لا تستطيع الولايات المتحدة الامريكية ان تدير امورها , دون ان تخلق لها طريقا لخلق الازمات ..
والرهان عليها للحفاظ على مصالحها , وازاحة جميع المعوقات التي تحول دون الوصول لاهدافها
وطموحاتها .. وهذا هو ديدنها .. وهذه هي سياستها . لذا خرجت علينا بمصطلح جديد , اسمه
مصطلح الشرق الاوسط الجديد . وهو تعبير استراتيجي جغرافي لا يشير الى وحدة جغرافية قائمة
بذاتها .والهدف من استنباطه , معالجة مصالح الدول العظمى التي روجت له . وكانت الدول
العربية.. ارضه الخصبة , كون معظم قادتها اداة بيد الدول الكبرى .. وهم على استعداد لتنفيذ
مخططاتها في المنطقة . اضافة الى العقول المتخلفة لرؤساء وملوك وامراء الدول العربية.. والتي
جعلت من خلافاتها سببا منطقيا للتامر على بعضها .. لخدمة اسرائيل . عدو الامة المفترض .وان
مشروع الشرق الاوسط الكبير او الجديد , ما هو الا اجندة خاصة لليمين المتطرف داخل الادارة
الامريكية يهدف الى اعادة صياغة الشرق الاوسط وفق المصالح المشتركة التي يتطلبها التحالف
الاستراتيجي بين اسرائيل وامريكا . وان المحرك الاساسي وراء المشروع هو حماية اسرائيل
كهدف حيوي من خلال تفكيك العراق وسوريا , وضمان هيمنة اسرائيلية مطلقة ومنفردة في المنطقة
ومهما حاولت الإدارات الأمريكية تجميل مشروع الشرق الأوسط من خلال زجّ موضوع التنمية والديمقراطية كمغريات، إلا أن هذا المشروع يبقى برنامج وأداة للسياسة الخارجية الأمريكية. حيث تواظب الإدارة الأمريكية الحالية على القول بأن تعزيز الاحترام لحقوق الإنسان يشكل جانبا مركزيا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأن هذا الالتزام تمليه القيم التي نشأت عليها أميركا وينبع من مصالحها الإستراتيجية الثابتة. وأن الولايات المتحدة جاهزة للعمل مع الحكومات الأخرى ومع المجتمعات المدنية لمنع إساءة استخدام السلطة وانتشار
الإيديولوجيات التي تجرّد المرء من إنسانيته، وتنتج البؤس واليأس وتقود إلى عواقب دولية سياسية واقتصادية وإنسانية مدمرة.
ان الترويج للديمقراطية , يواجه عدة عقبات .. اهمها التخلي عن القيم والمعايير الديمقراطية
في ظل التعاون مع انظمة سلطوية وغير ديمقراطية , تربطها علاقات استراتيجية مع امريكا , لا يمكن باي حال من الاحوال معاملتها كما يجب ان تعامل الانظمة الدكتاتورية والتي يراد منها , الانتقال الى ضفة الديمقراطية كما تقتضي الاهداف المخطط لها .
فالسعودية مثلا , يمكن اعتبارها دولة ديمقراطية في نظر امريكا , رغم ما تبديه من تشدد ديني , وغلو وعدم احترام الاخر , والقفز فوق كل ما يسمى حقوق الانسان , والمساعدة على نشر الارهاب .. وتغذيته بما يطيل عمره, ويقوي شوكته . ونفس الشيء ينطبق على قطر , طالما ترتبط بعلاقات استراتيجية وفيها اكبر قاعدة عسكرية لامريكا , فالعين عوراء عن رؤية التجاوزات القطرية , في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان , ومساعدة الارهابيين .. من اجل نشر الفوضى في المنطقة .
اما الدول التي لا ترتبط بعلاقات جيدة مع امريكا .. فهي مشمولة بتطبيق قوانين الديمقراطية وحقوق الانسان , حتى وان كانت تحترم حقوق الانسان , ويشهد لها باشاعة الديمقراطية في ربوعها . وهي التي ينطبق عليها ما لا ينطبق على غيرها من عقوبات .. من اجل تحقيق الديمقراطية , وتتعرض الى عقوبات.. قد تصل احيانا الى محاولة تغيير النظام . كما يحدث في سوريا .
ان ازدواجية المعايير , والنظر بعين واحدة , يجعل التشدق بالديمقراطية , ورفع شعاراتها ,
من المهازل التي لا تمر على اللبيب , ولا يستوعبها عقلاء الناس .. الذين يزنون الامور بميزان العقل والمنطق , ولا تمر عليهم الالاعيب.. مرور الكرام , يفسروا الحوادث .. بدراسة حيثياتها.. ويبحثوا في ابعادها ومقاصدها .. ليصلوا الى النتيجة المرجوة , والتي يقبلها المنطق السليم
وتاتي متماشية ومعقولية التحليل .
ان امريكا , تعمل كل شيء من اجل الحفاظ على امن اسرائيل واستقرارها . وتسعى الى كل ما من شانه ان يقوي شوكتها.. ويزيد من سيطرتها على كل من حولها من الدول العربية . ومن اجل ذالك .. تتهم امريكا كل من يقف بوجه اسرائيل , ولا ينحني امامها , ويقبل يدها الكريمة .
مقالات اخرى للكاتب