تمثل المفاهيم والمصلحات المفاتيح للتواصل وانها تمثل الخطوة لعرض الافكار وانطلاقا من قول الفرنسي فولتير
(اذا اردت ان افهمك فلا بد ان توضح مصطلحاتك ومفاهيمك)، ونعيش اليوم عصراً يتوجب علينا فيه أن نحدد مفاهيمنا وبدقة، واغلب الساسه والبرلمانيين رغم مرور عشر سنوات على اعتلاهم المناصب يتداولون بمفاهيم غير واضحة( كمفهوم الاجهزه الامنيه) ويخبطها مع( العسكر) و( الاجهزةالاستخباراية) فليس من العقل أن نسارع إلى التكرار بالخطا الذي يسعى اليه السياسي كما يرد بمفردات الاخوة الاعلاميين، يمررون تعاريف لمصلحة الفكر المتصلب والمتحجر وأسلوبه في الحكم التسلطي ، وفي تصوري ان ابرز التحديات التي تواجه الامن العراقي تتمثل الجهل ببعض المفاهيم وعدم الدقة في استعمالها ، اننا نواجه ازمة عميقة في المفاهيم والتي من خلالها تولد الخلافات المتشعبه والتفسيرات الضيقة وتوجيهها بالاتجاه المرسوم لها ، وهذه إشكالية المسؤولين الذين على راس السلطه بعدم اعترافهم (بان التدهور الامني هو نتاج من تدهور الموسساتي للامن لانها لاتمتلك مقومات النجاح)واولها هوعدم وضوح المفاهيم الامنية وفق رؤيه قانونية واحاول ايجازها بالنقاط الاتية.
من هي الاجهزه الامنية ؟ وهل الجيش من القوات المسلحة ام من الاجهزه الامنيه ام خارجها ؟ الحدود الفاصله بين الاجهزة الامنيه والاجهزة الاستخباريه ؟ من الجهه المسؤؤلة عن الامن الداخلي ؟الحدود المرسومة لكل جهاز وفق القانون ومساحة عمل كل جهة ؟ وقانونية الاجراءات المتبعه من قبل كل تشكيل؟ اين توصلنا هذه الفوضى ؟ كلها اسئله تحتاج الى اجابه لكي نقف على حجم المشكلة التي تجابه امن المواطن وبالتالي نتمكن على الاقل بوضع يدنا على الكارثة التي تجابهنا او اتخاذ اية خطوه نحو الاصلاح الامني.
اولا: النصوص الدستورية:
1ـ حددت المادة (9 ) من الدستور على أن تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي وتخضع لقيادة السلطة المدنية ولا دور لها في تداول السلطة وتدافع عن العراق ولا تكون اداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها
2ـ نظمت الماده 81 من الدستورالعراقي اولا منه العلاقه بين الاجهزه الامنيه وصلاحياتها ورقابتها (ينظم بقانونٍ، عمل الاجهزة الامنية، وجهاز المخابرات الوطني، وتحدد واجباتها وصلاحياتها، وتعمل وفقاً لمبادئ حقوق الانسان، وتخضع لرقابة مجلس النواب) ولحد الان لم تصدر القوانيين التي تنظم هذه العلاقة
ثانيا : من هي القوات المسلحة بالقانون العراقي:
1ـ حدد قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) ذي الرقم 1257 في5/8/ 1980 النافذ حاليا ينص بان (القوات المسلحة، هي الجيش وقوات الحدود)
2ـ مطلع المادة( 9 ) انفة الذكرتنص بأن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بالعراق ليست كلها قوات مسلحة ، وكما تنص المادة بانها تخضع للقيادة المدنية وليس لقائد مدني أي أن هناك قيادة وليس قائد ، وكما حددت الماده 71 من الدستور صلاحيات مجلس الوزراء (تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة، والخطط العامة، والاشراف على عمل الوزارات، والجهات غير المرتبطة بوزارة)
ثالثا : من هي الاجهزة الامنية:
1ـ وزاره الداخليه وما تمارسه من اختصاصات بحكم واجباتها بحكم قانونها النافذ( رقم 11 لسنة1994) وقانون واجبات رجل الشرطة في مكافحة الجريمة (رقم 176 لسنة 1980) وتنص (تختص قوى الامن الداخلي بالمحافظة على النظام والامن الداخلي، ومنع ارتكاب الجرائم، وتعقيب مرتكبيها، والقبض عليهم، والقيام بالمراقبة المقتضاة لها، وحماية الانفس والاموال، وجمع المعلومات المتعلقة بامن الدولة الداخلي وسياستها العامة، وضمان تنفيذ الواجبات التي تفرضها عليها القوانين والاتظمة).
2ـ اوضح مجلس شورى الدوله بقرارها في 29/4/2010 إن المقصود (برؤساء الأجهزة الأمنية بالحافظات) وخلاصتها ان الجيش لم يكن من الاجهزه الامنيه وان الاجهزه الامنية تشمل (الداخليه ووزاره الامن الوطني)لانها معنيه بالامن الداخلي ، ولكن المشكلة ان وزارة الامن الوطني التي (استبدلت باسم جهاز الامن الوطني) جهة معلومات ولايحكمها قانون.
3ـ اوضح مجلس شورى الدوله بقرارها (6/2006 في 6/3/2006) المبدا القانوني (ان قوات الشرطة لاتعد من القوات المسلحة العراقية).
4 ـ وحددت (ورقة اصلاح الملف الأمني) باتفافيه اربيل المحور الرابع منه حول الاجهزة الامنية وصلاحياتها وفي مايلي نصها (1ـ اقرار قانون الاجهزة الامنية الذي يحدد الاجهزة الامنية العاملة ومهام وصلاحية كل جهاز لتحقيق حالة التكامل وتجنب التقاطعات في اختصاصات الاجهزة الامنية2 ـ ضرورة تاهيل الاجهزة الامنية بما يحقق اعلى درجات المهنية
3ـ اخضاع الاجهزة الامنية للمساءلة في مجلس النواب (وفقا للسياقات الدستورية) وسن القوانين اللازمة لفرض اشد العقوبات القانونية بالجهات التي يثبت انها تتخابر لصالح جهات اجنبية) والتي تهدف باتباع الأسس والمعايير القانونية وفق المعاييرالدولية في تنظيم إدارة شؤونها وشؤون مواطنيها, تحرص على ألا تتحول هذه المؤسسات إلى مؤسسات الرجل الواحد,ولا توفر الوظائف لفئة معينة من المواطنين, ويخضع بها جميع المواطنين للقانون ولا أحد فوق القانون.
رابعا : من هي الاجهزة الاستخبارية:
الاجهزه الاستخباريه يطلق عليها اجهزه امنيه في النظام الديقراطي (لايجوز لاي جهاز استخبارات ان يمتلك المعلومات والقبض والتحقيق والايداع والمحاكمة ... الخ (وسأوضح دور الاجهزة الاستخبارية الخبطة) .
1ـ جهاز المخابرات الوطني العراقي ـ جهة معلومات فقط تتعامل مع المعلومات وتقوم بانتاجها كمعلومات استخبارية وتقدمها الى الأجهزة الامنية ذات العلاقة بالموضوع المعلومة لمن يحتاجهايحكمه الدستور كما اسلفنا وميثاق العمل
2ـ وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحاديه بوزارة الداخليةـ جهة معلومات وتحقيق فقط يحكمها القانون وزارة الداخلية
3ـ المديرية العامة للامن والاستخبارات، جهة معلومات عسكرية فقط ويحكمها قانون وزارة الدفاع ولكن اتخذت سلطة على المدنيين بدون جواز قانوني
4 ـ مديرية الاستخبارات العسكرية ـ جمع معلومات تعبويه ويحكمها قانون وزارة الدفاع
5ـ جهاز مكافحة الارهاب ـ جهة معلومات وقبض وتحقيق وايداع ولايوجد قانون يحكم هذا الجهاز
6ـ وزارة الدولة للامن الوطني ـ استبدلت باسم (جهاز الامن الوطني) جهة معلومات ولايحكمها قانون
7ـ هناك استخبارات للشرطة الوطنية واستخبارات للحدود واخرى للكمارك
يتضح مما تقدم اعلاه ان اغلب اجهزة الاستخبارات تعمل بدون قانون وان جهاز يزحف مع مهام الجهاز الاخر من حيث الطبيعة والادوات فمثلاً وكالة المعلومات والتحقيقات الوطنية مهامها كشف ومحاربة الجريمة المنظمة في حين ابتعدت عن مهامها الى نشاطات اخرى، اما الجهزة الاستخبارية العسكرية فانها مكلفة برصد العدو الخارجي وبيان قدراته التسليحية ومتابعة افراد القوات المسلحة خشية في ارتباطهم بمجال استخبارات معادي في حين اتجهت مهامها لنشاطات اخرى ،
الاستنتاج:
1ـ القانون العراقي حدد القوات المسلحه العراقيه (بالجيش والحدود ).
2ـ ان منصب القائد العام للقوات المسلحة غير دستوري وحدد الدستور بان تخضع القوات المسلحه (لقياده السلطه المدنيه) وليس (لقائد مدني).
3ـ ان ينحصر اهتمام مكتب القائد العام للقوات المسلحة بشؤون الجيش والحدود ، وان مهام الامن الداخلي من مسوؤلية وزارة الداخلية حسب القوانيين النافذة.
4 ـ لم يتم الفصل بين مفهومين (الاجهزة الامنيه وهي الجهه المختصه بالاجراءات ) وبين ( الاجهزة الاستخباريه المختصه بالمعلومات) وغياب قانون يوضح هذه العلاقه.
5ـ الموسف ان مسودة مشاريع القوانيين (قانون وزاره الداخلية الجديد وقانون وزارة الدفاع وقانون وزارة جهاز الامن الوطني ) وحاليا بمجلس النواب ومنذ سنوات لم تشرع.
6 ـ لايزال مفهوم الاجهزة الامنيه العراقية غير واضح يحتاج الى رؤيه قانونيه ومختصين بالامن الداخلي لتحديد المفهوم بشكل دقيق بما يتناسب مع المعايير العالميه وهي خطوة باتجاة المسار الصحيح وفي تقديري هذا من اختصاص مجلس الامن الوطني العراقي.
ماهو الحل:
مضت عشر سنوات وان الوضع بهذه الفوضى ولم نستقر على المفاهيم وغياب القوانيين الحاكمة لهذه الاجهزة المنتفخه والمستنزفة لموارد الدولة بدون ان تحقق اهدافها الامنية، لابد من وقفة وطنيه لمراجعة تنظيم أجهزة الأمن العراقي وفق المعايير الدولية، بتوضيح الإطار القانوني والنصوص التنظيمية المتصلة به فيما يتعلق بصلاحيات وتنظيم مسلسل اتخاذ القرار الأمني، وطرق التدخل أثناء العمليات وأنظمة المراقبة وتقييم عمل الأجهزة الاستخباراتية، والسلطات المكلفة بحفظ النظام العام أو تلك التي لها سلطة استعمال القوة ، توصيف وتصنيف حالات الأزمة الأمنية، وشروط وتكنولوجيات التدخل فيها، بما يتناسب مع كل حالة، وكذا سبل المراقبة ووضع التقارير عن التدخلات الأمنية؛ جعل الإشراف السياسي على عمليات الأمن وحفظ النظام العام فوريا وشفافا، والمؤلم بان قوانيننا المهمه (اكلها تراب البرلمان).