بعد الاحتلال .. وبعد إجراء الانتخابات الأولى لمجلس النواب التي جرت في عام 2006 انتخب الشعب ممثليه بعد أن كانت القوائم مغلقه .. وتم انتخاب النواب بصورة عشوائية .. حيث كانت الصورة للمواطن مشوشة وغير واضحة .. ولم يسبق أن جرت مثل هذه الانتخابات ..وفي الدورة الثانية التي جرت في عام 2010 فكانت أشبه بسابقتها ولكن رافقتها إشكالات وتأخير في إعلان نتائجها ..
تجربتـان انتخابيتان ، مثّل كل نائب فيهما مئة ألف مواطن ، من أجل تمثيله تحت قبة البرلمان .. وكان التمثيل أشبه بالفاشل .. والآن أصبحت لدى المواطن الخبرة في كيفية انتقاء النائب .. حيث سبق وان اكتوى بنار من مثله .. والسبب هو إن النائب كان يفكر بمستقبله ومستقبل عائلته أكثر مما يفكر بمن خوله ليكون الناطق باسمه تحت قبة البرلمان ، ليدافع عن حقوقه ولقمة عيشه، ولا نريد أن نقول رخاءه ، وهذا هو السبب الذي جعل الشعب يفور لفقدان الثقة .
كل نقطة تحول هامة في حياتنا مرتبطة بالطعام، ومنذ لحظة الولادة نٌستقبل بوليمة، وعند الختان وليمة... وفي الزواج وليمة... وعندما نموت نودع بوليمة تحضرها أرواحنا بالنيابة !
لا اجتماع إلا وينتهي بوليمة، ولا قرار إلا وتصاحبه وليمة، ولا صفقة فساد إلا وتعقد على وليمة ! في المنزل مطبخ، وفي الصحافة مطبخ... وفي السياسة مطبخ... وفي الانتخابات مطبخ ولطالما تفتقت عبقرية بعض المرشحين إلى قبة البرلمان وهي فكرة تكاد تكون مشتركة محورها الوليمة وشعارها ( اطعم الفم... تستحي العين) وعلى وزن هذا الإيقاع تبدأ المنافسة لاستقطاب زبون ذواق يعرف طعم فمه، ويميز ما بين لحم الغنم ولحم العجل وتحتدم النقاشات بين بعض الناخبين حول المضايف ، أيها الألذ طعاماً وشراباً ومن هو المرشح الأكثر كرماً في توزيع المقنن ومن المرشح الفائز بأطيب سمك أو دجاج ، وتزدهر سوق المقبلات وبعدها الفواكه يفوز المرشحون الأكثر اهتماماً بالبطون ويلحسون وعودهم الانتخابية كما لحس الناخــــــب أصابعه بعد وجبـة دسـمة !
هذا من الناحية الديمقراطية... إما رومانسياً... فتهتم المرأة ببطن الرجل أكثر من أي شيء آخر على اعتبار إن البطن هي اقصر الطرق إلى القلب وما تبقى يأتي لاحقاً، وهكذا يختلط الغزل برائحة الطعام اللذيذ . إما فنياً فأن أكثر الدعايات الانتخابية إثارة هي تلك التي تدور إحداثها في مطابخ بعض الفضائيات... وعموماً تكمن مشكلتنا كمواطنين في شيئين:- أولهما جوع أزلي للاحترام... وثانيهما إن البطون غالباً ما تمتلــئ ليؤشر القلم بالخطأ على مرشح لم يكن بالحسبان.. وبهذا يشرب المرشح الباذخ ( سفن آب ) لتصريف وعوده بعد إعلان نتائج الانتخابات .
مقالات اخرى للكاتب