تعد ظاهرة غسيل الاموال او بتعبير اخر تبييض الاموال بعد ان كانت سوداء بفعل مصدرها الاسود والناتج عن عمليات غير مشروعة ولا قانونية بسبب كونها اموال متاتية عن عمل جرمي مخالف للقانون والاخلاق ، وقد عرف العالم ظاهرة غسيل الاموال بعد الانفتاح الهائل للتجارة والاسواق امام اصحاب الرساميل الكبيرة ، وقد بلغ معدل غسيل هذه الاموال في العالم الى 150 مليار سنويا ، وفي ظل العولمة وبلوغها الى ما يسمى بالعولمة اللبرالية تم اقامة وانشاء اسواق جديدة لها مواقع جغرافية يصعب الوصول اليها بسهولة ويسر ،او السيطرة عليها بعد تزاييد وتعدد اساليب الجريمة الاقتصادية ووسائل تخفيها ، خاصة بعد قيام الدول بقبول توريد الاموال اليها دون الرجوع الى مصادرها ،وذلك لتشجيع الاستثمار والتنمية فيها .
ان العراق لم يك يعرف ظاهرة غسيل الاموال الا بعد عام 2003 وذلك بسبب حصر النشاط المالي والاقتصادي بيد الدولة ، وما حصل بعد هذا التاريخ هو توريد الاموال الحكومية الامريكية الممزوجة بالاموال العراقية المجمدة لدى الخزانة الامريكية بفعل عوامل الحصار المفروضة على العراق نتيجة لقرارات مجلس الامن ، والتي لم تعرف حدود اي منها للتنمية او وفق البرناج الدولي لمساعدة العراق ، ونتيجة للتلاعب وتغيير تعليمات الصرف بعد السقوط تحولت كثير من اموال الدولة الى جيوب عدد قليل من اللذين كانوا بالقرب من المحتل الامريكي او قريبين من الحاكم المدني بول بريمر الذي بدوره شجع هذه العملية عن طريق اقامة المزاد العلني للعملة الاجنبية في البنك المركزي العراقي ، كما وان سرقة المصارف الحكومية ابان السقوط ساعد على تهريب الكثير من هذه الاموال الى الخارج لتعود من جديد الى العراق على شكل رؤوس اموال سياسية او استثمارية وظفت للاستهلاك المظهري ولم تك لتستخدم في الانتاج ، وذلك باستيراد السلع والبضائع الاستهلاكية ذات المردود الاني وان عملية فتح المصارف والشركات المالية الاهلية والتوسع فيها والاستمرار ببيع العملة شجع على تهريب الاموال تمهيدا لتببيضها او ان قسما منها اكتنز لصالح اشخاص مستقبلهم السياسي مربك ومجهول او ان قسما كبيرا من هذه الاموال ذهب الى تنظيمات القاعدة ومن بعدها داعش لتعود الى العراق من جديد لقتل شعبه بتعبير اخر ان شعب العراق يقتل بامواله . وقد كان من نتائج غسيل وتهريب هذه الاموال ضعف الدخل القومي العراقي، وسؤ توزيع الدخل الناتج عن تفشي البطالة بين القوى العاملة الشابة وما يسبب ذلك من افات اجتماعية تفتك بهذا البلد اضافة الى الحروب القائمة وكان من مخرجات كل ذلك زيادة نسبة الفقر ليصل بمعدله الاخير 35% ، دون ان يقابل ذلك اجراءات الحد من تهريب الاموال او انشاء مشاريع تعالج البطالة او حتى اجراء ما هو مطلوب للتقليل من معدلات الفقر
مقالات اخرى للكاتب