تقوم منظمات الأمم المتحدة ، ولا سّيما " اليونيسيف " ، بين الحين والحين ، بتوزيع الحليب أو السيريلاك ، للأطفال النازحين الى أقليم كردستان . ولقد إستلمَتْ عائلة ( ح . ر . خ ) في مُخّيَم خانكى ، أربعة عُلَب من السيريلاك ، ومن النوع الجيد ، لطفلها الصغير البالغ من العُمر أربعة عشر شهراً .. إلا ان الطفل الهزيل البُنية والمريض ، لم يستسغ هذا النوع من الغذاء ، وذهبتْ جهود والدتهِ ، في إقناعهِ ، سُدىً . ولأن الأم غير قادرة على إرضاع الطفل ، ولأنهم لايملكون نقوداً ، فأن الأب أخذ عُلب السيريلاك الى السوق ، لكي يبيعها ، ويشتري بثمنها الحليب الذي تَعّود عليه إبنه . وكالعادة في مثل هذه الاحوال .. فأن معظم أصحاب الدكاكين ، يقومون بإستغلال حاجة النازح ، ويشترون منهُ بأبخس الأثمان .
* من المُستحيل ان تكون ، عمليات توزيع المُساعدات على النازحين ، سواء من قِبَل المنظمات او الجمعيات او الأفراد ، مِثالية وعادلة . لاسيما إذا وصلتْ أعداد النازحين واللاجئين ، الى مايقارب المليون ونصف المليون ، متوزعين في أماكن كثيرة ومتباعدة عن بعضها البعض ، كما هو حاصل في أقليم كردستان .
* إضافة الى وجود بعض مظاهر الفساد " المُتوَقَع " ، عند [ قسمٍ ] من المُكلَفين بتوزيع المُساعدات الإنسانية ، حيث لم تبقَ زاوية ، للأسف الشديد ، لم تصلها أيادي النهب والإستغلال والفساد .. فالذي يُتاجر مع داعش بالنفط والعتاد ، لايترّدد في خَطف لُقمة الخُبز من أفواه النازحين !.
* ليسَ من النادر ، ان تحصل عائلة نازحين على عددٍ من البطانيات ، مثلاً ، أكثر من حاجتها .. فيقومون ببيعها ، لشراء أشياء أخرى هُم في أمّس الحاجةِ إليها . والأمر ينطبق على الكثير من السلع والبضائع . والنازح ( ح . ر . خ ) أعلاه ، عندما قام ببيع السيريلاك ، ليشتري الحليب لإبنه ، فإنما فعلَ ذلك إضطراراً ، وليسَ لغاية المُتاجرة او الربح او الحصول على كماليات .
* المُؤسِف جداً .. أنه تنتشر في المُجتمع ، حكايات بعيدة عن الواقع الفعلي ، ومُغايرة للحقيقة .. ويتداولها العّامة سريعاً ، لتصبح من " المُسّلمات " ! ، من قبيل : [ النازحون تَشّبعوا من المُساعدات ، ولا حاجة لتقديم المزيد لهم ] . [ النازحون يبيعون المُساعدات ويكنزون الأموال ] . [ النازحون لايريدون العودة الى ديارهم ، بعد ان تعودوا على الحياة السَهلة ] . وغير ذلك ، من هذه الأقوال السخيفة والمبتذلة .
في العادة ، ان مَنْ يُطلِق هذه الإشاعات المُغرِضة ويروجها .. هُم أما من المتمرسين في إستغلال مأساة النازحين ، لمصالحهم الشخصية .. أو المتهربين من واجب التعاطُف والتضامُن الإنساني .. او السُذَج الذين يُصّدقون بدون تمحيص ولا تدقيق .
....................
كُلما مّرتْ الأسابيع والأشهُر .. تتفاقم مأساة النازحين بصورةٍ عامة .. ورغم الجهود الكبيرة المبذولة من قِبَل الحكومات والمنظمات .. فأنها لن تستطيع تقديم ، سوى جزءٍ بسيط ، من إحتياجات النازحين ، بسبب جسامة عددهم ، وإفتقار الغالبية العظمى منهم ، لكل شئ .
النازح الذي يبيع بعض البطانيات ، ليشتري دواءاً لأحد أفراد عائلتهِ ، ليسَ مُخادعاً .
إتقوا الله .. في النازحين الفقراء .
مقالات اخرى للكاتب