لم تكن عملية تهريب المئات من سجناء القاعدة من ابو غريب والتاجي هي كل وجه الغرابة، الغريب حقا، والذي يثير التساؤلات حولها هو توقيتها، تزامنها مع حملات تشنها القاعدة لتحرير سجنائها في دول حواضن الارهاب المشابهه للعراق.
فبعد الهروب الكبير من ابو غريب والتاجي (22 تموز) بخمسة ايام فقط، استطاعت القاعدة تحرير حوالي 1200 سجين من اعضائها في سجن بنغازي بليبيا.
وفي 30 تموز نفسه شنت هجوما على سجن ديرا اسماعيل خان في شمال غرب باكستان وقد نجحت ايضا بتهريب اكثر من 220 من سجنائها بينهم 30 متهمون بتنظيم عمليات انتحارية.
والسجناء الفارون من العراق وليبيا ايضا بينهم الكثير من القادة الميدانيين النشطين، والكفوئين في مجال التفخيخ والهجمات الارهابية الخطيرة.
واذا كانت عمليتي ابوغريب والتاجي قد مرتا بصمت حكومي في العراق، وتجاهل شخصي من قبل رئيس الوزراء على اعتباره القائد العام للقوات للمسلحة، في احاديثه الصحفية اللاحقة، الا ان هذا التزامن اثار هلع الادارة الامريكية، التي بدت وكأنها تللم خيوط القضية.
فبعد وصول معلومات استخباراتية من خلال التنصت على هاتف قائد التنظيم ايمن الظواهري مع زعيم فرعه في اليمن، ناصر الحواشي، تشير الى ان تهريب السجناء جاء استعدادا لضرب مناطق ساخنة في ايام عيد الفطر، ثم قرار الحكومة الامريكية اغلاق سفارتها واجلاء رعاياها عن المنطقة الخضراء، حينها فقط، احست الحكومة العراقية بالخطر، ودب الذعر، والوهن في ركبتيها.
فجأة قطع البرلمان سلسلة نقاشاته واغلق ابوابه الى اشعار اخر، دون اي تلميح الى تاريخ الجلسة القادمة، ثم تم اجلاء عوائل المسؤولين عن المنطقة الخضراء على عجل بحجة السفر لقضاء عطلة العيد، بعضهم توجه الى الاردن، واخر الى كردستان، فضلا عن الاجازة الطويلة للبعض في اوربا.
اخر الحلول الارتجالية، والتي تشير الى مدى ذعر المسؤولين هي عمليات وصفت بانها "استباقية" تشن على عجل في شوارع بغداد، والخضراء على وجه الخصوص، باسم عملية "ثأر الشهداء"، وهي عبارة عن كمائن ونقاط تفتيش، وتعطيل للمرور، لم تسفر الا عن تعطيل الدوام في العاصمة!
لا شك ان احد اهم تفشي الارهاب لهذا الحد المخيف في العراق هو الاهمال، القصور في الاداء الحكومي، والفشل المريع في توفير فرص عمل للشباب، وضعف برامج التوعية العامة، وارتكاز الاعلام الرسمي على الهويات الطائفية للمسؤولين، الذي عزز الثقافة الطائفية في العقل الجمعي، هذا بالاضافة الى اهمال متعمد في مجال الثقافة والوعي، واطلاق يد الميليشيات التابعة للمسؤولين بالعيث بالمراكز الثقافية كالمسارح والمكتبات ودور السينما، فضلا عن محاربة الاماكن الترفيهية بالشكل الذي يحاكي اجراءات طالبان المتخلفة في افغانستان، او الصومال واليمن، سواء بوعي او بدونه.
هذا الهلع، الغيمة السوداء، التي تنذر بعيد اسود، على الاخوة في المنطقة الخضراء، اتمنى ان يعوا فقط بانها من صنع ايديهم، وهم يحصدون العيد ما زرعوا في الاعوام العشرة الاخيرة فقط.
مقالات اخرى للكاتب