نشر صديق اكاديمي مرموق صورته مع والدته وشقيقته وهم يرفعون أصابعهم البنفسبجة مصحوبة بإتسامات واثقة بعد الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العراقية التي جرت يوم الثلاثين من نيسان الماضي ،وكتب معلقاً على الصورة"لم يجتمع رأي العائلة على واحد، أمي مع انتخاب الأقوى، وأختي مع قائمة وعدتْها بتعيين، وأنا مع الأضعف لإضعاف الأقوى، للعائلة بقية متوزعة الأصوات (ديمقراطية)." نعم أنها ديمقراطية حقا ً ، فقد ذهبت أنا شخصيا ً في سيدني وأنتخبت ، هذا واجبي كمواطن عراقي أو كناخب ..، المثقف العراقي دوره هكذا ، لكن وبكل آسف أن ديمقراطية الحكم في العراق تعتمد النائب والراتب وليس رأي الناخب ، لذلك كان اليأس كبيراً ..في التغيير .
فحين يستلم مليون ونصف شرطي وجندي وخمسة ملايين موظف حكومي رواتبهم المعتمدة على الريع النفطي كونه إقتصاد الدولة الأساسي في الإستهلاك والبيع والشراء مع ملايين العاطلين عن العمل وخاصة بين الشباب في دولة تعتمد (الغيب الديني ) في حلحلة معضلاتها العظمى ، فأن التصويت الإنتخابي وحسب الدراسات العلمية تؤكد أن هؤلاء يريدون ان يبقى الوضع كما هو ..!! مكانك حيث تسترح ..!!
*****
في استراليا حيث أعيش منذ 1994 ، وفي الإنتخابات الأخيرة في شهر اوكتوبر عام 2013 ،كان المرشحون حوالي 400 لشغل 150 مقعدا في البرلمان الأسترالي ، وكانت تكلفة الناخب هي : ثلاثة دولارات وأربعين سنتا ً ، وتم افتتاح مراكز الإنتخابات في كل القارة الساعة السابعة صبحا وتم إغلاقها الساعة الساجسة مساء ا ، وفي الساعة الثامنة من نفس المساء حصلنا على رئيس وزراء جديد وأعضاء برلمانيين جدد ..!!
وفي العراق الديمقراطي الذي يجب أن يستفيد كثيرا من تجارب الشعوب والحكومات الديمقراطية التي سبقته في التجارب ، ِفأن المرشحين لمقاعد البرلمان كانوا اكثر من 10 الاف مرشح لحوالي 69 كتلة وكيان وحزب ، لشغل مقاعد 340 مقعدا أو أكثر ، وتم افتتاح المراكز الإنتخابية في الخارج لمدوة يومين مع التصويت الخاص للقوات المسلحة والشرطة وألأجهزة الأمنية ثم يوم كامل للتصويت للشعب مع اسبوع عطلة رسمية ، ومنذ يوم الإنتخاب ولحد الأن لاأحد يعرف نتيجة الإنتخابات .
*****
ومنذ أن بدأ الفرز الإنتخابي ولحد الأن سافر أبرز الشخصيات الحكومية الى الجمهورية الإسلامية في إيران لأسباب مجهولة وعلى رأسهم رئيس الوزراء العراقي .
هل يعاني الشعب العراقي بأطيافه من الحكام أم أن الحكام هم من الذي إبتلوا بهذا الشعب الذي لايقدر عليه لا حجاج ولا بوش ولا صدام ولا اوباما ولا مالكي ، سوى قاسم سليماني ..!!
خلاصة :
كل برلمانات العالم الديمقراطي تتكون من حكومة ومعارضة منذ عهود الاغريق والرومان ،ماعدا البرلمان العراقي بعد 2003 فهو ينتج حكومة بلا معارضة ،محاصصات وتوافقات من اجل اكتناز الاموال والمناصب حسب الدين والمذهب والقومية والحزب والعشيرة والنفوذ المالي ﻭالمليشياوي والقسوة المفرطة، ونتيجة لكل هذا فان الخارج يختلف عن الداخل ولاجدوى وليس هناك ضرورة لمن يعيش في الخارج التدخل في خيارات الداخل بعد الان .فوجود الشرطة والجيش والعشائر والاحزاب الطائفية مع ملايين أمي و أمية من شأنه ترسيخ سلطة تتنفس الازمات لعقود من السنين لاينفع معها تصويت ولا توعية .. غالبية القوم يريدون العيش كي يأكلوا !!
ولكي لا ننسى ..علينا أن نقول نحن خائبون.
مقالات اخرى للكاتب