تتعرض تركيا هذه الأيام لريح عاصفة اذا ما كتب لها الأستمرار فستقلع أردوغان من الجذور، فبالرغم من أن جهود الأتراك في بناء وطن عصري قد أينعت ثمارها مؤخرا، الا أن الكل يعلم أنها جهودا ذات مسار طويل، وهذا لم يمنع تسجيل الأعتراضات القوية على السياسات المتبعة، والتي عبر عنها الشعب التركي بأنتفاضة ساحة تقسيم في الاول من حزيران /2013 والتي لم تكن وليدة الصدفة كما يبدوا ظاهرا بل انها نتاج كم هائل من الأخطاء، وقع فيها الساسة الحاليون سببت احتقانا لدى الشارع التركي، لتتسع دائرة الاعتراض وتشمل معظم المدن التركية المهمة، الحقيقة أن هناك أسباب عديدة تقف وراء ما حصل أولها: أن حزب أوردوغان حصل على 50% من الاصوات وهذا يعني أن هناك ما يعادل هذه الاصوات لا يتفق معه بالرأي، والثاني خنقه لحرية الرأي والتعبير وأهانة الصحفيين ومطاردتهم، والثالثة الوقت الطويل الذي أمضته المحاكم التركية بمحاكمة أكبر جنرالات الجيش بتهم لم تثبت بعد مما ولد شكوكا لدى الشارع لتركي بصدقية هذه المحاكمات، رابعا بالرغم التوتر والتشنج والحركات الانفعالية التي اعقبت حادثة السفينة مرمرة، الا أن صفقة السلاح الأخيرة بين اسرائيل وتركيا والتي زودت بموجبها الأولى للثانية أنظمة ألكترونية متطورة لدعم سلاح الجو التركي كشفت عن الوجه الحقيقي لهذه العلاقة، وكذلك مع الارهابيين وخصوصا جبهة النصرة، حيث كشف النقاب مؤخرا عن العثور على أسلحة كيمياوية لدى عناصر هذه الجبهة في تركيا، والتي تحاول مع حلفائها في أوربا التستر علية وتحويله الى نسيا منسيا، وأتهام النظام السوري بكلمة ( يعتقد ) من دون مطاردة من يمسك بالجرم المشهود . لا يختلف أثنان على أن هناك تذمر مستشري في الكثير من البلدان، التي يظن للوهلة الأولى أنها هادئة ولكن الواقع يقول عكس ذلك، وأن هناك نارا صالية تستعر تحت الهشيم، وخصوصا تلك الدول التي يستحوذ فيها نفر قليل على الواردات النفطية، والاراضي، والتجارة، والصناعة فضلا عن المناصب الحكومية المهمة، وهذا ما اكدته أحدى الصحف البريطانية المحبة جدا للنظام السعودي في مقال لها أشارت فيه: الى ما يدور في المملكة العربية السعودية من تناحر داخلي بين الجيل الشاب من الامراء السعوديين، والجيل المخضرم من هؤلاء الامراء، وذكرت : ( بيت آل سعود مبني من الرمال ) و (أن السلام الذي يسود مملكة آل سعود قد يكون وهميا )، وليس غريبا حصول كل هذا بعد أن تجاوز هؤلاء الامراء كل مؤشرات التبذير . فالعالم يتحدث اليوم عن أمير سعودي انفق الشهر الماضي (15) مليون يورو في حدائق ديزني البارسية، مع خدمة قدمتها اليه (80) راقصة حسناء من ( اللائي تهيل وتميل)، وأن هذا الامير هو فهد بن نايف آل سعود الذي قبض مؤخرا، وأمه الزوجة الثالثة لابيه وأسمها مها الدوسري التي تحدثت الصحافة الفرنسية عنها لأن محكمة فرنسية حجزت على ممتلكاتها في آذار الماضي بعد ان هربت من الفندق الذي تسكن فيه من دون دفع فاتورته البالغة خمسة ملايين يورو . أن ما يحصل في هذه الدول من أسراف ( أن الله لا يحب المسرفين ) شيطاني سيؤدي حتما الى أزدياد النقمة التي تتفاعل في النفوس وسيكون الانفجار مفاجئا مثلما حصل في تركيا، والمفروض بأردوغان أن يتذكر ما ذكره سابقا : ( أعجب لرئيس يتظاهر عليه شعبه ويبقى في السلطة ) وها هو الشعب التركي ينتفض ونحن بانتظار الأجابة .
مقالات اخرى للكاتب