لم تسنح الفرصة للكثير من ابناء الشعب العراقي لمشاهدة الجحافل العسكرية وهي تستعرض قوتها وتثير الزهو والعنفوان منذ سنوات خلت كما هو الحال في الارتال العسكرية التي توجهت الى محافظات الشمال وتحديدا الى كركوك والمناطق المتنازع عليها على خلفية التصعيد العسكري والتهديد باستخدام القوة من قبل المركز والقوة المتبادلة من قبل الاخوة الاعزاء في قيادة اقليم كردستان بسبب تشكيل قيادة قوات دجلة والاحداث الدامية التي أعقبت تشكيل هذه القوة في منطقة طوز خرماتو وراح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوات الحكومية ذهب ذكرهم وسط ضجيج التصريحات وطبول الحرب.
ومشكلة المناطق المتنازع عليها ليست وليدة تشكيل قيادة قوات دجلة المثيرة للجدل لكن إثارتها من جديد جاءت في وقت يحتاجه الطرفين فالحكومة المركزية في بغداد بحاجة الى ايجاد عدو قوي تستطيع من خلاله لملمت شتات صفوفها ومعجبيها الذين بدأ عقدهم بالانفراط بسبب سياسة صنع الازمات ولا يوجد عدو افضل من الكرد يمكن من خلالهم صرف الانظار عن ملفات الفساد التي تزكم رائحتها الانوف والتي وصلت ادرانها الى اذيال رئيس الحكومة اضافة الى سوء الادارة وانعدام الخدمات وتفشي البطالة واتساع رقعة الفقر وتدهور الوضع الامني كما ان المالكي ومن خلال مستشاريه العمالقة رأى ان تحويل الصراع من صراع طائفي الى صراع قومي في ظل وجود قاعدة فكرية مهيأة لإنبات مثل هذه العداوة والتي اعتبرها رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في فترات سابقة استعداء للكرد امر جديد يستحق المجازفة وقد وجد هذا العداء من يتجاوب معه الا ان وهجه ليس كما يعتقد رئيس الحكومة لان الناس ملت الحروب وصناعة الازمات وتنبهت الى اسباب خلق هذه الازمات، اما على الطرف الاخر فان مشكلة طوزخرماتو كانت مفيدة جدا للسيد بارزاني لانها وحدة الكرد وجعلتهم يلتفون حوله ويتناسون كل اثامه بل ان احد المناوئين لبارزاني حمل المالكي مسؤولية النجاح الذي حققه رئيس اقليم كردستان بافتعال ازمة طوز خرماتو .
المهم ان ما جرى في ازمة طوزخرماتو كان مفتعلا لغاية انتخابية لدى الطرفين الا ان ما يجري في بابل من قتل وتهجير وقطع للطرقات واستباحة لدماء الزوار الشيعة خاصة في مناطق شمال بابل امر لا يخدم النخبة السياسية في هذه الايام لذا فان التعامل مع هذا الملف ليس مهما ولا يستحق العناء رغم ان مجلس محافظة بابل أعطى العذر من نفسه واعلن عجزه عن معالجة الخروقات الامنية اليومية مطالبا وزيري الدفاع والداخلية عدنان الاسدي باعتباره الوزير الفعلي للداخلية وسعدون الدليمي وزير الدفاع وكالة للتدخل ومعالجة المشكلة ومساعدة المحافظة المنكوبة بنوابها ولا مبالاتهم.
ان بامكان الحكومة المركزية وحكومة الاقليم اذا كانت جادة فيما ذهبت اليه من دعواها بان قواتها جزء من الجيش العراقي ان تتوجه بهذه الجحافل الى محافظة بابل وتنتشر في مناطق المحاويل والمسيب وجرف الصخر والاسكندرية والبحيرات وتسحق الارهاب والارهابيين وتريح البلاد والعباد من هذه الشراذم الذين اتقنوا لعبة استباحة دماء الابرياء في ظل عدم مبالات الجهات المختصة وضعف الاجهزة الامنية وهذا العمل فيه رضا لله وفيه زيادة في أصوات الناخبين وهو افضل بكثير من تمزيق الصف الوطني وتقطيع اوصال العراق التي يسعى اليها قتلة ومجرمي وإرهابيي بابل .
مقالات اخرى للكاتب