المستشار (عبد المنعم الخطيب*) تحدث كثيراً بحكايات عن المجتمع العراقي أحداها:
عندما توفي جدي الشيخ عبد الهادي الخطيب في بداية القرن الماضي وكان يشغل وظيفة إمام وخطيب جامع شهربان خرجت جماهير المدينة من العرب في تشييعه ,
كان يتقدم المواكب مجموعة من المعممين (الصوفية) يضربون الدفوف و الطبول و يغنون , وبدأوا يهوّسون :
ثلثين الجنة لـ هادينا ... ثلثين الجنة لـ هادينا ..
سمع أكراد المدينة بالهوسة فسارعوا للأنضمام لموكب التشييع محتجين وغاضبين ولم يكن عندهم حينها (بيشمرگه ) , فطلبوا من (كبير المهاويل ) حصتهم من الجنة بأسم شيخهم كاكا أحمد كونه قائدهم الروحي في كل شهربان ونجحوا في أقناع العرب أن يمنحوهم حصّتهم بطريقة سلمية , فتم تحوير الهوسة وأضافوا أليها :
ثلثين الجنّه لهادينا
و الثلث لـ أحمد وأكراده
سمع آل بربوتي وهم (تركمان) بتلك الهوسة (الشمولية) و هبّوا عن بكرة أبيهم للوصول الى مقدمة الموكب لمقابلة (كبير المعممين الصوفية) وكان رجلاً كريماً لايغدر بحقوق الناس وأخبروه بمدى الغبن الذي لحق بهم , فقرر تحوير الهوسه لتكون منصفة للبربوتيين بأعتبارهم ركناً أساس في شهربان و صارت بعد التعديل :
ثلثين الجنه لـ هادينا
والثلث لـ أحمد وأكراده
وشويه شويّه لبربوتي تعادل جنتنا و مابيها !
تلك الحكاية الحقيقية التي حصلت في عشرينات القرن الماضي تصوّر مايجري في بلدنا الآن حيث تتصارع الكتل والرئاسات و الأفراد من أجل مكسب أو سلة عنب أو أستكان شاي , الجميع عيونهم على قضمة سريعة تشبع مالديهم من جشع و سعار , البلد أمام أخطار جسيمة و البعض يستهويه أشباع الرغبات , السيد رئيس الوزراء المكلف العبادي يحاول العمل بكل مايملك من قدرة لأنقاذ العراق ومعه بالتأكيد آخرين فلا يعقل أن يكونوا جميعهم معميين بالأطماع , صحيح أن الساسة لديهم أستحقاقات حصلوا عليها بالأنتخاب , لكن الواقع عسير يحتاج زهد وتنازلات , ونعول أيضاً على شخصية السيد سليم الجبوري فهو يملك هدوءاً و ثقافة يمكن أن تستثمر في رسم طريق للتغيير للوصول الى بر الأمان , وهو أبن ديالى التي تضم (المقدادية وشهربان) فلا نريد له أن ينظر الى رئيس الوزراء المكلف على أنه حكر لقبيلة (عباده) أو لمكون بالذات , ولجماعة أتحاد القوى والكردستاني والتحالف و القطعات المتصارعة نقول , مللنا وهرمنا و طلع الشيب في أذقاننا وحتى في مناطق نستحيي وصفها , نسألكم الكف عن ترديد الهوسات المفرّقة للجماعات , لا نريد أن نسمع :
ثلثين الطكَ لأهل ديالى
والثلث الباقي لعباده
هذا ألك هذا ألي
وضاع كولشي حتى گحف الگير و قبله الدجاجه والطلي !
..........................................
* عبد المنعم الخطيب من السلك الدبلوماسي عمل ممثلاً للعراق لأربعة عقود ونشرت له طرائف على لسان الكتاب في صحف لندن
مقالات اخرى للكاتب