عاش العراق بعد سقوط الطاغية حقبه مهمة من تاريخه وإذا أريد توصيف هذه الحقبة من الزمن التي عاشها العراق ويعيشها الآن فلا تجد أفضل من إعطاءها وصف بانها حقبة الطراطير.
وللطراطير سيكلوجية نفسية خاصة بهم تتجلى أعظم صورها بحبهم لتملك كل شيء حتى لو كان يفوق طاقتهم, كما إنهم يتحلون بنزعة هجومية إذا حاول طرطور أخر سلب شيء منهم, والطراطير ليس لهم القدرة على إتخاذ القرار لا في وقته المناسب أو غير المناسب. والطرطور تجده معتدا بنفسه وبمظهره كثيرا لتغطية حالة الطرطرة التي يعيشها وإياك ثم إياك ان تنتقد طرطورا من الطراطير لأن ذلك يعني فتح نار جهنم عليك لآن الطرطور لا يقبل النقد على الإطلاق سواء كان نقدا بناءا أو غير بناء لأنه يعتبر نفسه يعيش حالة الكمال أمام الناس ولا يحس بحالة الطرطرة التي يعيشها عندما يقف أمام سيده. والطرطور تجده يقبل بأي منصب يعرض عليه سواء كان هذا المنصب مناسب له أو غير مناسب...وعند إستلامه لهذا المنصب سوف يكون جل إهتمامه إرضاء سيده الذي أوصله لهذا المنصب ولأنه ليس أكثر من طرطور في منصبه هذا, فإنه ليس أكثر من ناقل لأفكار وقرارات سيده وهو ليس أكثر من واجهة لمن يوجهه من الخلف...
اليوم يعيش العراق حالة البحث عن وجوه جديده من الطراطير لكي تمثل الأحزاب المتصارعة في البلد في الإنتخابات القادمه، بعد ما أثبت طراطير الأمس فشلهم على جميع الأصعده فكل اللعبه الإنتخابية التي يطلقون عليها بالديمقراطية يتحكم بها عدد من الأشخاص لا يتعدون أصابع اليد وحتى هؤلاء فهم ليس أكثر من طراطير تمتد خيوطهم إلى الخارج...وشهد المواطن العراقي بالامس القريب الأخذ والرد بين آسياد الطراطير قبل تشريع قانون الإنتخابات الجديد والذي أسموه قانون سانت ليغو المعدل وهو ليس أكثر من أعتماد خارج القسمه على 1.6 في المرحلة الأولى بدلا من إعتماد الأرقام نفسها عند منح المقعد الأول ويمكن أن نطلق على هذا التعديل بتعديل الطراطير لقانون سانت ليغو لآن كما قلنا فإن الطراطير لا تفكر إلا في مصالحها الشخصية فقط, وبعدما أتفق الأسياد على هذا التعديل مرر القانون في اليوم الثاني من قبل مجلس النواب وبكل سهولة....
نفس هذا المشهد قد يتكرر في الإنتخابات القادمة إذا لم يحسن الناخب العراقي من وضع صوته في مكانه المناسب ولأشخاص لا ينتمون إلى تيارات سياسية حكمت العراق وفشلت فشلا ذريعا....إن أغلب الأحزاب التي تتصدر المشهد السياسي العراقي اليوم تعتمد على منهجية ميكافيلية يتسيد بها شخصا واحدا فقط وهو يملك سلطة القرار على مجموعة إرتضت أن تكون ليس أكثر من طراطير بيد سيد الموقف والقرار...
إن السيناريو الجديد الذي سوف تعتمده أحزاب الأمس في الإنتخابات القادمه قائم على أساس النزول بوجوه جديده عرف عنها الكفاءة والنزاهة لدى الشارع العراقي....ولكن هذه الوجوه الجديده قد وقعت في شرك هذه الأحزاب الفاسده فهي بمجرد موافقتها بخوض الإنتخابات تحت مظلة أي حزب من أحزاب الأمس تكون قد تجردت عن مبادئها وأصبحت إلعوبه بيد سيد ذلك الحزب لآن سيد الحزب لايكتفي بمجرد الموافقه وإنما يجب أن تصاحب هذه الموافقه التوقيع على تعهد بإن بلتزم بقرارات سيد الحزب وتوجيهاته أي إنه وافق على أن يتحول إلى طرطورا من طراطير ذلك الحزب وهذا بالفعل ما يحدث هذه الأيام....
لذلك نقول للناخب العراقي الذي يرغب بالفعل أن يُحدث تغيرا فعليا في هيكلية مجلس النواب الجديد الذي سوف تنبثق عنه الحكومه العراقية والسلطة التنفيذية في العراق أن لا يصوت لأي حزب حكم العراق في الفترة الماضية ولا يصوت لأي شخصا مهما كان إرتضى لنفسه أن يخوض الإنتخابات تحت مظلة ذلك الحزب لأن هذا يعني عودت العراق من جديد محكوما من قبل طراطير لا ناقه لهم ولا جمل...
المطلوب البحث عن قوائم جديده تكون ولاءها المطلق إلى الوطن وعن كيانات ربما تتشكل لا ترتبط بأحزاب الأمس لا من قريب ولا من بعيد...كيانات تضم أشخاصا لا تؤمن بالطائفية ولا بالعنصرية تنتمي إلى العراق الأرض من زاخو إلى الفاو...كيانات سياسية تضم العربي والكردي والتركماني, السني والشيعي, المسيحي والأزيدي. كيانات تعود بالعراق من جديد إلى مركزه الإقليمي وهيبته...كيانات سياسية تخلص العراق من حقبة حكم الطراطير التي عشعش فيها الجهل والتخلف والفساد والطائفية والعنصرية والارهاب...
إن جل ما نخشاه هو أن نستيقظ غدا عندما تبدأ الحملة الإنتخابية فلا نجد أمامنا إلا أحزاب الأمس نفسها تتصارع للفوز بمقاعد البرلمان، نبحث عن كيانا عراقيا أصيلا وجديدا فلا نجد عند ذلك سوف نتيقن بأننا سوف نعود لفترة جديده مظلمه على العراق وسوف يكون مشاركتنا بالإنتخابات أو عدم المشاركة لا يغير من الأمر شيئا.
وإذا لم يكن أمامنا إلا خيارا واحدا منطلقا من مبدأ التصويت لأفضل السيئين لكي لا يفوز السيء الأخر فهذا ضحك على الذقون وعندما يجد الناخب نفسه محكوما بهذا الخيار فقط فهذه الإنتخابات لا تستحق خطوات الناخب من بيته إلى المركز الإنتخابي طالما النتيجه واضحة إننا أمام حكما جديدا للطراطير وعرفنا تبعات مصير العراق.....
مقالات اخرى للكاتب