مر العام الحادي منذ الاحتلال الغاشم الذي وإن خلص العراق من الحكم الاسود للطاغية الا ان بلاء العراق بالصداميين الصغار المنتشرين في المحافظات لا يقل سوءا ان لم يكن اسوأ من بعض الجوانب وخاصة على صعيد فقدان الامن والفساد والمحاصصة والطائفية التي يبدو ان المشاركين في الحكم قد وجدوهـا فرصتهم التي لا تعوض في مواصلة نهب البلاد والعباد.
تميزت الفترة المنصرمة بالفشل الذريع على جميع الاصعدة ولازال الفرد العراقي يتعرض للقتل اليومي ويعاني من فقدان الخدمات الانسانية كالكهرباء والماء الصافي الذي لا يصل لأبناء البصرة الا بالتنكرات اضافة الى تدهور الخدمات الصحية والتعليمية ، ولا يمكن ان يعتبر العراق الا من الدول الفاشلة حيث تم تسخير القضاء في خدمة السلطة التنفيذية ورئيس الوزراء تحديدا والذي ادلى بتصريحات ينبغي ان يخجل منها كل عراقي وهي اقواله "الدم بالدم وانا ولي الدم" ولا ادري كيف يسمح رئيس يدعي انه منتخب "ديمقراطيا" ان يستخدم هذه اللغة البالية فاين اصبحت المحاكم وما هو دورها في معاقبة الجاني وانزال اقصى العقوبات بحقه.
اعتقد ان مستقبل العراق كوطن مشترك لكافة مكوناته هو الان على كف عفريت وعلى الناخب العراقي ان يقوم بدوره في اختيار العناصر الكفؤة والنظيفة والمخلصة التي لم تتورط بسرقة المال العام او المشاركة في الطبخات الطائفية والمحاصصة وكمثال لمثل هؤلاء المرشحين كثيرا من مرشحي التحالف المدني الديمقراطي، الا ان السؤال الذي ينبغي ان نطرحه هو هل تتوفر العوامل التي تضمن نزاهة الانتخابات وهل ان الفرص متكافئة امام المرشحين في وقت تقوم الجماعات المتنفذة باستخدام وسائل شراء ذمم الناس وتستخدم هالة السلطة واجهزتها القمعية وتسخر اموال الدولة لدعاية مرشحيها وقوائمها الانتخابية.
مرت ثماني سنوات ورئاسة الوزراء بيد رئيس حزب طائفي ولكن الامتيازات والمناصب مقسمة وفق مبادئ المحاصصة التي ادخلت البلد في متاهات وخضع للفشل رئاسة الجمهورية بغياب الرئيس و مجلس النواب الذي يتحكم رؤسـاء الكتل بمقدراته خاصة وان غالبية اعضاؤه لا يمثلون الشعب ولم يحتلوا مقاعدهم بأية اصوات تذكر بل تم تعيينهم من قبل رؤساء الكتل على مبدأ الطاعة العمياء "موافج" اذ ليس لهم اية علاقة بمصالح الناس وابلغ دليل تشريعهم لمنافع ما انزل الله بها من سلطان من رواتب وامتيازات وتقاعـد بقوانين مخالفة للدستور وهي من الناحية العملية "سرقة مشرعنه".
من ظواهر العام المنصرم كشف العشرات من ملفات الفسـاد التي نشـرت وثائقها في الاعلام وتشمل كبار العناصر القذرة التي سلطها الزمن الاسود على حكم العراق وينبغي ان نحي كل عنصر شريف ساهم في فضح الفساد وسرقة اموال الشعب بدوافع وطنية حقيقية ، ولا أدري ان كانت مسرحية "حسن السيرة والسلوك" هي لغرض اسكات اي صوت منتقد ام لخوفهم من تعرضهم للمسائلة في مستقبل الايام وليس هم لوحدهم بل لابد ان يحين اليوم الذي يصحو ضمير العالم المتمدن لمحاسبة عرابي الاحتلال والمحتلين على جرائم ذبح العراقيين وانتهاكات ابو غريب وسرقة المتحف العراقي وتدمير العراق ومؤسساته ووزاراته وهياكله الادارية.
ان تدهور الوضع الامني والذي كما يبدو سوف يستمر لما بعد انتخابات الثلاثين من ايار القادم قد اخذ مديات جديدة بسبب تخبط الحكومة في معالجة ازمة الانبار التي بدأت مظاهراتها بمطالب مشروعة ولكن الازمة ولفشل الحكومة في التعامل العقلاني معها اصبحنا نلاحظ سيطرة بعض المجاميع الارهابية "داعش" كما يدعون على مناطق كبيرة من الانبار والفلوجة وادت الى هجرة عسرات الالاف من العوائل فيا له من انجاز بع\د احد عشر عاما من دخول قوات الاحتلال الغاشم للعراق، ولا يمكن ان يكون كل ذلك بعيدا عن تدخلات دول الجوار وخاصة ايران والسعودية وتركيا حتى الاردن " لا ينبغي ان ننسى فضيحة البسكويت المسرطن لتسميم اطفال المدارس الابرياء" اضافة الى تأثيرات الحرب الاهلية الدائرة في سـوريا على وضع العراق المهزوز اصلا.
اتمنى شأني وشأن الملايين من العراقيين ذوي الكفاءات والاختصاصات المتنوعة التي حرم العراق من الاستفادة من خبراتهم ومساهماتهم التي يعتبر البلد بأمس الحاجة وذلك بسبب القمع الدموي والحروب العبثية للنظام المقبور في الحقبة الماضية وبسبب المحاصصة والطائفية والفساد وتزوير الشهادات للعقد المنصرم الذي تميزت السلطة فيه بسد جميع الابواب والفرص امام مشاركة تللك الكوادر بالرغم من الادعاءات الكاذبة بدعوتهم للعودة وارجو ان لا يبقى هذا التمني مجرد وهم.
مقالات اخرى للكاتب