بح صوتي وبح صوت زملائي من الذين رافقوني لزيارة المقبرة الكنيسة الانجيلية الوطنية في الزبير .وبائت محاولاتنا بالفشل ونحن ننادي من خلف سياج المقبرة لحارسها لكي يفتح أبوابها للتعرف على من يرقد في قبورها وتاريخها .
وصلنا ظهرا حيث كانت رياح كانون الباردة في منطقه صحراوية تلفح وجوهنا ودخان نفط الشعيبة يزكم أنوفنا .. ورغم أن مسكن الحارس يقع في الطرف الغربي للمقبرة وتتصاعد منه دخان تنور وأصوات صبية ألا أن لا احد يستجيب لندائتنا.
صليبين رسما على بوابة المقبرة بينما أختفت لافتة الدلالة ويبدو انها رفعت بطريقة عدوانية وبكراهية حيث لايزال أثر منها معلق بمسامير التثبيت .
وأنت تطل من خلف السياج فان المنظر لايوحي بكونها مقبرة سوى بعض الصلبان المحطمة والقبور المهدمة واشجار خوت على الارض ، رغم انها منظمة ومنسقة وفق صفوف ومساحات متساوية ويبدو انها كانت عامرة بالاشجار الباسقة وانواع الورود الفواحه حالها حال مقابر الاخوة المسيحيين .
ورغم إن (الطائفة الإنجيلية في العراق معترف بها رسميآ منذ عام 1850 بموجب فرمان صادر عن السلطان العثماني عبد الحميد باشا ثم في عام 1854 صدر فرمان ثاني من الباب العالي موجهآ إلى والي الموصل لحماية الطائفة البروتستانتية. وبتعاقب أنظمة الحكم كانت الطائفة البروتستانتية معترفآ بها وآخر وثيقة رسمية تؤيد ذلك هو ملحق نظام رعاية الطوائف الدينية رقم 32 لسنة 1981 الصادر في جريدة الوقائع العراقية الرسمية عدد 2867 في 18/01/1982).ألا أن رياح التغيير التى هبت على العراق بعد 2003 وتطرف بعض الجماعات ألحقت اضرارا فادحة في هذة المقبرة في خضم هذة الاحداث .
تقع مقبرة الكنيسة الانجيلية الوطنية في البصرة /الزبير بمواجهة منشاءات مصفىالشعيبة ،والتي يعود انشاءها الى عام 1960 وتضم رفاة عدد من المواطنين المسيح ومن الطائفة الانجيلية ومثلما ذكرنا فهي اقدم طائفة توطنت في العراق والبصرة خصوصا.
أن هذة الاماكن تحتضن المتوفين من ابناء شعبنا المسيحي منهم رجال الدين والشهداء الذين دجافعوا عن تراب العراق وضحايا الارهاب وأبناء الشعب المسيحي .ومن هنا تأتي عملية صيانة وتأهيل المقابر اكراما وتقديرا لارواح الاموات الطاهرة وتبرز اهمية الدور الذي يمكن للدولة ان تقوم بها لخدمة ابناء الديانات الثلاث في العراق.وبحدود علمي أن تعمير وتأهيل المقابر والمزارات مسؤولية تقع على عاتق ديوان أوقاف الديانات المسيحية والأيزيدية والصابئة المندائية اكراما لأرواحهم الطاهرة.
ونحن نهم بالعودة خائبين..لاح لنا من بعيد رجل يمشي الهوينا وبتثاقل.. ويلتحف ببطانية من شدة المرض ..كان الرجل في غاية الادب وتبدو هالة سوداء على جبهتة ويتتم بدعاء وصلوات على نبينا الكريم .ومن خلف السياج رحب بنا بادب وبتواضع وقدم أعتذارا مشفوعا لنا بذكر الله والنبي والائمة الاطهار ان يحفظنا .وسألنا هل أنتم مسيحيين.
فان لا احد يزورنا ألا نادرا ..وعند شرح مهمتنا له أجابنا بنفس اللهجة الايمانية :عليكم الذهاب الى دائرة الاوقاف في البصرة ليسمحوا لكم .شكرنا الحارس وودعنا مقبرة لأخوة لنا في حب الله .وبكينا على عراق فية حتى زيارة المقابرتحتاج الى تصريح .