قد يتوهم اعداء التغيير والاصلاحات بنجاح مسعاهم بفت عضد العراقيين المتظاهرين والنيل من حماستهم ، من دون ان ينتبهوا الى ان خلوا ساحة التحرير من محاسيبهم وازلامهم قد جعل الانظار كلها تتجمع حول جماعات الحراك المدني المتنوعة التي تميزت شعاراتها ومنذ الجمعة الاولى بالدعوة الى دولة مدنية تنزه الدين عن ممارسات الملتفعين  والمتسترين بعباءتهوهو بما يحمله من قيم ايمانية اطهر من كل ممارساتهم الفاسدة .. صحيح ان  زخم  الحضورالجماهيري في ساحة التحرير وما حولها في الجمعة الخامسة لم يكن كما الجمع السابقة ، لكن المراقب يمكن ان يلحظ اتساع رقعة ومساحات الحراك المدني وحضوره القوي في الساحة  بمختلف مسمياته وهو عامل ايجابي اذا ما استمر وتوحد وتمكنت قياداته الشابة من تخطي وتجاوز حالة الفرقة وتشتت الجهد خاصة وان جميعها تلتقي تحت خيمة العراق وهي تهتف ( خبز حرية .. دولة مدنية ) و( بغداد ما تسكت بعد ). ويبدو ان الساعين لعرقلة التغيير قد شعروا بان محاولة افتعال المشكلات وتحويل مسار التظاهرات من طبيعتها السلمية قد فشلت ، فلجأوا الى اساليب اكثر خبثاً وذلك من خلال تكليف اشخاص يتوزعون هنا وهناك بين المواطنين  الذين يأخذون قسطاً من الراحة في اطراف ساحة التحرير ويفتعلون الاحاديث معهم عن جدوى التظاهر واسبابه وتدريجياً يصعدون نبرة حديثهم ويطلقون التهم الجاهزة والمألوفة على جماعات الحراك المدني  ويدعون بكل وضوح الى عدم الحضور للتظاهرة لانها  شيوعية كافرة و بعثية صدامية وعلمانية وغير ذلك من الخطابات الممجوجة والمفضوحة الهدف ، بل ان مجموعة منهم اتخذت مكانها في بداية الشارع المؤدي للسنك وعلى مقربة من الشرطة تتحدث بصوت عالي ومسموع عن مبالغ يتقاضها المتظاهرون وهم يؤشرون على تجمع الحراك المدني الذي بدأ صوته يهز مضاجع الفاسدين وهم يرددون (هذا العراق ينادي .. وين الوعد يعبادي ) في اشارة واضحة لرفضهم عمليات التسويف والمماطلة والدعوة الى تطبيق حقيقي لحزمة الاصلاح التي بقيت من دون تنفيذ رغم مباركة المرجعية لها والتفويض الشعبي ناهيك عن تفويض مجلس النواب لرئيس الحكومة . واذا كان من الطبيعي ان تكون انتماءات وتوجهات المشاركين في التظاهرات الفكرية  والدينية والقومية والاجتماعية مختلفة فتجد بينهم الشيوعي والقومي والليبرالي والديني المتنور .. المسلم والمسيحي والصابئي والايزيدي .. العربي والكردي والتركماني  وغير ذلك ،فان من اكثر من الطبيعي ان تذوب كل هذه التسميات والولاءات في ساحة التحرير  وهو ما حاصل فعلياً ،فيجتمع الكل تحت خيمة العراق التي تتسع للجميع  ويهتفوا بصوت واحد ضد المحاصصة بكل انواعها التي اضعفت الوطن وعرقلت بناء دولة مؤسسات تكون المواطنة وحدها العنوان الاكبر والاسمى على كل العناوين الفرعية  الاخرى ..ما يفرح اكثر ان المواطنين لم تعد تنطلي عليهم اساليب المفسدين وسراق مال الشعب وازلامهم  ولم تعد تخيفهم مثل هذه الاتهامات فكسروا حاجز الخوف فبادر البعض بتسفيهها والضحك على اصحابها حتى ان مجموعة منهم شعرت بالحرج عند مطالبة مواطن لمجموعة منهم  باخذه الى المكان الذي يدعون انه يوزع الاموال على المواطنين..!!اخيراً لابد ان نحذر من محاولات حيتان الفساد وخبثهم ونحسب ان انجع طريقة وافضل ما يمكن ان نواجه به شرهم هو العمل على توحيد تجمعاتنا وترجمة شعار العراقيين( ويلي عليهم ويلا .. والشعب بعده بحيله ) الذي يحذر فيه هؤلاء من المراهنة على التعب والملل الى واقع .. لست ناشطاً بما تعنيه هذه الكلمة من شرف المبادرة لكنني كمواطن  جاوز عمره الستين اعتدت ان اتظاهر كل جمعة لاسهم في الاقتراب من حلم طال انتظاره وهو ما يجعلني ادعوا النشطاء في التنسيقيات سواء ما كان منها في بغداد او المحافظات لان يكون  صوتنا واحد لتنظيف العراق من المفسدين وبدء مشوار التغيير الجذري بعد كل سنوات القهر والحرمان .