تطورات متسارعة وتغييرات كثيرة تعيشها منطقة الشرق الاوسط التي شهدت وتشهد العديد من الهزات والازمات ومسلسل ما عُرف بالربيع والثورات التي تحولت في الكثير منها الى مصائب وصراعات وحروب مستمرة منذ عدة سنوات الى الحد الذي يهدد وجود وحدود الكثير من الدول التي لها خرائط ووجود في عالم الدول.
لقد بلغ حجم المعاناة والكوارث والثمن العالي والغالي للتغيير الذي حدث في بعض الدول مثل العراق وليبيا واليمن، والمقابل الذي ما زال مجهولاً في سوريا التي تنزف ومنذ عدة سنوات والتي تحول شعبها مع العديد من شعوب دول الربيع الى خريف وشتاء قارس البرودة والانجماد يدفع ثمنه كل يوم الملايين من النازحين والمُهجرين واللاجئين داخل وخارج اوطانهم.
كما تظهر خطورة ومأساوية ماحدث والمستمر بالحدوث هو تدخل العديد من الدول الاقليمية والدول العظمى بمختلف اسمائها وعناوينها والتي تتبجح وتنشر الكثير من بطولاتها وامكانياتها في امكانية ومتابعة ورصد ثم صيد ارهابي يقود دراجة هوائية او بخارية في مجاهل افغانستان او اليمن، وهو ما حققته في العديد من عمليات الطائرات المسيرة من غير قائد او طيار، لكننا نجدها ومع الكثير من الاستفهام والعجب تتجاهل ولا ترى مئات المركبات والآليات التي تتحرك في وضح النهار او الاضواء الكاشفة في الليل وهي تحتل مدن كبيرة ومهمة مثل الموصل او الرمادي والى حد يعادل ثلث مساحة العراق وتنشر وترفع علم دولتها الذي يتوسع الى بلدان ومدن اخرى عديدة في مشرق الوطن العربي الى مغربه وسط نوم يشبه نوم اهل الكهف للرادارات والاقمار الصناعية التي تستطيع كشف ما يقرأه مواطن بسيط يمسك بجريدة في اي مكان في العالم حسب زعمهم ومعلوماتهم.
ان الوصف الصحيح والمناسب للواقع الموجود في بلادنا اليوم اننا تحولنا الى بلاد الحدود الزائلة امام الارهاب الذي يستطيع التمدد كيفما وحسبما يريد في اراضي وحدود دول عديدة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ودول اخرى مرشحة للدخول في نادي الدول الفاشلة التي كان للصومال شرف الدخول والتأسيس لهذا النادي منذ عام 1991 بعد سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري والذي يتحسر اليوم الصوماليون على ايامه، والذي استبدلوه بحكم الميليشيات والعصابات التي تتناسل وتتناسخ باسماء ومسميات كبيرة ورنانة لكنها تبقى اسيرة مصالحها وشهواتها التي تنتهي بمجرد وصول العاصمة والسيطرة على نظام الحكم لتبدأ بعدها مرحلة القتال والاقتتال الذي بدأ والذي لا يعرف احد نهايته او منتهاه.
ومع كل هذا العنف والدماء والضحايا الذي يسقطون كل يوم بل كل ساعة ودقيقة حيث يتفنن اطراف الصراع بمختلف هوياتهم واجنداتهم في طريقة القتل واختيار طريق النهاية للضحية المسكين والذي لم يعد يعرف كيف سيموت ..ذبحاً ام حرقاً أم رمياً من بناية عالية أم سحقاً تحت آلية ثقيلة او سحلاً بسيارة ضمن موكب احتفالي او غيرها من طرق الموت التي تفننت شعوبنا في اختراعها وتنفيذها الى الحد الذي جعلنا شعوب متعطشة للموت اكثر من كوننا شعوب خلقت لتعيش الحياة التي تختفي مع كل صور وطرق الموت التي لم نذكر منها من يموت بالعمليات العسكرية والقصف الجوي والمعارك اليومية، تظهر الحاجة ملحة وضرورية لمراجعة وتقييم الكثير من الامور والقواعد التي حكمت حياتنا واوصلتنا الى هذا المصير والواقع الحزين الذي نعيش فيه بحيث تجعلنا نطالب الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان وكل من له دور او كلمة مسموعة في النظام العالمي الجديد بانشاء مناطق عازلة داخل اوطاننا وبلادنا بحيث يتوفر فيها الحد الادنى من المتطلبات المعيشية والانسانية من اجل حماية الناس المدنيين والنساء والاطفال من ظلم وقسوة اي طرف يستغل الاوضاع الموجودة بحيث يوسع دائرة العنف والانتقام الذي تمارسه مختلف الجماعات والاطراف ممن تحمل اسماء وعناوين رنانه مثل الحشد الشعبي او ميليشيات فلان او علان او حتى بعض قوات الجيش العراقي الذي فقد حياديته ومهنيته في الكثير من المناطق الساخنة في العراق.
لكن يبقى اقليم كوردستان العراق استثناءاًً مما كل ذكرناه وسجلناه في الاسطر الحزينه اعلاه حيث استطاع ببطولات البيشمركة الابطال وابنائه المرابطين على طول الحدود الطويلة التي تزيد على اكثر من الف ومائتي كيلومتر ان يحفظ امن وسلامة الاقليم من الهجمة الشرسة لقوى الارهاب التي جربت الكثير من خططها وتكتيكاتها من اجل زعزعة او احتلال اراض الاقليم لكن ارادة شعبنا كانت اقوى من كل الذين ارادوا الشر والهوان لشعبنا، حيث تتواصل مسيرة التحرير وتطهير الارضي والمواقع التي سقطت، ويشهد كل يوم تحرير منطقة او صد هجوم في تاريخ وواقع جديد في العراق والمنطقة يشهد ويشيد به كل من له ضمير او انصاف في العالم.
بطولات وتضحيات البيشمركة سجلت ولاول مرة في التاريخ الحديث عبور مئات البيشمركة (الحدود الزائلة) وهبوا لنجدة ومساعدة اخوتهم في مدينة كوباني التي كانت محاصرة وسجلوا نصراً في تحرير المدينة وحدودها التي توسعت لتضم كل المدن والقصبات الكوردستانية بغض النظر عن الحدود والدول التي تضمها ولتؤسس (منطقة عازلة) بوجه الارهاب تنعم بالامن والسلام الذي يتطلع اليه الجميع.
مقالات اخرى للكاتب