لا يعني غمس أصبعنا في حبر البنفسج أننا متفائلين بالأحاديث الكثيرة عن التغيير، وهي كلمة ترددت جهارا وليلا نهارا على لسان الصغير والكبير، ومع ان حوالي 40% من العراقيين قد أحجموا عن طرق أبواب مراكز الاقتراع وهذا رقم وارد في المفاهيم الدولية، إلا أن أسباب موضوعية أخرى كانت قد دفعت المثقفين والغيورين على تحمل المخاطر للتعبير عما في نفوسهم والإدلاء بصوتهم الغالي، وأهمها أن لا يضيع الوطن .
ومع أن كل شيئا في العراق اصبح مباحاً، رخيصا، أبتداءا من الكلمة الصادقة، وشرعنة الحرام، وتزوير إرادة العباد، ووصولا إلى الدم العراقي المستباح من قبل الدواعش، والأعراب وأراذل الاقوام من الدول المجاورة، وغير المجاورة، وأن ما يزيد في الاوجاع الصمت اللامقبول من قبل أولي الأمر، مع أن السيل الدموي جارف، والأعداد الراحلة نحو المقابر في تزايد، وبين الكلمة المخادعة المتباكية، والفعل العامل نرى مسافة شاسعة وهوة ساحقة .
ان الحديث المتواصل عن التزوير يعني التجاوز على إرادة الشعب، ويعكس واقعاً قائماً مؤلما امتدت جذوره في كل الاتجاهات العلمية، والصحية، وحتى الأخلاقية، وكأنه أصبح سمة مفروضة، وهو ما شجع مواطن قطري يدعى نواف للترشيح للانتخابات العراقية، بأوراق مزورة في واحدة مما يشبه قصص الجاسوسية والمخابراتية ولعلها ضمن هذا الإطار .
الحقيقة أن الحديث عن التغيير ذكرني بقصة مشوقة ضمن ارشيف الطفولة، وهي قصة ( ليلى والذئب ) التي تزخر بها مكتبة الطفولة، لتحولها الفضائيات المهتمة بشؤون الطفل إلى افلام وحكايات كارتونية، لجذب انتباه ملايين الاطفال، من خلال ملابس الجدة وجلد الحمل اللتان يتنكر بهما ذئبا شرير .
ولأننا لم نرى اي تغيير في سلوك من يهتفون ليل نهار مطالبين بالتغيير، فان من حقنا ان نتساءل ونطلب تفسيراً مناسباً يزيل اللبس والغموض، الذي وضع المنادين بالتغيير انفسهم فيه، لان المطر تسبقه غيوم ورعد وبرق، وكذلك تسبق اهل الخير افعالهم، وليس ادعاءاتهم وأقوالهم وتصرفاتهم، التي قد تكون كذئب ليلى وغيره من الذئاب، التي لا هم لها غير أكل الاخرين. أن على الذين ما زالوا مستمرين بالجدلن والاتهامات، والمناكفات وضع حد لهذه المهزلةن التي تعني أن لا تغيير حصل في سلوكياتهم، فكيف نأمل منهم تحقيق تغيير في حياة الشعب وسلامة البلد .
مقالات اخرى للكاتب