صرح السيد العبادي، في حديث متلفز بث مساء الأربعاء عبر قناة العراقية حول عوائل الدواعش الذين لم يرتكبوا أي اعمال جنائية او إرهابية بان؛ البريء لا يؤخذ بجريرة الجاني، مهما كان حجم الفعل الاجرامي او الجنائي، المرتكب من شخص في العائلة لبقية العائلة، فلا يجوز ان يأخذ الاب او الابن او الزوجة والأطفال بجريرة ذويهم واعتبرهم وفق الدستور والقانون مواطنين عراقيين على الدولة حمايتهم؛ فالمجرم لابد ان ينال جزاءه العادل، وكان حديث السيد رئيس الوزراء ينسجم ومعايير حقوق الانسان ورائعا، وأيد ما كتبناه سابقا في عدة مقالات وكان اخرها مقال(قرار حكومة صلاح الدين كارثة قانونية وانتهاك خطير للدستور) وجسد فيه مضامين العدالة من خلال عدة قواعد دستورية وقانونية ومفاهيم وقيم اكدها الله تعالى ورسوله الكريم(ص) والشرائع السماوية، وتمثل ذلك في:::
الف- عبر حديث السيد العبادي عن قاعدة دستورية(العقوبة شخصية)، فاذا كان احد افراد العائلة من داعش أو يؤمن بفكرهم ولم يترجمها لأعمال إجرامية؛ ما ذنب بقية افراد عائلته في هذه الممارسة (ان صحت) لا سيما ان العرف العشائري يجعل من الاب والابن والرجل ذو سطوة ونفوذ على عائلته يجعل من الممكن الخروج عن حدود رغباته وآرائه، وبالتالي البقية لا حول لهم ولا قوة؛ وما علاقة طفلا وامرأة بان تحرم من العودة الى بيتها ومحيطها ومقرها، لان زوجها داعشي او يؤمن بفكر داعش.///
باء- اكد السيد العبادي بانه؛ ليس هناك مصطلح اتهامات عائلية كونها خلاف القانون والدستور، والعقوبة ليست جماعية، ولا يصح انزالها بحق اشخاص أبرياء لم يرتكبوا أي ذنب، وذلك تأكيد بان؛ ليس هناك مفردة(حاضنة عائلية او اتهامات عائلية) في القوانين المختصة. ///
جيم- كان حديث السيد العبادي، تعبير عن قاعدة دستورية؛ لا عقوبة الا بنص، والعقوبة لا توقع إلا من خلال سلطة قضائية مختصة نصت عليها القوانين ذات العلاقة، ومن خلال حكم او قرار قضائي، فلا يمكن ان تقوم جهات إدارية(مجالس المحافظات او المحافظ) بممارسة سلطة اتهام وتترجمها الى عقوبات، لا توجد نصوص قانونية تغطيها؛ كعقوبة التهجير ومصادرة او هدم او تفجير البيوت او الاستحواذ عليها، تحت ذريعة عائديتها لعوائل داعشية(كما فعل مجلس محافظة بابل وكربلاء والانبار وصلاح الدين وسامراء والضلوعية).///
دال- ان كلام السيد العبادي قد انصف هذه العوائل واكد بانه لا يزال الضرر بأقبح منه والشريعة الإسلامية اكدت؛ لايزال الضرر بمثله؟ وذلك إشارة صادقة لما قاله رسولنا الاعظم (ص)"لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه"، وكان تجسيدا لقوله تعالى:﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾.///
هاء- مسالة اثبات ان هذه العائلة او تلك متهمة باحتضان داعش، وفق حديث السيد العبادي لم يعد يخضع للاتهامات العشوائية والمزاجية وتأويلات ليس لها ادنى ما يزكيها من الوجهة القانونية تطلقها مجالس المحافظات والاقضية والنواحي وامر التحقق من ذلك موكل للقضاء وحده.//واو- بحديث السيد العبادي ذلك يكون قد اكد على حرية الرأي والفكر كونها حق من الحقوق المدنية والدستورية؛ وهما أول حقوق المواطن؛ فلا ينبغي تأثيمها مهما كان ولا الحجر عليها بأي سبيل؛ مادام انه لم يقترن باستعمال القوة أو اللجوء إلى العنف.//زاء- كان حديث السيد العبادي اسقاطا لعدة حجج بعدم إعادة هذه العوائل الى مناطقها، يستخدمها من يصدر هكذا قرارات او يؤيدها، ومن هذه الحجج:::
= انها خطوات لمحاربة داعش ماليا من خلال منع التنظيم من اي محاولة لأنشاء خلايا نائمة في احياء وازقة منطقة سكناهم.//
= ان عدم إعادة ذوي داعش يتم بالتنسيق مع ذوي الشهداء والجرحى ويهدف الى ان تنعم المنطقة بالأمن والسلام.= ان العرف العشائري يوجب ان يكون ذوي الدواعش خارج مناطق سكناهم خوفا من الانتقام، وتلك فرية ليس لها مكان ونحن في عام 2016 ونرفع شعار سيادة القانون، وليس هناك عرف عشائري اصيل، يقبل بان تسحق الطفولة والمرأة والشيوخ بعادات وتقاليد بالية مخالفة للشرع والنظم السماوية./// ان مرحلة الانتقامات الشخصية والجهوية التي تعقب القضاء على "داعش" ستكون أكثر خطورة وستزيد من الغم العميم والبكاء الطويل، والويل والعويل والخراب، وستثير معارك جانبية في كثير منها شخصية وللأسف المنتصر والخاسر كلاهما خاسران.//ان الجميع يقدر مشاعر ذوي الضحايا لما حل بهم من فواجع كبيرة، لكن ردة الفعل لا يجب ان تحرق الاخضر واليابس وتخلط الاوراق ويصحح الخطأ بالخطأ ويزال الضرر بأقبح منه.//
فهناك ضرورة موجبة على رئيس الوزراء اتخاذها؛ بان يصدر امره عاجلا، الى مجالس المحافظات بإلغاء قراراتها بترحيل وتهجير وتهديم بيوت ذوي الدواعش وترك امر ذلك الى القضاء، ويجب أعادة جميع العوائل الى مساكنها خصوصا النساء والأطفال والشيوخ، وبعيدا عن اجتهادات وقوانين اللجان الأمنية للمحافظات او مزاجيات وتأويلات إدارية للمحافظة؛ وبقراره هذا يكون قد اعطى لنا بارقة امل بان نكون دولة مؤسسات لا دولة فيها قانونيين وسياسيين واكاديميين يريدون محاسبة العوائل على افكارها وتأثيمها ورميها خارج مناطق سكناه؛ لنصنع منهم بؤر انتقام قابلة وجاهزة للتعامل مع أي جهة معادية، ونكون قد عالجنا الضرر البسيط بضرر اخطر واكبر، قانونيين وسياسيين يريدون محاسبة مليون ونصف مواطن من أبناء الموصل بأفكارهم هذه الهدامة التي يطرحونها على الاعلام بكل إصرار غير مراعين للأسباب التي دعت تلك العوائل لبقائها في مناطق سكناها، منها تجنب المرور بالحزن والالم والفاقة وضروب الإهانة وامتهان الكرامة والشرف التي مر بها النازحين وغيرها؛ فاختاروا البقاء كرهائن مفضلين ذلك على الخروج، فكيف لنا ان نطلق عليهم حواضن او جماعات داعش، سيما غالبهم لم يرتكب أي جرم يحاسب عليه القانون، فنقول للقانونيين والقيادات السياسية والعشائرية التي تؤمن بهذه الممارسات ان يكونوا كرئيس الوزراء، كاظمين للغيظ عافين عن الناس والله يحب المحسنين.//
اننا لسنا بصدد الدفاع عن المتعاونين مع داعش الإرهابي، وإذا كان من الممكن حماية المصلحة الاجتماعية المراد حمايتها بوسائل أخرى غير العقوبة الجماعية، وبالتالي يجب أعادة جميع العوائل الى مساكنها خصوصا النساء والأطفال والشيوخ، اما من تكون عليه معلومة امنية او قرائن او ادلة تفيد باحتضانه لداعش الإرهابي؛ فان الفيصل في ذلك ساحات القضاء، لا ان يخضع لاجتهادات الحكومات المحلية او اللجان الأمنية للمحافظات او مزاجيات وتأويلات لقوات غير رسمية او إدارية؛ لان في ذلك مغادرة لحقوق دستورية وردت في قواعد امرة لا ينبغي انتهاكها.
مقالات اخرى للكاتب