قبل فترة من الزمن ليست ببعيدة حدثت واقعة طريفة في اروقة مجلس النواب العراقي، مصدر الطرافة فيها ان احدى اللجان البرلمانية طرحت مشروع قرار للتصويت عليه تحت قبة البرلمان تبين فيما بعد ان هذا المشروع قد تم التصويت عليه في الدورة البرلمانية السابقة دون ان ينتبه احد من الاعضاء الاشاوس الى مثل هذا الخطأ الفضيع الذي يوضح حالة التخبط والعشوائية التي يتم من خلالها انتقاء مشاريع القرارات ويكشف عن انعدام المسؤولية لدى رئاسة البرلمان ومقرره اتجاه المواضيع والقرارات التي يتم التصويت عليها من اجل تنفيذها او المشاريع التي هي قيد التصويت.
ومثل هذا التخبط والفوضى التي يشهدها مجلس النواب توضح طبيعة العمل السائد واسس ادارة المهام والتعامل مع الاحداث والوقائع التي يشهدها البلاد دون ان يكون لمجلس النواب قدرة على الفصل بين ما هو من اختصاصه وبين ما هو ليس من اختصاصه وعلى هذا المنوال يمكن لاي طرف او جهة نافذة التمدد على حساب مهام وصلاحيات هذا المجلس العاجز دون ان يعلم بحدوده وحدود الاخرين او يعلم ولكنه لا يستطيع ان يدافع عن حقوقه وصلاحياته بسبب الاصطفافات والموالات للحكومة اولهذا الطرف او تلك الجهة بسبب الانتماء والولاء الطائفي او المناطقي وهذا العجز انتبهت له الاطراف التنفيذية سواء في المركز او في الاقليم واستغلته ابشع استغلال والاسوء من كل هذا هو ان مجلس النواب عندما يعرف حدود صلاحياته لا يحرك ساكنا وكان الامر لا يعنيه.
ومصداق لهذا التمدد في الصلاحيات من قبل حكومتي بغداد واربيل يمكن ان نشير الى دليل وقرينة واحدة من بين عشرات الدلائل والقرائن التي تثبت تجاوز الحكومة المركزية وحكومة الاقليم على صلاحيات مجلس النواب وهو هذا التحشيد العسكري وتحريك القطعات المتاهبة للقتال ليس على الحدود الخارجية انما لصنع بطولات من ورق يكون الضحية فيها العراق وابناء الشعب العراقي.
ان مجلس النواب اليوم امام مسؤولية اخلاقية ووطنية وامام تحدي كبير ليثبت انه ممثل حقيقي للشعب مقابل ما يجري من فوضى عارمة وسعي حثيث لاشعال فتيل الاقتتال بين الاخوة الاشقاء الذي تصر عليه الحكومتين المركزية والفرعية من خلال اصدار اوامر فورية لكل الطرفين بضرورة الالتزام بالدستور والتوافقات والدخول في حوار صادق وبناء يهدف الى نزع فتل الازمة وسحب القوات والقطعات العسكرية الى مناطق تواجد يراها مجلس النواب هي المواقع التي يفترض ان تتواجد بها هذه الجيوش.
لا اعتقد ان اعضاء مجلس النواب يدركون او يعرفون ان اوامر تحريك القطعات العسكرية في حالة الطوائ لن يتم الا من خلال بوابات البرلمان ومن خلال موافقتهم وبواقع ثلثي عدد النواب اما خلاف ذلك فهو خلاف للدستور ويجب معاقبة الجهات التي قامت بمثل هذه التجاوزات وهل يعلمون ان تعيين القادة العسكرين لا يتم الا من خلال مصادقتهم على اوامر التعيين بعد التاكد من ولائهم ونزاهتهم واخلاصهم وهل يعلمون ان التعيين بالوكالة مخالف للدستور ويعتبر باطلا اذا تجاوز المدة المحددة .
ما كان ليحدث هذا الذي يحدث من تحريك للجيوش واستعراض للعضلات وقرع طبول الحرب وتهجير العوائل لو ان البرلمان قام بواجبه الحقيقي وتمسك بصلاحياته وعاقب كل من تسول له نفسه ان يكون فوق صوت ومصدر سلطات الشعب.
ليس اسوء على المواطن الذي تحدى الموت وغمس اصبعه بحبر الامل حالما بغد مشرق يعيش فيه بامن واستقرار وسلام من ان يرى من انتخبهم قطعان ذليلة تقاد بيسر وسهولة لورود الحمام او كانهم مومس بائسة ملت الحكومة من مضاجعتها وباتت لا تثير فيها رغبة الاحترام اوالتقدير.
مقالات اخرى للكاتب