شهدت العلاقات العراقية الأردنية مراحل متعددة وسادها التقارب تارة والتباعد تارة أخرى ؛ في عهد صدام كانت العلاقات إيجابية بسبب الإمدادات التي يحصل عليها الأردن آنذاك ؛ هذا ماجعلها تقف بوجه التغيير الذي حصل في 2003 داخل العراق ؛ لم تقتنع يوما إن نار العراق ستمتد اليها وإن الصراع المستمر في العراق سينعكس على الجميع ؛ ربما كانت خائفة من التغيير الديمقراطي فكانت مواقفها سلبية وساهمت مساهمات كبيرة في زيادة الإرهاب داخل العراق
خرج علينا ملكها محذرا من الهلال الشيعي الذي رسمه في مخيلته وهو أول من أطلق هذه التسمية حسب ما أتذكر ولحقه في مابعد حسني مبارك ، لقد كانت ولاتزال فكرة الأغلبية الشيعية في العراق تشكل تهديدا ووجعا لرؤوس الأردنيين وهي مخاوف لاشعورية ولاتمت بصلة لأية وقائع تاريخية فلم نسمع يوما إن شيعة العراق إعتدوا على الشعب الأردني ولم نسمع إن المرجعية الشيعية أفتت بضرورة إسقاط النظام الملكي العائلي في الأردن لكن رياح الكراهية ممتدة الى درجة كبيرة في النفوس الأردنية
لله الحمد دارت الدوائر على الأردن وجاءت الرياح العكسية ممتدة من قطر ناشدة التغيير بذريعة الربيع العربي وكادت الأردن وملكها أن يكونوا في مهب الريح فراحت تلتفت يمينا ويسارا لتجد لها أصدقاء يساعدونها على الوقوف بوجه هذه الريح الخليجية فلم تجد الا الهلال الشيعي ليقف الى جانبها وساعدها على الصمود ؛ لكنها لم تشكر تلك المواقف بل لعبت مرة أخرى بذيلها وراحت تسمح لمايسمى بالمعراضين العراقيين من دخول أراضيها وفتح قنواتهم الإرهابية لبث الفتنة وتعليم الناس أساليب القتل والدمار
هذا الأرهاب الأرعن الذي ضرب العراق لم يسمع عنه الأردن ولم يتعاطف مع ضحاياه بل راح ينصب المآتم لمصعب الزرقاوي ورفاقه ولم يمنع المؤتمرات الإرهابية التي تلملم أوراقها على ارض الأردن ؛ تلك الممارسات الأردنية الداعمة للإرهاب كانت تصدر على المستوى الحكومي والشعبي ؛ وكان العراق قد بح صوته من كثر المناشدات لدول الجوار لكي تضبط حدودها وتمنع تدفق الإرهاب من تلك الأرض الحدودية لكن دون جدوى
جاءت داعش وعملت بالعراق ماعملت ولم نسمع أيضا مواقف حازمة وجادة لرفض أساليب داعش القذرة من قبل الأردن إلا إنها أجبرت على إدانة داعش نتيجة المواقف الصلبة للولايات المتحدة الأميركية وتشكيلها للتحالف الدولي ضد داعش فما كان للإردن الا أن تدخل على مضض لهذا التحالف
أخيرا دخلت وقصفت مواقع داعش تحت أوامر التحالف وتمت عملية أسر طيارها الشهيد معاذ الكساسبة وعملية تنفيذ حكم الأعدام الشنيع بحقه
طريقة تنفيذ حكم الإعدام هي من رسمت الصورة الحقيقية لعقول الشعب الأردني أما مفخخات العراق التي حرقت المئات من العراقيين لم تسهم في توضيح الصورة !
اليوم أدركت الأردن خطورة داعش ودمويتها ؛ ماكانت الأردن تصل الى هذه الحقيقة لولا تجربتها الحية لممارسات داعش وفي نفس الوقت عرفت أن نداءات الحكومة العراقية والشعب العراقي كانت محقة ؛ فهي الآن جربت داعش وعرفت خير الشعب العراقي الذي لايؤمن بداعش وبالفكر الارهابي ؛ وهذه الصورة الأردنية يمثلها المثل الشعبي القائل " جرب غيري تعرف خيري " .
مقالات اخرى للكاتب