هل هذا العراق ؟؟ سؤال يحضر بقوة لكل من لديه المام ولو بسيط في تاريخ العراق الحديث ، عراق الملكية الى بداية حكم البعث غير عراق البعث واليوم ، تحركت المدنية وبدأت تشيع رويدا رويدا في المشهد العراقي المحمل بتركة الرجل المريض الثقافية والقيمية ، خطوات حثيثة افضت الى اعلاء العلم ومعطيات التحضر في المجتمع العراقي ، انحنت قيم العشائرية الى العلم ليبادر شيوخ العشائر الى تقديم المعلم وحملة العلم في صدور مجالسهم اجلالا واحتراما ، انزوى شيوخ الدين في صومعاتهم العلمية هروبا الى التاريخ يخاطبون مجتمعات الاجداد علما وسلوكا وثقافة ليحلوا مشاكل الموتى ، وكانت الفجوة التي تتسع وتتسع يوما بعد يوم بين المجتمع وبين شيوخ العشائر وشيوخ الدين ، وكانت الفجوة تنحسر يوما بعد يوم بين المدنية والتحضر وبين المجتمع....
ينقل عن ملاسنة بين نوري السعيد و محمد رضا الشبيبي وكلا الرجلين من اعمدة العراق الحديث في الاخلاص والسعي الى بناء العراق وتطوره من منطلقين مختلفين ويلتقيان في الهدف والغاية ، خاطب السعيد الشبيبي :
اسمع يا شيخنا حجايتي هذي ..يجي يوم على العراق يأخذون بنتك من بيتك وانت عاجز عن الاحتفاظ بها ..اني يا شيخ ما كاعد على كرسي رئاسة مجلس الوزراء..انا كاعد على سبتتنك .
رحل الاثنان وخرج البعث من رحم السبتتنك بعدما فشل رحمن عارف في احكام غلق السبتتنك ، جاء البعث محملا بقيم قائد الضرورة البدوية ليطرد المعلم من صدر مجلس شيخ العشيرة ويجلس اخر المضيف قرب الاحذية ، نزلت المدنية والتحضر من برج عليائها وزادت الفجوة بينها وبين المجتمع ، سقط قائد الضرور وبعثه ولم يغلق السبتتنك ، تسابق الشيخان ( العشيرة والدين ) نحو البرج العالي الذي شغر بنزول المدنية والتحضر منه ، اعتلى شيوخ الدين البرج وانتشلوا شيوخ العشائر الى دكة البرج العالي ، انفتح السبتتنك على مصراعيه ليعلوا ابنائه ويتسلطوا على المشهد ، اغشي على المدنية والتحضر وهي ترى ابنائها بين ذليل وهارب وقتيل ، استعلى ابناء السبتتنك على المشهد فلا علم ولا ادب بل خطب وشعارات صدحت منذ عهد النمروذ الى يومنا الحاضر ، ونطقت بلقيس اليوم تجتر مقولة بلقيس سليمان لتصرخ والهة :
اذا دخل الاسلام السياسي دولة افسد فيها وجعل اعزة قومها اذلة ورفع اهل السبتتنك الى الذرى.
العراق تونس مصر ليبيا سوريا ، دخلها الاسلام السياسي فكان ما كان مما لست اخبره فدونك الحال ينبئك عن الخبر ، عراقنا ضرج بدماء المدنية والتحضر التي قطع اوصالها ابناء السبتتنك ، التحقت المدنية والتحضر بالحسين (ع) تشكو له مالقت من السبتتنك ، كشف الحسين عن نحره وعن رضيعه وعن عياله قائلا : لا تعجبي فالسبتتنك قديما فعل .
ملاحظة : احترامي واجلالي لرجال الدين وشيوخه والعشائر وشيوخها ، وحديثي هنا لايشمل الاسلام السياسي كطرح بل يشمل ما نشهده ممن يمثلون الاسلام السياسي الذين تسلطوا وذهبوا بها عريضة في الفساد والتخلف والفشل والتدمير والله المستعان على ما يعملون.
مقالات اخرى للكاتب