انتكاسة جديدة للدستور العراقي، وما ضم بين جنبيه، من مواد لم يقتنع بها السياسيون، ولا الإفراد حتى. في السابق تعالت الأصوات على قانون التقاعد البرلماني، وما لا يفقهه البعض، بأن الدستور العراقي المؤقت لسنة 2005، هو الذي اقر بالامتيازات التقاعدية. وفي الأيام القليلة الماضية، انطلق مشروع إبعاد المرشحين، الذي يعطي للهيئة القضائية، حرية التصرف، بما تشتهيه المفوضية بعيدا عن قبول البرلمان.
اليوم يعود الدستور العراقي، بميزة أخرى، كشفت مؤخرا عن حرية حالة الطوارئ، والصلاحيات الواردة فيها موجودة حاليا، في قانون السلامة الوطنية. (الأمر التشريعي رقم 1 لسنة 2004) الذي أصدره إياد علاوي، عندما كان رئيسا للوزراء، ويتمتع بالسلطتين التشريعية والتنفيذية في آن واحد، ولم يتول البرلمان إلغاء هذا القانون أو تعديله.
التلاعب في الشرعية، وحرية إصدار القوانين، الممنوحة لمجلس الوزراء، هي المشكلة الأكبر. تحديد صلاحيات رئيس الوزراء، لم تحدد بشكل مطلوب في الدستور العراقي. مما جعل رئيس الجمهورية، وقرار البرلمان، إسقاط فرضا، للموافقة أو الرفض .
قانون السلامة الوطنية، وما جاء في فقراته، هو حالة طوارئ بلا شك، وهي خطوة تلي، بعد تدهور الأوضاع الأمنية في إي بلد، تأتي بعد ظروف الحرب، والأحكام العرفية. وهذا ما استخدمته البحرين، في 15 /آذار عام 2011، بعد قيام التظاهرات وارتباك الوضع الأمني في المملكة .
للوقوف على تأريخ العراق السياسي، نعرض لكم حالات الأحكام العرفية، التي شهدها البلاد، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921. ومنها؛ في العهد الملكي، لم يكن هذا المفهوم معروفا أو متداولا، كان وقتها شائعا ما أصطلح عليه أيام الطوارئ، والأزمات السياسية بـ (المحاكم العرفية) التي تشكلت في بداية الأمر، في ضوء مرسوم الإدارة العرفية رقم 18 لسنة 1935. وهي محاكم عسكرية، تتشكل من قادة عسكريين، ذوي خبرة وشهادة في مجال القانون، وهي تتشكل في ظروف إعلان الأحكام العرفية، عندما تفرض في أوقات الاضطرابات وحوادث الشغب.
وأما تجربة محكمة (الشعب)، أو ما عرف بـ ( محكمة المهداوي) بعد 14 تموز 1958. وما تميزت به من استعراضات، سياسية ساخرة، من بعض المتهمين، بسبب حضور جلساتها جمهور من العامة. وهي تقف فيه حدا فاصلا، بين عهدين سياسيين مختلفين، لا تزال جلساتها طرية في الأذهان.
اما (مجلس قيادة الثورة) في شتاء عام 1969. الذي شكل هذه المرة محكمة (عسكرية خاصة)، لمحاكمة ما عرف حينها بـ (شبكة التجسس لصالح العدو الصهيوني). والتي ألقي القبض على أفرادها قبل (17 ـ 30 تموز 1968)، بعد أن كشفت خيوط تلك الشبكة ،في نهاية الحكم ألعارفي الثاني، وأوقف أفرادها منذ ذلك الوقت.وصولا الى ظروف الحرب العراقية، الإيرانية (81-88). والى أحداث الانتفاضة الشعبانية 1991، حتى سقوط النظام ألبعثي في سنة 2003.
السؤال هنا، هل يحتاج الوضع الأمني لحالة طوارئ فعلا؟ وهل ان حالة إعلان الأحكام العرفية، في الوقت نفسه يجري العراقيون، استعدادا لخوض الانتخابات؟ ان كان البلد مستقرا، ويتداول السلطة سلميا، إذن أي اضطراب يحصل، والبلد يعيش حالة ديمقراطية؟ ما تقوم به الحكومة الحالية ،من تعطيل للدستور، وإيقاف عمل البرلمان، المنتهي جزيئا، هي بادرة خطيرة لتوجه سياسي خطير في الداخل مما يضفي استمرار، إعلان حالة الطوارئ، وتأجيل الانتخابات، والجلوس لفترة أطول على سدة الحكم نالى ان يأذن الوضع لإنهاء حالة الطوارئ بمرسوم آخر.
مقالات اخرى للكاتب