في موقع الخارجية البريطانية على شبكة الانترنت توجد عبارة تقول ” ننصح بعدم التعامل مع المحافظات الوسطى والجنوبية في العراق” . عبارة موجهة لكل شركة ومستثمر بريطاني وأوروبي يريد التعامل مع العراق . إلتزامهم بالنصيحة يعني أنهم يستطيعون التعامل مع المحافظات الشمالية فقط . إذن ما قيمة المعاهدة الاقتصادية التجارية البريطانية العراقية التي وقعها البلدان قبل حوالي العام ؟ . المعاهدة وقعها في لندن وفد برئاسة وزير الخارجية هوشيار زيباري ،وباشراف من نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس ؟. ثم لماذا هذه المعاهدة ما دامت هناك معاهدة مشابهة وقعت عام 2009 ولم يبطلها أي طرف ؟ وما قيمة المعاهدتين بوجود هذه العبارة في موقع الخارجية البريطانية ؟ ولماذا لم يعترض أحد من الوفد العراقي على وجود النص أو حتى يتساءل عن جدوى المعاهدة بوجود هذه “النصيحة” التي تحول دون أي تعامل مع العراق ، اللهم الا مع إقليم كردستان فقط؟.
وجود هذه “النصيحة “يعني ما يلي :
* لا تأتي الشركات البريطانية الرصينة للعمل بنفسها في العراق بل تتعاقد وتوكل الامر الى شركات ثانوية إقليمية قتقدم إنجازا متدنيا .
* أسعار العقود مع هذه الشركات ستكون مرتفعة بحجة إرتفاع نسبة المخاطرة .
* إرتفاع أجور التامين على كل أعمال النقل والشحن مع العراق فيصبح أجر شحن الحاوية الى البصرة 1750 دولارا مقابل 750 لمثيلتها الى الكويت المجاورة . وتصبح بطاقة السفر بالطائرة الى بغداد أكثر من ضعف سعرها الى باقي الاماكن .
* لا يقتصر الامر على الشحن والنقل القادم من أنكلترا الى العراق بل من جميع العالم الى العراق كون لندن هي مقر كل شركات التامين العملاقة التي تتعامل معها الشركات العالمية .
هكذا يمكن أن نفهم لماذا أسعار البضائع الواصلة الى العراق أعلى من مثيلاتها في الدول المجاورة . هكذا نفهم لماذا سعر تذكرة الطائرة من عمان أو إستنبول الى بغداد يتجاوز السبعمائة دولار بينما سعر قرينتها من هذه العواصم الى دول أبعد من العراق لا تتجاوز المئتين وخمسين دولاراً ؟.
كل هذه الاعباء يتحملها العراق والعراقيون بسبب هذه العبارة ، التي يقول وزير التجارة البريطاني أن رفعها يحتاج الى قرار سياسي . من أين ياتي هذا القرار ؟ وما علاقة البارونة إيما نيكلسون ،صاحبة المصالح في كردستان ، بوجود أو بقاء هذه العبارة ؟ هل كان المطلوب أن تبقى مفاعيل هذه “النصيحة ” لكي تتجه الاستثمارات والشركات الى “المحافظات الشمالية فقط” ؟
هذه القضية برسم جهات القرار السياسي العليا للتعامل معها كإحدى معرقلات بناء العراق “الاوسط والجنوبي” .
مقالات اخرى للكاتب