أن من الحنكة والحكمة تجاوز الأخطاء والسلبيات واستيعاب دروس الماضي وما فيها من زلل وعثرات، وأن لا نبني على الأوهام والهواجس أحكامنا، وعلينا مراجعة ما نحن فيه من موقف دفاعي ضعيف، رغم الإمكانات البشرية والمادية الهائلة التي وضعها الباري بين أيادينا، ولكننا إلى الان لم نحسن توظيفها بالشكل الذي يخدم الشعب، بعد ان تركنا له السفاسف التي لا خير فيها ولا نفع، وانشغلنا بالنهب على حساب المجد . إن ما يحصل في العراق اليوم يذكرنا بيوم أُحد، عندما أنسى الطمع مقاتلي المسلمين، بأسثناء ثلة مجاهدة كريمة صمدت وصابرت مع رسول الله ما أراد رسول الله، وحافظت على الأمانة والنتيجة كانت معروفة للجميع، والأمر لا يختلف اليوم بعد أن أستولى الطمع والحرام على عقول الكثيرين من طلاب السلطة، ما عدا ثلة مجاهدة ربطت مصيرها بمصير الشعب وبقاءها ببقاء الوطن . أن ما نعيشه اليوم محنة حقيقية وضعتنا جميعا على المحك، بعد ان أحكمت الأحزاب ذات النفع الخاص الطوق حولنا، وصاغت القوانين والدستور بالشكل الذي يخدم مصالحها، مستغلة طيبة الناس أبشع استغلال، واستغفلتهم لتحقيق مراميها، التي ستكون وبالاً علينا جميعاً، وعندها سيختبئ من يفعل ذلك، ويهرب من يستعد للهرب، لنعود إلى مربع الموت والمهانة من جديد . نحن الآن في وقت حرج لا يسمح بالمجاملة أو المهادنة، لأن الحزن والآسى هو الغالب على حياتنا، مع دوي الانفجارات وما تُخلف لنا من أجساد ممزقة، ومن دون أن نرى اكتراث لمن صعدوا على أكتافنا، ولما يلُم بنا من مصائب، وتراجع، واحتمالات السقوط القائمة من جديد، إذا لم نتدارك ما نحن فيه من تراخي يُبعدنا عن طريق الصواب . أن محاولات شرعنة الفساد والابتزاز، التي تمارسها أطراف وأحزاب ذات تأييد جماهيري محدود، على عموم الشعب، هو نوع جديد من أنواع الإرهاب والدكتاتورية، لأن ذلك سيكون قائماً على القهر، والترويع، وسلب الإرادة العليا، لحساب الإرادة الدنيا، التي فشلت حتى الان في أثبات قدرتها على النجاح، وعلى كسب رضا الجماهير الواسعة، وهذا ما يتطلب من الأخيرة التصدي له بكل قوة وحزم، وعدم الإذعان للتبريرات الساذجة، التي يتمسك بها الفاشلون كوسيلة للسيطرة على مقاليد الأمور، وهو ما فتح الباب واسعاً للممارسات الاجرامية، التي ترتكب يومياً وتزهق بسببها عشرات الأرواح، من دون يرف للنخبة الجديدة جفن، لأنها في واد والشعب في واد أخر. أنها حقاً محنة كأداء أصابتنا بدمائنا وأموالنا وأبنائنا وتأريخنا وكرامتنا ومستقبلنا ووحدة كلمتنا وعراقنا الذي ظل شامخاً على مر الزمن ويحاولون اليوم أن يجعلوا منه مطيعاً راكعاً في وقتٍ كنا نظن فيه بأننا قد تجاوز الماضي الرديء .
مقالات اخرى للكاتب