناحيه الموضوعيه . آنذاك كانت الفضيله هي التدين بالاسلام والالتزام بنصوصه . فكل صراع مهما كان لونه يبتدأ وينتهي بالدين ويدور حول أحقيه الحكام آنذاك المصطلح عليهم<< بالخلفاء >> , وخلع عليهم لبوس " التقوى " والقرب من الله " وهذا يلتزم تخطيأ " المذهب المناهض لمذهب << الخليفه >> فمالوا الى التدليس والتحريف من خلال كتابه التأريخ وتفسير النصوص القرآنيه كي تنسجم ومرغبات " الحاكم " . وأستمر المعترك الكلامي والمذهبي صعوداً وهبوطاً وفي كل مرحله من مراحل هذا المعترك أُلف التأريخ الذي نقرئه اليوم ! جاء من حياه يغلب عليها التهافت على السلطه من قبل سلالات من المتسلطيين وتجمّع حولهم المتزلفون وأصحاب الاقلام التي ليس لله عليها ولا الحس العلمي النزيه من رقيب . فأنتجت لنا تراث متخم بالمتناقضات والخروج الصريح على النصوص الثابته للقرآن وكانت تلك الاقلام تدعي مسايره القرآن ونبز غيرهم بمناهضته ! ومن هذه الحيثيه ولد الاسلام التأريخي الذي يعتمد على كتب التأريخ دون عرضها على النص القرآني والعقل . وأسلام قرآني متعقل .. وعوده الى عهود ما بعد التحاق الرسول الاعظم صلى الله عليه واله بربه عام 632 م - ومعرفه تلك المراحل من خلال الكم المتناقض من كتب التأريخ لكنها أتفقت على وجود صراعات دمويه وتصفيات جسديه لمدن بأسرها لانها أختلفت في فهم النص مع فهم " الدوله " لذات النص ! فالتأريخ بأتفاق المتناقضات التأريخيه كان تأريخ حربي ودموي الى درجه يصعب على العقل السليم هضم تلك المجازر كي يتمكن من فهم التكوين النفسي لتلك السلالات النمطيه من حيث سفك الدم وسحق لكرامات الانسان . ولفهم الحركات الاصوليه المعاصره التي تدعي " التدين بالاسلام " والحركات التي أمتهنت القتل والتخريب والترويع للجنس البشري كما يحدث في العراق وسوريا وغيرها من الدول أنما هي الجزء الذي يمثل " الاسلام التأريخي " لا الاسلام القرآني " فقد جائت هذه المكونات العشوائيه الملتحيه ! من بطون كتب التأريخ المتناقض والذي كتب لتبرير وتجميل أجرام السلطه آنذاك " والذي يحمل شئ من الاحاطه بكتب التأريخ المتنوعه ويعرضها على أداء الحركات أصحاب اللحى وصرخات << تكبير >> المعاصره سيدهشه نغمه المعاصرين وهم يفعلون ما يفعلوه من تكفير للاخر أو قتل أو تخريب وكأنما قد أحرزوا مكسباً في ممارساتهم تلك ! فالتأريخ أستفرغ محتواه المنحرف والمتناقض في عقول هؤلاء الذين يشكلوا عبئاً ثقيلاً على الانسانيه والموجودات بأتخاذهم كتب التأريخ المسيسه والاحاديث النبويه الموضوعه كديانه دون الاستفاده من عمل العقل لادراك الحقائق القرآنيه الغير مؤدلجه والتي تحمل المحبه والاصلاح والخير للانسانيه وللحياه على مر العصور الى منتهاه
مقالات اخرى للكاتب