يمكن ملاحظة فارق شاسع في تقييم الأوضاع التي تعيشها البلاد بين المسئولين من جهة والمراقبين والمواطنين من جهة أخرى، وهذا الفارق يشخص اختلافا جوهريا في اهتمامات الطرفين، وهو فارق يدفع المراقب والمواطن إلى التشكيك واليأس أحيانا من قدرة الساسة المسئولين على إنجاز نجاح في أي ملف حقيقي والفارق يدفع الساسة المسئولين إلى تجاهل مطالب المواطنين والتعامل معها باستخفاف واستهانة. في ظل المخاوف التي نعيشها والتي عبرت عنها اغلب الاوساط السياسية وقياداتها، والتي عبرت عنها كل القوى الفاعلة في الساحة السياسية العراقية حيال ما يجري على الارض من تراجع امني واقتصادي خطير تجعلنا نحدد ملامح الواقع العراقي والى اين يسير العراق. لم يعد خافيا طبيعة التحديات التي تواجه المشروع الوطني والعملية السياسية الفتية، وبالرغم من ولادتها قبل تسعة اعوام وقطعها لأشواط مهمة في بناء الدولة العراقية الحديثة وفق اسس قوية ومتينة، الا ان مثل هذه التطور والتقدم لايروق للبعض من اجندات خارجية تسعى الى فرض اجنداتها وهيمنتها على المشهد العراقي من اجل تحقيق مكاسب فئوية ضيقة حتى وأن كانت على حساب مصالح الشعب العراقي وحقوقه المشروعة في العيش في ظل دولة مدنية في عراق حر ديمقراطي ، ففي الاونة الاخيرة شهد العراق العديد من التطورات الخطيرة على الصعيدين الامني والسياسي، حيث تصاعدت العمليات الارهابية النوعية في مختلف مدن العراق واستهداف للمواطنين الابرياء العزل .ولم يكن المشهد السياسي أقل سخونة فالخلافات والصراعات بين الكتل السياسية أخذت هي الاخرى منحى خطير وتوسعت نقاط الخلافات الى التراشق الاعلامي والتسقيط السياسي وتبادل الاتهامات وجر البلاد الى آتون نزاعات طائفية وجر العراق الى مصير مجهول .باتت التحذيرات والمخاوف التي عبرت عنها المرجعية الدينية والتصريحات والتحذيرات التي جاءت على لسان مسؤولين وقادة سياسيين, لم تكن من فراغ وهي ليست تهويلا للواقع، بل انها منطلقة من قراءة واقعية للأحداث الجارية ومن فهم وإدراك لخطورة الوضع السياسي والأمني القائم وما سيترتب عليه من آثار خطيرة على مستقبل العراق والعملية السياسية خصوصا ونحن نعيش تأثير الوضع السوري على المشهد العراقي والذي أخذ يلقي بضلاله على الوضع الداخلي من خلال تصاعد العمليات الارهابية في الموصل والانبار . وعلى ضوء ما تقدم يجب علينا ان نكون على قدر عالي من المسؤولية الوطنية وان نكون بمستوى الاحداث الجارية والتحديات القائمة، وعلى استعداد لمواجهة المتغيرات على الساحة الاقليمية والداخلية وعدم السماح لأصحاب الاجندات الخارجية من تنفيذ أجنداتهم الخبيثة في ضرب العملية السياسية والمشروع الوطني .المطلوب هو وحدة الصف والكلمة بين الكتل السياسية ونبذ الخلافات وتوحيد الخطاب الاعلامي، والجلوس الى طاولة الحوار الوطني وتصفير الازمات ، والرجوع الى الدستور في حل المشاكل العالقة ومد جسور الثقة بين جميع الكتل السياسية ، والمحافظة على المكتسبات التي تحققت خلال مسيرة العملية السياسية منذ 2003 .علينا بالمزيد من الوعي الوطني والحرص على وطننا وشعبنا وعدم الانجرار وراء اصحاب الاجندات الخارجية المشبوهة والتي لا تريد بالعراق إلا الشر وهنا لابد من اتخاذ موقف وطني موحد ينتهجه الساسة ويغلبون فيه المصلحة الوطنية على كل اعتبار لان اي تجاهل لما يدور الان قد يعود بالسوء على الجميع ولات ساعة مندم ..