أخيرأ , وجدنا والحمد لله ما نتفق عليه.. الذباب. نعم الذباب لا غيره هذا الذي هجم على بغداد من جهاتها الأربع. افترش الابواب والشبابيك وأخترق غرف النوم وصالات الطعام. قاتل الحشرات "بيف باف" انتقل الى صدارة مشتريات العائلة اليومية حاله في ذلك حال الطماطة والبطاطة واللحم المثروم. اسعاره ارتفعت بعد زيادة الطلب عليه ولا صلة لها بإختلال سعر صرف الدولار. عندما "تجيب طاري الذبان" ليس هناك من يبدي وجهة نظر مخالفة او ينظر اليك شزرا بوصفك من جماعة هذا الطرف أو ذاك تحمل هذه الأجندة أو تلك.
آخر ما كنت اتوقعه ان يوحدنا الذباب ويتفوق على كل مشتركاتنا بل يبتكر لغة مشتركة بيننا. حصل هذا نعم لكن للأسف بعد خراب .. طوزخورماتو. واحتمال سنجار. الأمثال هنا تقاس ولا اهمية بعد ذلك لأن تضرب أو لا.
مع ذلك فإن يدي على قلبي خشية أن يخرج علينا أحدهم وهم كثر والحمد الله الذي لايحمد على مكروه سواه مايجعلنا ندخل دائرة الخلاف والإختلاف من جديد بشان أحد جناحي الذبابة الذي يحمل دواء مقابل جناحها الآخر الذي يحمل داء. أتمنى أن يقدر هذا "الأحدهم" المخاطر التي تحيط بالوطن وما بات عليه العراقيون اليوم من توافق بصدد القضاء على الذباب بصرف النظر عن أي توصيف لغوي أو معرفي له.
إذا طبقنا فرضية الإختلاف والتوافق على داعش مثلا فإننا سندخل دائرة المفاهيم المغلقة ومن بينها الإرهاب. إعطوني توافقأ على الإرهاب منذ عام 2003. حتى الولايات المتحدة وروسيا صار لهما مفهومها المختلف عليه حول الإرهاب. الم يجر الحديث عن دواعش السياسة مثلا؟ الحمد الله لا يزال الموقف من الذباب سليما. لايوجد دواعش ذباب حتى لحظة كتابة هذه السطور.
هل للذباب علاقة بالمناخ؟ أقصد الطقس لا مؤتمر باريس الذي إختلفنا عليه بدء من التكليف حتى التكاليف. ومن المناخ الى البيئة المختلف على الإطاحة بوزارتها التي لم تتمكن لا هي ولا أمانة بغداد من أن تقول لخروف واحد من الخرفان التي حولت العاصمة الى "جوبة" غنم متنقلة على قرنك حاجب.
لست أريد الإبتعاد كثيرأ عن الذباب حتى لاتتسع دائرة الإختلاف ونبقى في شهر عسل التوافق حتى يحل برد العجوز فيقضي على الذباب.لكن الأمر يختلف حين ننتقل الى القوات الخاصة الأميركية حيث لاتوجد لغة مشتركة بين أي إثنين في العراق. الجميع يقول العراق يقبل. العراق يرفض. العراق يريد. العراق لا يريد. العراق قادر. العراق غير قادر. من هو العراق؟ أيصح لكل واحد منا عراقه الخاص.
هذا هو ديدننا منذ عام 2003 وحتى اليوم. ما عدا الذباب نحن مختلفون على كل شئ .. على العملية السياسية وعلى الأميركيين محررين أم محتلين. على الدستور وعلى المقاومة والإرهاب. على المحاصصة وعلى مشعان الجبوري. على الفيدرالية وعلى عالية نصيف. على قطر وعلى علي حاتم السليمان. على اردوغان وعلى بوتين. "يعيش الذباب .. يسقط بيف باف ".
مقالات اخرى للكاتب