Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
كربلاء برؤية جديدة ( منهجية لقراء المنبر الحسيني ) الحلقة الثانية عشرة
الثلاثاء, تشرين الأول 6, 2015
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

 

عبد الله بن عباس والإسرائيليات

 

              ينظر كثيرون إلى عبد الله بن عباس , على اعتبار انه حبر الأمة , كما سماه رسول الله {ص} . ولكن البحث والتدقيق في رجوع الدولة العباسية لهذه الشخصية, وإعطاءه قيمة غير حقيقية , كان لها أسباب سياسية وعائلية ..!وهناك إشارات ومواقف تجعل هذا الرجل في قفص الاتهام , وتحديدا بعد شهادة الإمام أمير المؤمنين {ع} ....

                   والدولة العباسية، وهم سلالة عبد الله بن عباس، رائد الإسرائيليات في الإسلام.واغلبها نسبت أليه , " وسيأتي لاحقا كيف تواطأ مع يزيد في محاولة ثني الحسين (ع) من القيام بالثورة ... فجاء العباسيون واخذوا جل دينهم منه" ..ظلت هذه الدولة منذ قيامها بعد سقوط دولة بني أمية (132هـ) تعمل على تضخيم شخصية عبد الله بن عباس .. وتقديمه للتاريخ بحبر الأمة ..علماء اليهود اسمهم حبر ..!  ونسبة كافة المعارف إليه , ورفع مقالاته إلى درجة التوثيق والتقديس بدرجة التي للرسول {ص} ... وربما قالوا أنه كان في كل ما يقول يصدر عن علوم أو وصايا ورثها عن الرسول{ص}. ولكن  ذلك باطل ولا قيمة له من الحقيقة، وبقيت آثار كلامهم عبئاً على الإسلام. ظل يعاني وسيظل يعاني منهم زمناً طولاً». وفي  كلامه مبالغة.

يقول الشيخ أحمد شاكر –رحمه الله– في "عمدة التفسير": «إن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليل على صدقه ولا كذبه شيء، وذكر ذلك في تفسير القرآن وجعله قولاً أو رواية في معنى الآيات أو في تعيين ما لم يعين فيها .. { لاحظ كلمة ما لم يعين فيها } .. يعني موضوعة وليس هو قائلها .

              وربما تفصيل ما أجمل فيها شيء آخر. لأن في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أن هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مُبَيِّن لمعنى قول الله سبحانه ومفصل لما أجمل فيه، وحاشا لله ولكتابه من ذلك. وإن رسول الله  {ص} ، أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم. فأي تصديق لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله ونضعها منه موضع التفسير والبيان؟!»... وبالمناسبة ابن عباس ولد في السنة الثانية للهجرة , ورسول الله {ص} مات وابن عباس عمره ستة سنوات .. فكيف أصبح محدثا عنه ..؟؟ ..

       ونسال المتلونين , إذا كنتم تصدقون أحاديث بمستوى العقيدة من طفل عمره ستة سنوات , لماذا لا توافقون على أسلام علي بن أبي طالب {ع} وعمره ما بين 10 – 11 سنة ..؟ .. وهذه المقولة احتج بها العباسيون أكثر من غيرهم .

            ثم قال: «ومن أعظم الكلم في الدلالة على تنزيه القرآن العظيم عن هذه الأخبار الإسرائيلية، كلمة لابن عباس رواها البخاري في "صحيحه" (حديث 6929)، ونقلها عنه الحافظ ابن كثير عند تفسير الآية (79) من سورة البقرة. قال ابن عباس: "كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل على رسول الله {ص} أحدث؟ تقرؤونه محضاً لم يشب. وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدّلوا كتاب الله وغيّروه وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا {هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً}. ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا والله ما رأينا منهم رجلاً يسألكم عن الذي أنزل عليكم!". وهذه الموعظة القوية الرائعة رواها البخاري في ثلاثة مواضع من صحيحه».  وهذه منقبة يسجلها البخاري لعبد الله بن عباس , كتبت زمن العباسيين...  ولكن يبقى الرأي السديد الذي يأتي منه فقط , وكلامه يصدق ولا غيره ....

                  وقد وردت روايات عنه انه من أهل بيت النبوة ... عن عكرمة قال : « بينا ابن عباس يحدّث الناس ، إذ قام إليه نافع بن الأزرق (    )..  فقال : يا بن عباس تفتي في النحلة والقملة ، صف لي إلهك الّذي تعبده.  فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله ، وكان الحسن {ع} جالساً في ناحية ، فقال : إليّ يا بن الأزرق ، قال : لست إياك أسأل.

قال ابن عباس : يا بن الأزرق انّه من أهل ( بيت ) النبوة ، وهم ورثة العلم  فأقبل نافع نحو الحسن {ع}  فقال له الحسن : يا نافع إنّه من وضع دينه على القياس لم يزل دهره في التباس قابلاً غير المنهاج ، ظاعناً في الإعوجاج ، ضالاً عن السبيل ، قائلاً غير الجميل. ..يا بن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه ، وأعرّفه بما عرّف به نفسه : لا يدرك بالحواس ولا يُقاس بالناس ، فهو قريب غير ملتصق ، وبعيد غير متقصّي ، يُوحَّد ولا يبعّض ، معروف بالآيات ، موصوف بالعلامات ، لا إله إلاّ هو الكبير المتعال... قال : فبكى ابن الأزرق وقال : يا حسن ما أحسن كلامك! أمّا والله يا حسن لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام ونجوم الأحكام ، حتى بدّلتم فاستبدلنا بكم... هنا أعطى رأيه في علي بن أبي طالب {ع} يقول عنه { بدلتم } ...!!  

 فأين حبر الأمة من هذا السؤال ..؟ وكيف يكون الحبر غير مجيب ..؟؟؟.

            لا يمكن أن نخفي حقائق كثيرة تسجل لصالح ابن عباس , فهو احد صحابة الإمام علي {ع} في حروبه الثلاثة , وهو الشخص الذي رغب الإمام علي{ع} أن يكون ممثلا عنه في الهدنة التي كانت بينه وبين معاوية , والتي سببت مصيبة الأمة بوجود أبي موسى الأشعري وعمر بن العاص , ولكن نرى هناك مبالغة في تضخيم سمعة هذا الرجل ومواقفه .. واليك بعضا من الأدلة ..

        ذكر البلاذري في أنساب الأشراف ترجمة الإمام الحسن {ع}  فقال : « حدّثني عباس بن هشام ، عن أبيه عن جده عن أبي صالح قال : قدم معاوية مكة فلقيه ابن عباس. فقال له معاوية : عجباً للحسن شرب عسلة طائفية بماء رومة فمات منها! فقال ابن عباس : لئن هلك الحسن فلن ينسأ في أجلك ، قال : وأنت اليوم سيّد قومك. قال : أمّا ما بقي أبو عبد الله فلا » .. 

فهذا الخبر على ما في سنده من هناة إلاّ أنّه مقبول في الجملة لموافقة عدة أخبار له في ذكر جواب ابن عباس فهو ممّا يؤكد أنّ لقاءاً تم بين ابن عباس ومعاوية بعد موت الحسن{ع}  وكان بمكة ، ولكن لا يشعر ذلك بأنّه أوّل لقاء كان بينهما. 

         غير أنّ البلاذري ساق بعده خبراً آخر مسنداً فقال : « المدائني عن ابن جعدبة عن صالح بن كيسان قال : لقي معاوية ابن عباس بمكة فعزّاه عن الحسن فقال : لا يسوءك الله سوءاً يا أبا العباس ، فقال : لن يسوءني الله ما أبقاك يا أمير المؤمنين...!!!  فأمر له بمائة ألف درهم ـ قالوا ـ وبأكثر من ذلك وبكسوة ».

ثمّ قال البلاذري : « وسمعت من يحدّث أنّ وفاة الحسن أتت معاوية وعنده ابن عباس فقال له : عجبت للحسن شرب عسلاً بماء رومة فمات ، وعزى ابن عباس عنه فقال : لا يسوءك الله فقال ابن عباس : لا يسوءني الله يا أمير المؤمنين ما أبقاك ، فأمر له بألف ألف درهم » (    ).

 

وفي رواية الشيخ المفيد في الإرشاد قال : « فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت ، فإنّا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله {ص} ، لكنا نريد أن نجدّد به عهداً بزيارته ثمّ نردّه إلى جدته فاطمة {ع} فندفنه عندها بوصيته بذلك ، ولو كان أوصى بدفنه مع النبيّ{ص} لعلمت أنك أقصر باعاً من ردّنا عن ذلك ، لكنه {ع} كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدماً (١) كما طرق ذلك غيره ، ودخل بيته بغير إذنه.  ثمّ أقبل على عائشة وقال لها : واسوأتاه يوماً على بغل ويوماً على جمل ، تريدين أن تطفئ نور الله ، وتقاتلي أولياء الله ، إرجعي فقد كُفيتِ الّذي تخافين ، وبلغتِ ما تحبين ، والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين » (    ).

عودة إلى الإشكال :......  فقال الإربلي في كشف الغمة : « إنّي نقلت أنّ عبد الله بن عباس  كان بدمشق وأخبره معاوية بموت الحسن{ع} وجرى بينهما كلام أغلظ فيه ابن عباس ، وقال له : أصبحت سيّد قومك ، قال : أما والحسين بن عليّ حي فلا. ....وقد أوردنا ها هنا انّه حدّثَ مروان وعائشة وقال لهما ما ذكرناه فيجب أن نحقق ، ولا يجوز أن يكون القائل غير عبد الله ، فإن ابن عباس إذا ورد هكذا لم يرد به إلاّ عبد الله ... اهـ »  

            هذه الروايات تجعلنا أمام شخصية غامضة , ولكن التاريخ صرفها لمصلحة عائلة بني العباس , ليكون لهم دورا كبيرا من ولد عم النبي العباس الذي كان ذا ذخر خامل في نشر الاسلام , على عكس أعمام النبي {ص} اللذين بذلوا مهجهم واستشهدوا في سبيل الاسلام , ووقفوا يوم بدر .. ويوم جاءت مكة بكل ثقلها لتجتث الرسالة في مكة قبل الهجرة .. فوقف ذلك العم موقفا قال فيه رسول الله {ص} " ما قام الإسلام إلا بثلاثة .. وعد واحدة منها منعة ابي طالب" 

 

                 هناك روايات عديدة  تبين أن عبد الله بن عباس , كان يتردد كثيرا على الأمويين , بعد شهادة الإمام أمير المؤمنين {ع} وتنازل الإمام الحسن {ع} لمعاوية ضمن العهد الذي بينهما . واليك  ما رواه الموفق بن أحمد المكي اخطب خوارزم ( ت ٥٦٨ هـ ) في كتابه المشهور  مقتل الحسين للخوارزمي ، قال :

«  لمّا أتى معاوية نعيه الحسن{ع}  ـ بعث إلى ابن عباس وهو لا يعلم الخبر ...!!، فقال له هل عندك خبر من بالمدينة؟ قال : لا. ...قال معاوية : أتاني نعي الحسن{ع} ... وأظهر سروراً ، فقال ابن عباس : إذن لا يُنسأ في أجلك ، ولا يسدّ حفرتك.  قال : أحسبه ترك صبية صغاراً؟ قال : كلنا كان صغيراً فكبُر. قال : وأحسبَه بلغ الستين؟ قال : أبمثل مولده يجهل. قال معاوية : لو قال قائل انك أصبحت سيّد قومك؟ قال : أما وأبو عبد الله الحسين حيّ فلا....فلمّا كان من غد(  أتى يزيد بن معاوية ابن عباس وهو في المسجد يُعزّى ) فجلس بين يديه جلسة المعزي وأظهر حزنه ، فلمّا نهض اتبعه ابن عباس بصره وقال : إذا ذهب آل حرب ذهب حلم قريش ..!!. 

         ليست غايتي الإساءة لعبد الله بن عباس , ولكن العدد المعتد به من كتاب التاريخ ذكر هذه الرواية , مما يؤكد انه لم يكن موجودا يوم وفاة الحسن {ع} في المدينة  المنورة , ولم يحضر تغسيل الإمام {ع} ولا مفاوضاته مع عائشة ومروان حين منعت فتح غرفة رسول الله {ص} , وكل ما جاء في كراماته في هذه القضية مختلقة واليك أسماء من ذكر الرواية ...

1- الزهير بن بكار 

2- علي بن عيسى الاربلي 

3- الحدائق الوردية

4- الزمخشري

5- الخوارزمي في مقتله المعروف .. مقتل الحسين للخوارزمي

وجميع ما مرّ من النصوص دل على حضور ابن عباس بالشام حين أتى نعي الحسن{ع}  إلى معاوية  وانّه فاجأ ابن عباس بالخبر ، اما  ما ذكره الشيخ الطوسي وغيره بأسانيدهم من حضوره بالمدينة ومشاركته في التجهيز ، فأربك ذلك غير واحد ممّن ذكر ابن عباس في تلك الفترة أصالة أو تبعاً ، لظهور التعارض بين الحضورين في المدينة والشام .. وتعذر الجمع عندهم ، بينما الإربلي ذكر الإشكال عليه ، أمّا الشيخ جمال الدين يوسف من رجال القرن السابع, ذكر في كتابه الدر النظيم في مناقب الأئمّة - في باب وفاة الحسن{ع} « أنّ الداخل على معاوية والمحاور له في تلك الواقعة هو قثم بن العباس لا عبد الله ، غايته يحلّ الإشكال ، لكن هذا غير صحيح لتصريح ابن قتيبة من أصحاب النصوص بأن المحاور كان عبد الله مصرحاً باسمه .(    ).

         يتبين من هذا أن الدولتين الأموية والعباسية , حاولت جهد طاقتها الاستفادة القصوى من تزوير التاريخ .. مرة في طعن الرموز الكبيرة , ومرة بتزوير الحقائق , وأخرى بوضع كرامات ممن ليس له كرامة ولا سابقة في الإسلام , ليكون قرينا لآل بيت رسول عليهم الصلاة والسلام ....

 

 الرسول {ص} في التاريخ الأموي والعباسي

 

                تعرض رسول الله {ص} إلى حملات كثيرة ومتنوعة في حياته الشريفة , وبعد وفاته لم يسلم من الحملات  التي تسعى جاهدة أن تنال منه , لان الواقفين على تاريخ الإسلام لا يحبون أن يكون على رأسهم رجل فقير ويتيم , وغيرها  من الأسباب , فوقفوا ضده يحاربونه ويدافعون  عن عقيدتهم  , بدون هوادة إلى عدم نشر دينه الإنساني ...

            وقد نصر الله تعالى نبيه , وهزم الأحزاب وحده , ولكن ما جاء بعد وفاته , أعطت صورة أكيدة  ,إن المكيين والملأ  , ومن يساندهم , ومن جاء بعدهم , لا يستسلمون له ببساطة .. وتعهدوا  على حربه  مهما كلف الآمر .. ولما نصر الله تعالى رسوله {ص} على أعدائه , ودخلوا في دين الله مرغمين , في حادثة معروفها سماهم التاريخ " الطلقاء " ولكنهم انتصروا في أماكن أخرى سياسة وحققوا انتصارا إعلاميا بامتياز , بعد أن انتصر رسول الله {ص} عليهم بامتياز ...هذه هي سياسة الإعلام الأموي العباسي الإسلامي .. وقد ورثنا تاريخا يعج بالمتناقضات .. نورد بعضا منها.

مقدمة ::   كتابة التاريخ العربي والإسلامي , يعني كتابة تاريخ محمد {ص} ولا يمكن فك التواصل بين الاثنين , في فترة من فترات التاريخ العربي , الجاهلي , على ثرى مكة المشرفة وكعبتها المطهرة , التي اختارها الله لتكون مثابة للناس وأمنًا،....في ظل أجواء مليئة بالجهل والظلم والرعب والقهر ، وتحكـم الغني بالفقير، وسيطرة القوي على الضعيف؛ كان العالم كله يرقب ولادة جديدة تنتشل الأمة من وهدتها، وتطيح بالظلم والطغيان؛ لتضع الأمور في نصابها وتعيد للإنسانية كرامتها وترتفع بالبشرية من حياة الذل والضياع متطلعة بها إلى حياة العزة والمجد.

وسط هذه الأجواء الملبدة بالجهل والشرك والوثنية كانت الولادة المرتقبة؛ فانتبهت مكة على إيقاع صوت الحق ينطلق من بين أزقتها، وأفاقت مكة المدينة المقدسـة الصاخبة على أنغام الترحاب بالوليد اليتيم الذي لم يكن يخطر ببال أحـد أنه سيكون منقذًا لأمة , ومؤسسًا لحضارة , ومعلمًا للبشرية وقائدًا لركب الإيمان والتوحيد... في هذه الأجواء ولد سيد الكائنات محمد {ص}..

                 لم يكن الميلاد علامة مضيئة في التاريخ الإنساني للمسلمين فحسب وإنما للإنسانية جمعاء على اختلاف مللها وتعدد نحلها,  لم يكن ميلاد المنقذ  الهاشمي القرشي حدثا تاريخيا عابرا يمر عليه المؤرخون مرور دون الوقوف على الآثار التي تولدت في مسيرته من ولادته إلى وفاته ,كانت رسالته أبرز دعوات الإصلاح والتربية في دنيا البشرية على الإطلاق.

               استطاع  هذا اليتيم , أن يجعل من جزيرة العرب مصدر إشعاع فكري وثقافي وحضاري، قدمت الأمة من خلاله للعالم صياغة روحية ومادية , حملت بين طياتها معالم البعد الرسالي والإنساني , عقيدة وشريعة ومنهج حياة. أصبح أبو القاسم على قمة الهرم الإنساني , ليكون على رأس المصلحين الذين كان لهم أثراَ بارزاَ في توجيه البشرية نحو الفضيلة والرشاد .. 

       هذا المشروع الحضاري الأخلاقي العقائدي لم يمر مرور الكرام ,أن ترضخ له العرب وقادتها الذين تربعوا على كراسي الحكم والمسؤولية الاجتماعية .. تحميهم حزمة  كبيرة من العقائد البالية التي استعبدت العقول واستعمرت الأبدان ...  فكانت عقيدة محمد{ص} تتعارض مع هذه الأفكار التي تعتاش على الجهل والظلام .

        عقيدة التوحيد التي تعني العبودية لله تعالى ونبذ الشرك والإطاحة بعبادة الأصنام لتخليص الفكر البشري من سفاهات العقائد الباطلة وعبادة البشر أو الحجر .. ولكن هذا رتب عليه اجراَ كبيراَ , وضريبة باهظة لا بد أن يدفعها من ردة فعلهم على الدين الجديد ..ضريبة يتحملها النبي {ص} وأهل بيته الكرام على مستوى المال والدماء .. والإعلام الذي شوه الحقائق .. 

 

      فجاء التاريخ الإسلامي بروايات قل نظيرها في عالم الخيال , وتلقفها  بعض المسلمين إنها حقائق وثوابت ,وتفاخر بها , على إنها منقبة للنبي {ص} .. منها :.... حادثة شق الصدر المكذوبة.. أليك الآراء فيها والدفاع عنها .....

              قبل البدء حادثة  شق الصدر من الفضائل العظيمة للنبي {ص} عند جمهور المسلمين ولا يعتقد بها الشيعة ...!!  فهل هي فضيلة حقاّ .. الرواية متواترة في كتب جمهور المسلمين (    ) .

الرواية من حيث السند صحيحة , لأنها وردت في صحيح مسلم, وهذا يغنينا عن البحث في باقي المصادر....أخرج مسلم بن الحجاج : ( عن أنس بن مالك :أن رسول الله{ص}أتاه جبرئيل ، وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه وصرعه ، فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب ، فاستخرج منه علقة ، فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم . غسله في طست من ذهب ، بماء, زمزم ، ثم لامه ، ثم أعاده في مكانه .

وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا : إن محمدا قد  قتل . فاستقبلوه ، وهو منتقع اللون, قال أنس: ( وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره ) .وهو سبب إرجاعه إلى أمه(    ).  وكتب الحديث والسيرة عند غير الأمامية لا تخلو عن هذه الرواية ...

              وذكروا أنه قد شق صدره خمس مرات ، أربع منها ثابتة :  في الثالثة من عمره ، وأخرى في العاشرة ، وثالثة عند مبعثه ، ورابعة عند الإسراء ، والخامسة فيها خلاف .  هذه الحاثة التاريخية محل شك وشبهة عند الشيعة  ..!!  بل من الموضوعات التي يراد بها صرف القناعة بالعصمة إلى صور تافهة , ولو حققنا في كذب هذه القصة لوجدنا دليلا على قولنا .. يقولون: شق صدره  هو سبب  إرجاعه إلى أمه ، مع أنهم يذكرون : أن هذه الحادثة وقعت له وعمره ثلاث سنين ، أو سنتان وأشهر . مع أنه لما  أعيد إلى أمه كان قد أتم الخمس سنين .وصوروا الموضوع انه غدة موجودة في صدره ,يحتاج التخلص منها إلى عملية جراحية ؟ ! .وهنا نقول هل كانت للناس كلهم هذه الغدة أو للنبي {ص} فقط ..؟ حتما سيكون الجواب , لكل الناس .. إذن أين  تقع هذه الغدة ..؟ وهل يمكن لأطباء جراحة القلب القيام بمثل تلك العمليات .. وهل يوجد في القلب لحوم أو شحوم خاصة بالغل والحسد والذنب وغيرها ..؟ يعني ذلك باستطاعة كل أحد لو أجريت له عملية جراحية لاستئصال تلك الغدة أن يصبح تقيا ورعا ، خيرا ؟ ! . أم أن هذه الغدة أو العلقة قد اختص الله بها الرسول الأعظم {ص} ، وابتلاه بها دون غيره من بني الإنسان ؟ ! . لماذا  دون غيره ؟ ! .

                ثم الطبيب جبرائيل كما ذكرت المصادر... لماذا تكررت العملية أربع ، أو خمس مرات ،  فهل كانت تلك العلقة السوداء تستأصل ثم تعود.أو أن جبرائيل يخطأ , فيترك بعض العينات من تلك الأمراض والشحوم  في قلبه .؟؟ . ولا استبعد أن التهمة موجهة إلى جبرائيل ايظا ..!! ا ولا ننسى انه اخطأ في التبليغ كما يقولون.؟ :  (    )..فيمكن أن يخطأ في عملية شق الصدر..!.

          وإذا كان الله يريد أن لا يكون عبده شريرا , هل يحتاج لأعمال قدرته إلى عمليات جراحية كهذه ، على مرأى من الناس ومسمع ؟ ! .. تدخل الرواية في فكر الجبر ..فانه كان مجبرا على عمل الخير ، وليس لإرادته فيه أي أثر أو فعالية ، أو دور ؟ : ! ، لان  حظ الشيطان قد أبعد عنه بشكل قطعي وقهري ، وبعملية جراحية ، كان أنس بن مالك يرى أثر المخيط في صدره الشريف ! ! .

                         ثم لماذا اختص نبينا {ص} بعملية كهذه ولم تحصل لأي من الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام ؟ ممكن أن الملائكة لم يكونوا قد تعلموا الجراحة بعد ؟ ! . وأخيرا ، أفلا ينافي تلك الرواية ورد في الآيات القرآنية ، أن الشيطان لا سبيل له على عباد الله المخلصين : { قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين } أليس الهدف من هذه الرواية الانتقاص من النبي{ص} . 

ترى ما حقيقة هذه الحادثة ؟ وهل فعلا وقعت كما روى مسلم في ( صحيحه !! )

        هذا الرواية تنقض أصل بعثة الرسل من الأساس وأن لا جدوى من إرسالهم فالرواية تدل على أن المعاصي والشرور والآثام وأي جريمة مصدرها عضوي صرف ومركز هذا المصدر في القلب .. بحيث إذا أجريت له عملية جراحية وتم استئصاله أصبح الإنسان طاهرا من هذه الآثام .. ولا يقدم بعدها على اقتراف أي معصية أو جريمة .   بالتالي ليس هناك أي داع لإرسال الرسل ,طالما أن المتحكم في توجه الإنسان نحو الخير أو الشر هو عضو معين في جسمه فلا داعي لذلك .

فمعاناة نبي الله نوح {ع} - مثلا - والتي طالت 950 عاما .. هذه المعاناة بطولها لا تعادل سوى ساعة من الزمن في غرفة عمليات طبيب حاذق .. يستأصل مصدر الشر من القلب ليصبح الإنسان مصدرا للخير .. بل ولا يمكن أن تصدر منه أي معصية .. فقد استأصل " حظ الشيطان " ولا يوجد بعد ذلك إلا " حظ الرحمن " وبالتالي لا يمكن صدور أي معصية أو اقتراف آية جريمة .

       وبذلك تنتفي بعثة الأنبياء , ولا داعي لها أن يبقى إبراهيم {ع}  مع قومه ويرمونه في النار .أو نوح {ع}  يصنع السفينة , ويحمل من كل زوجين اثنين .ويحدث ذلك الطوفان . وموسى يجاهد مع بني إسرائيل , وينفلق له البحر , ويهلك الجيش الفرعوني عن بكرة أبيه ..وعيسى يأتي بالمعاجز , يحيي الموتى ويشفي الأعمى , ومحمد {ص} يهاجر ويبني دولة متوافقة مع رأي السماء … يحارب عشر سنوات , ويقدم الشهداء من الأهل والصحابة , والأئمة يقدمون أروع جهاد ضد الطغمة الفاسدة على طول التاريخ .. والحسين يخطب مع جيش بني أمية يوم العاشر … أليس الأجدر أن ينزع الله تعالى الغل من قلوب أصحاب كل نبي …؟ وكيف لم يذكر من أصحاب النبي وأعدائه , انه لو لم يشق صدره جبرائيل , لما أصبح بهذا الخلق العظيم ….؟. 

 

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.42204
Total : 101