مع ظهور أول أزمة اقتصادية تهدد البلد ومستقبله وخدماته المترنحة أصلاً وأداء قواته الأمنية وأقولها بمرارة ( الفاشل ) بسبب ترهل القيادات العليا غير المفيد، لم نسمع غير التلويح بأن قوت المواطن سيكون هو الهدف، بالرغم من حياته الصعبة الموزعة بين مطارق ضنك العيش وفرقعة السلاح والمتفجرات، التي تهد البيوت على رؤوس اصحابها، وتحصد كل يوم أرواح نخبة من شبابه الأصيل الباحثين عن العمل في حارات بغداد وكل العراق، فتفاجئهم مفخخات الإرهاب وعبواته الناسفة بالموت الزؤام .
وأنتم من كل هذا سالمون غانمون وفي مصايف الشرق والغرب قائلون، ولكن مع هذا لم نسمع غير أنكم ستفرضون الضرائب وتجبون مزيداً من الآتاوات تحت هذا المسمى أو ذاك، ولم يصل إلى مسامعنا صوتاً صادقاً جاداً واحداً يتحدث عن كثير حمايتكم وغزير نفقاتكم وتعدد سفراتكم، التي لولا استئثاركم بأموال الشعب لما أستعطتم أن تركبوا حنطور الحاج متولي كي يعبر بكم الحدود .
أقولها بصدق ودراية أنكم أول من أستأثر بأموال الوطن ويجب أن تكونوا أول من يبدأ عملية إعادة الحساب والتخلي عما وهبتموه لأنفسكم، فتجاوزتم بذلك الأمير الذي وهب ما لا يملك، لأنه يهب لغيره أما أنتم فلقد وهبتم ما لغيركم لكم، وتحصنتم بعيداً من الشعب لشدة خوفكم مما يتعرض له الشعب .
فأسمعوها مني نصيحة مستشار نصيح إذا لم تقدموا أنفسكم على غيركم بالتقشف وتحمل وزر ما اقترفتموه من أخطاء في كل سلوكياتكم وقوانينكم الملغومة بالخلل فأن عكس ذلك سيجر عليكم الويل لأن الكيل طفح والشعب متذمر بين فاقد عزيز وهائج كسر الإملاق شكيمته وكرامته فضلا عما حصل في الموصل وثلث العراق .
فلا تعبثوا مع الناس مثلما تكرر عبثكم مع كل انتخابات تتحدثون فيها عن قانوني الأحزاب والانتخاب رياء وذراً للرماد في العيون، وما أن تنتهي الإتخابات يعود كل شيء إلى أدارج رفوف الإهمال والنسيان وحتى انتخابات قادمة .
لا يغرنكم الغرور ولا تتصورا أن اللعب على أوتار الطائفية والعنصرية والمناطقية سيكون طوق نجاة دائم تتسترون به وتلعبون لصالحكم لعبتكم التي لم يعد هناك من يتقبلها إلى ما لا نهاية، خاصة وبعد أن أخذ المواطن يتساءل عن مصير مئات مليارات الدولارات التي أصبحت في خبر كان، وارتبطت بشكل وآخر مع مثيلتها التي هُربت قبل الاحتلال الأمريكي لتتقاسمها دوائر المخابرات مع العملاء والسماسرة، الذين وظفهم النظام السابق لخدمة مصالح حفنة من الطفيليين .
أن إيذاء المواطن هو بداية الهلاك لكل نظام أو دولة أو امبراطورية تنهج نهجاً مفسداً، وهذا ما أنتم فيه، والمقصود هنا تلك العناصر التي تحرك البرلمان من خلال لجانه المختلفة والتحكم بمن يدخل البرلمان، ولا يدخل، ومعهم من يؤازرهم على ارتكاب الخطيئة بحق الشعب، الذي من حقه أن يعرف من سرقه وأستحوذ على أمواله وهربها إلى بلدان اخرى، وهذا ما انتم معزفون عنه وكل ما حصلنا عليه الحديث عن تحقيقات لم نعرف نتائجها رغم مضي سنوات، والسبب واضح هو أن كل كتلة تهدد الأخرى بما لديها عن الآخرى من أدلة ومعلومات .
راجعت مع نفسي قبل أيام اسباب زوال حكم الدولة الفاطمية فوجدتها قد وقعت بنفس الأخطاء التي جعلت الشعب المصري يرحب بمقدم القائد العسكري الفاطمي الشجاع جوهر الصقلي، وما أن انتهت فترة الحكم الاولى للدولة الفاطمية التي شهدت ازدهارا ونشر الأمان والرفاهة لشعب مصر، حتى ظهرت في الفترة الثانية سلوكيات عبرت عن عمق الفساد والتناحر على السلطة، فأصبحت الدولة محل طمع من الكارهين لها، وحصل بعدها ما حصل، وهذا ما سيلحق بنا بسبب مطامعكم وسوء تدبيركم وسيرمي بنا إلى التهلكة ......مع التقدير
مقالات اخرى للكاتب