غالباً ما أجد أنا وغيري بالتأكيد، في تصريحات علي الشلاه، النائب عن ائتلاف دولة القانون، ما يُثير الرغبة في القهقهة، بعد الدهشة والاستهجان، ولعلنا جميعاً نتذكر فرحه العارم وهو يبشرنا بأن ابنه الطفل أنفق أربعة ملايين دينار خلال شهر واحد، وهو يعبث بجهازه الخلوي، لكنه في ذلك التصريح الذي يجب أن يكون مُخجلاً لم يبلغنا من الذي سيدفع المبلغ؟ هو شخصياً، أم أنه سيحتسب على مجلس النواب، باعتبار أن السيد ممثل الشعب يصل الليل بالنهار خدمة للعراق، أو على الأقل لمن أوصله إلى موقعه، غير أن تصريحه الأخير لم يكن على شاكلة تصريحاته السابقة، وقد كشف فيه عن توجه أقل ما يقال فيه أنه شديد الخطورة على مستقبل الدولة العراقية.
يقول لا فض فوه، إن بقاء نوري المالكي رئيساً للوزراء أمر ضروري، وهي فكرة تبدو مستوحاة من الأيام التي سادت فيها على ألسنة أشباه المثقفين نغمة القائد الضرورة، باعتبار أن استمرار صدام حسين قائداً، أمر ضروري لاستمرار الحياة وعجلة الإنتاج والإبداع في مختلف الميادين، مع سؤال يتميز بالغباء المطبق ردده البعض آنذاك حول فضيلة ارتداء أبناء الفلاحين للأحذية الكاوتشوكية، بسبب سياسات القائد الضرورة، ما يدعو له الشلاه اليوم يجب أن يلقى الرفض والإدانة، خصوصاً من قادة وكوادر حزب الدعوة قبل أن يتحولوا إلى ديكور، أو مجرد أبواق لتمجيد مختار العصر.
أمر آخر خطير كشف عنه الشلاه، بدعوته لاحترام إرادة العراقيين الذين صوتوا للمالكي بنسب عالية، ما يعني حكماً محاولة الالتفاف على قرار سابق للمحكمة الاتحادية العليا، ينص على أن الائتلاف المتكون بعد ظهور نتائج الانتخابات، ويملك العدد الأكبر من مقاعد المجلس النيابي، هو صاحب الحق بتشكيل الحكومة، وليس النائب الحاصل على أعلى الأصوات، والواضح أن هناك محاولة لوضع تفسيرات جديدة، يتم تفصيلها على مقاس ولاية ثالثة للمالكي، وسيكون طريفاً جداً إن أظهرت نتائج الفرز الرسمية أن شخصا آخر غير المالكي، تمكن من الفوز بأكبر عدد من أصوات الناخبين، عندها سيكون على الشلاه والذين معه البحث عن تفسيرات جديدة، ما أنزل الله بها من سلطان.
ليس غريباً أن يردد الشلاه حرفياً ما يصدر عن المالكي، فالذين يعرفونه يدركون أن ليس لديه ما يقوله، وأن ما يمكن أن يبدعه هو أن يحفظ ويعيد، وهو لذلك يقول إن ائتلاف دولة القانون يسعى إلى حكومة أغلبية تمثل أطرافاً في كل المكونات، من أجل المضي في بناء الدولة، وعدم تكرار ما حصل في الدورة البرلمانية الحالية، ويقفز على حقيقة ستظل ماثلة في أذهان العراقيين، بأنه شخصياً كان عضواً في البرلمان المنتهية ولايته، وساهم قدر جهده في تعطيل مشاريع القوانين، التي لم تنل رضى السيد المالكي، وأنه كان واحداً من الذين "ميّعوا" العمل البرلماني وأفرغوه من مضمونه، حين اعتبروا البرلمان مجرد تابع لرئيس السلطة التنفيذية وليس رقيباً عليه.
سيكون مثيراً للأسى إن كان في البرلمان الجديد العديد من أمثال علي الشلاه، لأن ذلك يعني أن رئيس الوزراء القادم بغض النظر من يكون، سيكون قادراً على تهميش السلطة التشريعية، وإفراغ الحياة السياسية لمدة أربع سنوات من أي معنى إيجابي، وليس هناك شك بأن التصريحات الصادرة عن بعض أعضاء ائتلاف دولة القانون، وهي تدعو إلى التهدئة والعودة إلى التحالف الوطني، تذهب في هذا الاتجاه، وهو قطعاً ليس في مصلحة العراقيين، ولا الدولة العراقية المحتاجة فعلاً لغير هذا النمط من النواب.
مقالات اخرى للكاتب